ما يجري الآن في جمهورية مصر العربية الشقيقة من مظاهرات وانقسامات حادة بعضها أدى إلى إراقة دماء بعض المصريين يتطلب من العرب جميعاً من المحيط إلى الخليج أن يتوجه إلى الله عز وجل أن يحفظ مصر ويجنب شعبها مخاطر الحرب الأهلية التي يتمناها ويخطط لها أعداء مصر وأعداء الأمة العربية، خاصة العدو الصهيوني والإدارة الأمريكية والغرب عموماً. لا شك أن أي ثورة من الثورات تمر بعدة مراحل ومخاض عسير حتى تحقق أهدافها، وصحيح أيضاً أن الثورة تأكل أبناءها أيضاً، وصحيح أيضاً أن لكل ثورة أعداء يحاولون عرقلتها وإجهاضها، وثورة 25 يناير المصرية تمر الآن بهذا المخاض من أجل الوصول إلى أهدافها لكن ما يحدث الآن ينذر بخطر الإجهاز والقضاء على هذه الثورة لأن من يمسك بدفة الرئاسة الدكتور محمد مرسي لم يرتق بعد إلى ترجمة أقواله إلى أفعال بل إنه متردد ومتأرجح في قراراته التي اتخذها وتراجع عنها أمام الشعب، فنحن نعلم أن الرئيس مرسي أعلن أنه رئيس لكل المصريين بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية لكنه لم يترجم هذه الأقوال إلى أفعال بل وجدناه انحاز إلى جماعته الأخوان المسلمين، خاصة عندما خاطب هذه الجماعة في الاتحادية ولم يوجه كلمته إلى شعب مصر من خلال وسيلة إعلام أو ساحة عامة للشعب، كما أنه مصر على الاستفتاء الدستوري رغم انسحاب أغلب القوى المشاركة في صياغته وبقي في اللجنة جماعة الإخوان المسلمين وهي التي رسمته وصاغت بنوده مما يفقد هذا الدستور الروح التوافقية التي تجعل من هذا الدستور دستوراً لكل الشعب. إن الحكمة تتطلب اليوم من الرئيس مرسي أن يترجم أقواله إلى أفعال، خاصة ما التزم به بأن يكون رئيساً لكل المصريين، وهذا يتطلب منه حماية الشعب المصري من الانقسام الحاد أو الذهاب لا سمح الله إلى حرب أهلية يخطط لها أعداء مصر وأعداء الأمة العربية، ويتطلب منه أيضاً تأجيل الاستفتاء على الدستور حتى يحصل التوافق عليه من قبل قوى الشعب المصري وألا يتسرع بمثل هذه الخطوة والذهاب إلى عرضه للاستفتاء يوم الخامس عشر من هذا الشهر، خاصة أن الرئيس يرى ويشاهد ملايين الشعب المصري في الميادين يرفض هذا الدستور. لقد تراجع الدكتور مرسي عن عدة قرارات اتخذها وهذا لا يعني أنه يرتكب خطأ، بل تراجعه هذا يعتبر فضيلة لأن الاعتراف بالخطأ فضيلة، ونتمنى أن يتخذ الرئيس مرسي فضيلة أخرى بالتراجع عن قراره حول الدستور المختلف عليه، الذي لم يحظ بالتوافق عليه وهو إن فعل ذلك، فإنه يفوِّت الفرصة على أعداء مصر وأعداء الأمة العربية، فرصة الانقضاض على ثورة 25 يناير المجيدة. إننا نتوجه إلى الله عز وجل أن تسود الحكمة في إدارة المرحلة الحالية في مصر لأن مصر هي القيادة والريادة للأمة العربية.. لهذا نقول: يارب .. احفظ مصر. نقلا عن صحيفة الحياة