مهما مرت السنوات يبقى الموسيقار بليغ حمدى، ملحنًا من النوع الفذ الذى أبهر الجميع بألحانه المتطورة منذ النصف الثانى من الخمسينيات حتى رحيله، بليغ الذى تحل ذكرى رحيله ال27 السبت المقبل، موسيقار عاشق لمصر، ومبدع من نوع فريد، ويبقى علي الدوام ظاهرة متفردة فى عالم التلحين، ولما لا، وقد تبنى الراحل محمد فوزى موهبته فى بداية المشوار حينما رشحه لكوكب الشرق أم كلثوم. كانت بدايته الحقيقية عام 1957، بأغنية «تخونوه» للعندليب الراحل عبدالحليم حافظ وهو الأمر الذى جعل كوكب الشرق أم كلثوم تتعرف عليه وتقبل بترشيح «فوزى» له لتلحين أغنية «حب إيه» عام 1960، كلمات عبدالوهاب محمد وكان عمره وقتها 29 عامًا، حققت الأغنية نجاحًا هائلًا وتفوق الموسيقار الراحل على نفسه فى تلحين العديد من أغنيات أم كلثوم، من ينسى الروائع التالية «بعيد عنك حياتى عذاب»، «كل ليلة وكل يوم»، «ظلمنا الحب»، «سيرة الحب»، «أنساك»، «ألف ليلة وليلة»، «فات الميعاد»، «الحب كله» وأخيرًا «حكم الهوا علينا». استطاع بليغ أن يكون شيئًا مختلفًا فى حياة كوكب الشرق بعيدًا عن الألحان «السنباطية» و«الوهابية» وأن تكون هذه الألحان الرائعة حالة خاصة فى مشوار أم كلثوم. حدث ولا حرج عن مشوار بليغ مع العندليب الراحل عبدالحليم حافظ، عشرات الألحان الرائعة ما بين العاطفية والوطنية، ألحان «دغدغت» مشاعر الملايين، الأغنيات العاطفية ما أروعها: «الهوى هوايا، جانا الهوى، أعز الناس، زى الهوى، ماشى الطريق، مداح القمر، موعود، حاول تفتكرنى، أى دمعة حزن لا، وأخيرًا حبيبتى من تكون، والأغنيات الشعبية سواح، على حسب وداد، التوبة. والروائع الوطنية التى عبرت عن مصر فى زمن الانكسار والانتصار «عدى النهار»، تلك الأغنية الخالدة التى عبرت عن أحاسيس المصريين بعد أيام من نكسة 1967، تأليف الراحل عبدالرحمن الأبنودى، والأغنية الرائعة «البندقية اتكلمت» و«المسيح فدائى»، و«عاش اللى قال». ألحان خالدة باقية مهما مرت السنون وكان الشاعر الراحل محمد حمزة قاسمًا مشتركًا فى هذا النجاح وتلك الأغنيات الخالدة ومع رفيقة عمره المطربة الراحلة وردة أبدع بليغ أروع الألحان: «العيون السود، وأنا مالى، لو سألوك، حكايتى مع الزمان، وحشتونى، ولاد الحلال، اسمعونى، معجزة، ومالوا، آه لو قابلتك من زمان»، ولا ننسى «وأنا على الربابة»، موقف بليغ العاشق لمصر، بعد إذاعة نبأ العبور توجه بليغ على الفور لمبنى الإذاعة والتليفزيون ودخل المبنى وسط ظروف صعبة للغاية ليبدع ألحان النصر فى نفس اليوم 6 أكتوبر 1973، ظهرت أنشودة «باسم الله» والعديد من الأغنيات التى عبرت عن النصر المجيد لعل من أشهرها «وأنا ع الربابة» ولا ننسى رائعة «بودعك» التى كانت نهاية قصة الحب بين وردة وبليغ. عطاء بليغ امتد لجميع المطربين والمطربات تقريبًا، كان اسم بليغ كفيلًا بنجاح أى أغنية، من ينسى ألحانه للراحلة العظيمة شادية «قولوا لعين الشمس، عالى،» ورائعة «يا حبيبتى يا مصر» واحدة من أروع الأغانى الوطنية على الإطلاق