تحت عنوان " الإخوان والخليج" تساءلت مجلة "فورين بوليسى" الامريكية عن سبب زيادة قلق جماعة الإخوان المسلمين تجاه قادة دول الخليج فى الآونة الأخيرة أكثر من أى وقت مضى. وقالت المجلة إنه مع تنامي التوترات في القاهرة على إثر قرارات الإخوان المسلمين السياسية المتقلبة، تزداد شكوك الجماعة حول وجود دور لدول النفط الغنية في الخليج ، فيما يحدث فى مصر من أحداث. وعلى وجه الخصوص، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها واحدة من الخصوم الرئيسيين لجماعة الإخوان. فقد تدهورت العلاقات لدرجة أن أحد قادة الإخوان الكبار اتهم مؤخرا دولة الإمارات العربية المتحدة، التى يعمل بها أكثر من 300 ألف من المصريين، بتمويل المعارضة في مصر. الإمارات والإخوان وأشارت المجلة الى أن الإماراتيين واجهوا لأول مرة الإخوان المسلمين حتى قبل أن تكون لهم دولة يحكمون فيها. ورحبت دولة الإمارات العربية المتحدة، جنبا إلى جنب مع الدول الأخرى في الخليج العربي، في البداية بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين فروا من الاضطهاد على يد الرئيس المصري الراحل "جمال عبد الناصر" في خمسينيات وستينيات القرن الماضى، وازدهرت أوضاع الإخوان في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تعلموا هناك واحترفوا المهن المختلفة وحصلوا على فرص العمل في مختلف الوظائف والمناصب العامة والخاصة، بما في ذلك القطاع القضائي والتعليم ، وبعد ثلاث سنوات من استقلال دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، تأثر مواطنو الإمارات بهؤلاء الوافدين الجدد الذين أسسوا رسميا فرع " الاخوان المسلمين" فى الإمارات للإخوان والمعروف باسم ("الإصلاح"). بداية الصدام ولكن سرعان ما دخل أعضاء "الإصلاح" فى صدام مع الحكومة الإماراتية، وفقا لما قاله عضو سابق فى الجماعة، حيث عدل الفرع الاخوانى من أنشطته الحميدة سواء الثقافية أو الرياضية أو العمل الخيري والأنشطة الاجتماعية، إلى الأنشطة السياسية. وفى أوائل التسعينيات من القرن الماضى، كان القطاع القضائي والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة على نحو فعال دولة داخل الدولة. وأوضحت المجلة أن قادة الإصلاح كانوا على ثقة من أن أعضائهم والمتعاطفين معهم، سيسيطرون في غضون فترة قصيرة على الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية ، مثل نقابة المعلمين ونقابة القضاة، وذلك بما يخدم مصالح الاخوان . دور تركيا وفي عام 2006، بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة تجديد تكليف أعضاء جماعة " الإصلاح" الذين عملوا في مجال التعليم بالنقل إلى وظائف أخرى، فى خطوة هدفها تقليل تأثيرهذه الجماعةعلى الشباب الإماراتي. ومنذ أن اصبح أعضاء الإخوان في وضع لا يسمح لهم باختيار الفائزين بالمنح الدراسية، حاولوا إنشاء اتحادات طلابية إماراتية في بلدان بعيدة مثل أستراليا لتجنيد أعضاء جدد. ومع ظهور حكومة إسلامية معتدلة في تركيا ، أتيح لأعضاء جماعة " الإصلاح" موقعا مثاليا للتواصل مع أعضاء الإخوان في منطقة الشرق الأوسط ، وعقدت بعض الإجتماعات تحت رعاية حكومات غربية وجمعيات أهلية ، مما دفع دولة الإمارات العربية المتحدة لإغلاق عدد من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات البحثية.
