لا يزال الحديث موصولاً بتلك التداعيات المتلاحقة بدءاً من العوار الدستوري ومروراً بمحاولة تمرير مسودة الدستور في غير أناة وانتهاء بحصار المحكمة الدستورية في سابقة خطيرة تمثل الصدمة في جبين دعاة الديمقراطية وأحسب أن جميعها ساهمت في شرخ الصف وإحداث مزيد من الفرقة والانقسام، وهذه أروقة الدولة تتوالي فيها الاجتماعات وتتواصل في سباق محموم دون أن تلمس الجماهير المحتقنة ثمة بادرة أمل في انفراج الأزمة بصورة تبعث علي التوجس في صدق النوايا فتزداد خيوط كرة الصوف تشابكاً وأكثر تعقيداً وتعود إلي ساحات الميادين كرة البنج بونج ملتهبة تتقاذفها الأهواء. وقد وجدتي أتخير لنفسي أن أذهب مذهب سعد بن أبي وقاص في الفتنة الكبري حينما قال: «لا أقاتل حتي تأتوني بسيف يعقل ويبصر وينطق ويقول أصاب هذا وأخطأ ذاك».. لا أشايع فريقاً علي فريق غير أني أجتهد متحرياً الصواب ما استطعت إلي الصواب سبيلا، فالمشهد قاتم وأرانا علي أعتاب فتن كقطع الليل المظلم وحمامات من الدماء توشك أن تفتح أبوابها اللهم جنبنا شرورها.. آمين. فلا مخرج في تأملي إلا بإيثار العافية وإنكار الذات والسمو بمصلحة الوطن فوق الجميع، لقد أعربت الهيئة القضائية غير نفر قليل وعلي رأسها محكمة النقض للمرة الأولي في تاريخ القضاء المصري عن استيائها من الإعلان الدستوري وعدم شرعيته في الافتئات علي سلطانها واستقلالها، فعبرت جمعياتها العمومية عن غضبها بتعليق العدالة - الحدث الجلل - وما أدراكم بغياب العدالة! ولست مبالغاً - والإحصاءات تسبقني - إذا ما قلت إن هذه التداعيات أصاب لعابها اقتصادنا الرهيل في مقتل، من المؤسف أن تقابل الأطروحات والحلول المقترحة للخروج من الأزمة أياً كانت وجاهتها من قبل المتحدثين باسم الرئاسة بعبارات تحمل صلفاً وعناداً وكأن الكلام دونهم محرم، ولسان الحال يقول كيف يستوعب من لا يقرأ ومن يقرأ الحروف بالمقلوب! فها أنا أدعو الرئيس وكل الأطراف المعنية والإعلام بوصلة المواطن البسيط إلي حديث يخلصونه للحق وللحق وحده ما وسعهم إخلاصه للاتفاق علي الخروج من هذا النفق المظلم إلي كلمة سواء من أجل وحدة الوطن وسلامته مذكراً إياهم بما قاله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه موصياً وناصحاً لأبي موسي الأشعري «لا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك وهديت إلي رشدك أن ترجع عنه، فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل». فهل نحن عازمون بإخلاص للعودة إلي جادة الصواب؟.. أم أن الطريق إلي الكارثة صار ممكناً!!.. السيد الرئيس.. لطالما كتبت لك غير مرة أنه لن يغني عنك من الله أحداً فتحري معاونيك قبل فوات الأوان. عاطف الجلالي - المحامي