وألحانه الرائعة لنجاة الصغيرة «أنا باستناك، وسط الطريق سكة العاشقين، يا خسارة نسى، الطير المسافر، ليلة من الليالى، حبك حياتى». من ينسى لبليغ اكتشافه للمطربة الرائعة عفاف راضى 1970، ولحن لها أروع ما غنت: «والنبى ده حرام، ردوا السلام، تساهيل، عطاشى، كله فى الموانى، شبيك لبيك». وألحانه الرائعة للراحل محرم فؤاد: «سلامات يا حبايب، والنبى لنكيد العزال، يا غزال اسكندرانى، تعب القلوب، آدى حالك يا هوى»، وألحانه لهانى شاكر «خايف عليه، عومنى فى بحر عينيك، هو اللى اختار»، ولحن للراحلة صباح «عاشقة وغلبانة» ولحن لكروان الشرق الراحلة فايزة أحمد رائعتها «حبيبى يا متغرب» 1982، تأليف عبدالرحيم منصور. ولا ننسى ألحانه للمطرب الراحل محمد رشدى التى كسرت الدنيا فى منتصف الستينيات «عدوية» و«تحت الشجر يا وهيبة» و«ميتى أشوفك»، ولحن للراحل محمد العزبى أشهر أغانيه «بهية» 1971، التى حققت نجاحًا إسطوريًا، ولا ننسى أنه لحن أول أغنية لعلى الحجار عام 1977، وكانت بعنوان «على قد ما حبينا» وكانت سببًا فى شهرته. ولا ننسى ألحانه للمطربة السورية ميادة الحناوى، «الحب اللى كان» التى كتبها بنفسه و«فاتت سنة» و«أنا بأعشقك». عبقرية بليغ تخطت كل الحدود، ففى 1972 حينما طلب من الرئيس الراحل أنور السادات تلحين ابتهالات وأدعية للشيخ سيد النقشبندى الذى اعترض بشدة على هذا الاختيار وألحّ الإذاعى الكبير الراحل وجدى الحكيم على النقشبندى لقبول هذا العرض وقال بليغ للنقشبندى: سوف أبدع على ألحان تعيش أبد الدهر وبالفعل حينما استمع النقشبندى ل«مولاى إننى ببابك» أصيب بالذهول وقال بليغ «ده واد جن». وتعتبر ألحان بليغ للنقشبندى من علاماته الفنية البارزة. كانت هذه الكلمات مجرد مراحل ومحطات فى حياة بليغ لكنه فى الحقيقة كان موسيقارًا غزير الإبداع، ما بين تلحين مئات الأغنيات والمسرح الغنائى، والدراما الإذاعية التى أبدع من خلالها روائع لا تنسى «ماشى الطريق» لحليم فى مسلسل «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» و«الله يا زمن» لشادية. انفعاله بقضايا وطنه بدون أى مبالغ، يقول إن بليغ ظاهرة من الصعب تكرارها، ملحن متطور بمعنى الكلمة لكنه فى نفس الوقت حافظ على أصالة الأغنية والموسيقى العربية، رحمة الله على موسيقار مصر المبدع بليغ حمدى الذى رحل عن دنيانا يوم 12 سبتمبر عام 1993. أرقام فى حياة بليغ 1957 أول ألحانه لعبدالحليم «تخونووه». 1960 أول لحن لكوكب الشرق «حب إيه». 1965 «عدوية» لمحمد رشدى. 1967 «عدى النهار» لعبدالحليم. 1970 اكتشف عفاف راضى. 1971 لحن أغنية «موعود» لعبدالحليم وحققت نجاحًا هائلًا. 1971 «يا حبيبتى يا مصر» لشادية. 1972 تزوج من المطربة وردة. 1972 لحن مجموعة من الابتهالات للشيخ سيد النقشبندى. 1973 لحن «على الربابة» لوردة. 1974 لحن لعبدالحليم «أى دمعة حزن لا». 1981 لحن «الحب اللى كان» لميادة الحناوى. 1982 لحن «حبيبى يا متغرب» لفايزة أحمد. 1992 آخر لحن لوردة «بودعك». 1993 وفاته فى باريس.