وفي العام الماضي، توترت العلاقات من سيئ إلى أسوأ، حيث أطلقت الحكومة الإماراتية حملة وطنية ضد جماعة "الإصلاح" ، واعتقلت العشرات من أعضائها والمتعاطفين معها واغلقت الشركات التابعة لهم ، بل ذهبت أبعد من ذلك ، باتهام الجماعة بإنشاء "جناح مسلح" في البلاد. واشارت المجلة الى ان السبب الرئيسىى لعداء لدولة الإمارات لجماعة الإخوان المسلمين هو الخوف من أن الجماعة ، على عكس الأحزاب الرئيسية أو الكتل الأخرى التى تشكلت فى البلاد، تدين بالولاء لشبكة اسلامية عالمية يرأسها المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ولا تدين بالولاء للدولة والوطنية. الأحداث فى مصر وقد تفاقمت هذه المخاوف فقط بعد التطورات الأخيرة في مصر ، حيث بدى الرئيس "محمد مرسى" مصمما على تعزيز مصالح الإخوان على مصالح جميع المصريين. وتعتبر الروابط السرية بين أعضاء" الاصلاح" وجماعة الإخوان المصرية ، هى العقبة الرئيسية أمام بناء علاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والحكومة المصرية الجديدة . كما أن تاريخ الإخوان من عدم الوفاء بالوعود لشعوبهم أيضا لا يبشر بالخير. قطر تدعم الإخوان واكدت المجلة أن الخلافات بين دول الخليج حول جماعة الإخوان تشكل خطوط المعركة السياسية بين تلك الدول. وعلى سبيل المثال تتمتع قطر بأفضل العلاقات مع الإخوان ، وتقدم لهم المساعدات المالية، والإعلامية عبر قناة " الجزيرة " الفضائية التى تعمل على خدمة الجماعة ، أما دولة الإمارات العربية المتحدة، فتشن حملة على الإخوان، وتضع نفسها فى مواجهة مع دولة قطر المجاورة. السعودية مترددة وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة لجماعة الإخوان المسلمين مع قطر، إلا أن الجماعة أكثر حرصاعلى بناء علاقات مع المملكة العربية السعودية، وفقا لمصدر خليجى بارز، حيث دعم الإخوان موقف الحكومة السعودية تجاه إيران، المنافس الإقليمي الرئيسي للمملكة. ومع ذلك، لا يزال القادة السعوديين متشككين تجاه الجماعة، حتى بعد وفاة الأمير "نايف بن عبد العزيز" وزير الداخلية السابق، الذي كان معروفا بكراهيته للإخوان، ورغم دعم السعودية للمعارضة السورية ، الا انها ترفض بشدة ان يقود الاخوان المعارضة فى سوريا ولاتزال تضع قيودا على دعم الاخوان هناك . أما بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فقد أصبحت جهودها للقضاء على الأنشطة غير القانونية للإخوان المسلمين أيضا اختبارا للقضاء في البلاد، فقد احتجزت الإمارات العربية المتحدة العشرات من المواطنين لعدة أشهر دون محاكمة كجزء من هذا الجهد، ورغم أن قوانين دولة الإمارات العربية المتحدة تمنح كل مواطن الحق في محاكمة شفافة، دعا "عبد الغفار حسين" الرئيس المعين من قبل الحكومة الاماراتية لجمعية حقوق الانسان، النائب العام الإماراتى إلى وضع حد لاستجواب المعتقلين في أقرب وقت ممكن وتقديم المعتقلين للمحاكمة." واضاف "عبدالغفار حسين " أن الإمارات العربية المتحدة هي دولة صغيرة، وربما يكون مفهوما سبب مخاوفها من منظمة عالمية تستخدم الدين كوسيلة لتحقيق السلطة السياسية، ولكن أفضل طريقة لمواجهة هذه المخاطر ليس فقط من خلال الإجراءات الأمنية، ولكن أيضا مع التعليم السليم، والقوانين العلمانية الأقوى، والإصلاحات السياسية التي تسمح لمواطني دولة الإمارات أن يكونوا أصحاب المصلحة في تنمية بلادهم. كما ان الضغط الدولى مطلوب ولم يضر احد ، ويمكن للولايات المتحدة، التى ساعدت على تمكين الإخوان المسلمين في المنطقة، أن تنصح "مرسى" بأنه من الأفضل أن يحكم كرئيس لمصر وليس لجماعة الإخوان المسلمين .