بليغ حمدى.. سيرة حب لا تموت

فى ذكرى رحيله ال26

لا شك أن تاريخ مصر فى مجال التلحين ملىء بالعمالقة منهم على سبيل المثال وليس الحصر محمد عبدالوهاب ورياض السنباطى ومحمد القصبجى وزكريا أحمد ومحمد الموجى وكمال الطويل وغيرهم.
ولكن عندما نتحدث عن الموسيقار الراحل «الفذ» بليغ حمدى نجده حالة خاصة ومتفردة موهبة خارقة للعادة عمره الفنى لم يتعد 36 عاماً 1957-1993 قدم خلالها مئات الروائع بأصوات العمالقة، وحتى شباب المطربين والمطربات.
بليغ حمدى كان عاملاً أساسياً فى نجاح كل من تعامل معهم حتى أم كلثوم سيدة الغناء العربى نجح «بليغ» فى تغيير جلدها بعد أن كانت غارقة فى الألحان السنباطية البديعة. ناهيك عن ألحانه الرائعة للعندليب الراحل عبدالحليم حافظ ورفيقة عمره الراحلة «وردة» و«نجاة» و«شادية» وفايزة أحمد وعفاف راضى ومحمد رشدى ومحمد العزبى وحتى هانى شاكر وعلى الحجار ومحمد منير ومحمد الحلو.
تستطيع القول إن بليغ حمدى سيرة حب لا تموت لأن معظم أعماله كتب لها الخلود.
بليغ حمدى دخل التاريخ من أوسع أبوابه 1960 عندما اختارته كوكب الشرق أم كلثوم لتلحين أغنية حب إيه كلمات عبدالوهاب محمد، كان عمره وقتها لا يتعدى 28 عاما وكان أصغر ملحن يتعاون مع كوكب الشرق حققت الأغنية نجاحا هائلاً وأبدع بليغ حمدى العديد من الروائع لكوكب الشرق: كل ليلة وكل يوم. وأنساك. ظلمنا الحب. سيرة الحب. فات الميعاد. ألف ليلة وليلة. بعيد عنك. الحب كله. وأخيرا حكم علينا الهوى آخر ما غنت كوكب الشرق فى مارس 1973.
استخدم «بليغ» فى ألحانه لكوكب الشرق آلات حديثة وتوزيعات موسيقية رائعة أضافت جمالا وشجنا جديدا فى أغنيات «أم كلثوم».
مع عبدالحليم حافظ أبدع «بليغ» عشرات الروائع تنوعت بين الأغنيات العاطفية والوطنية وحتى الشعبية، كانت البداية مع أغنية تخونوه 1957 ولكن مرحلة التوهج كانت فى الستينيات بالأغنيات الشعبية: على حسب وداد. والتوبة. وسواح. وجانا الهوى، ولا ننسى رائعة "أعز الناس" كلمات مرسى جميل عزيز.
وعندما وقعت نكسة 1967 دغدغ الثلاثى «بليغ» و«حليم» و«الأبنودى» مشاعر المصريين جميعا برائعة عدى النهار.. وروائع أخرى بثت الأمل فى النصر القريب. فى أغنيات: البندقية اتكلمت. وفدائى والمسيح، ألحان أقل ما يقال عنها قمة فى الروعة والشجن والإبداع وفى عام 1970 بدأ مشوار «بليغ» و«حليم» فى الأغانى الكلاسيكية الطويلة التى وضع فيها «بليغ» خلاصة إبداعه. بدأت بأغنية زى الهوى التى حققت نجاحاً كبيرًا وفى عام 1971 لحن «بليغ» للعندليب رائعة موعود لحن شبه أسطورى.. ولحن له فى نفس العام مداح القمر. وحاول تفتكرنى 1973، وأى دمعة حزن لا 1974 وجميع الأغنيات من تأليف الشاعر الراحل محمد حمزة.
ولا ننسى الأغنيات الصغيرة فى المسلسل الإذاعى أرجوك لا تفهمنى بسرعة. ماشى الطريق، بحلم بيوم. ولا ننسى الهوى هوايا.
وبعد 4 سنوات من رحيل العندليب ظهرت قصيدة حبيتى من تكون تأليف خالد بن سعود وألحان «بليغ» وكانت مفاجأة سارة جدًا لعشاق العندليب.
مشوار «بليغ» مع «وردة» كان رائعًا للغاية أحبها وتزوجها فى مطلع السبعينيات. لحن لها روائع خالدة نتذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر: العيون السود وأنا مالى. وحشتونى ومجموعة من الأغانى الرائعة الطويلة. ولاد الحلال. لو سألوك، اسمعونى. ومالو. معجزة. ورائعة بودعك، وعكست مدى الحب والوفاء بين «وردة» و«بليغ» ولا ننسى الإبداعات الوطنية فى حرب أكتوبر 73. حينما هرع «بليغ» إلى مبنى ماسبيرو فى نفس يوم قيام الحرب ويدخل فى عراك مع الإذاعى الراحل وجدى الحكيم لدخول المبنى حتى حصل «الحكيم» على إذن من بابا شارو رئيس الإذاعة ليبدع أغنيات النصر: على الربابة. بسم الله. وخطوة واحدة. وغيرها، ولا ننسى عقبال اللى جاى ل«وردة» كما لحن «بليغ» ل«وردة» العديد من الأغنيات القصيرة: بوسة على الخد. آه لو قابلتك من زمان حنين ليالينا. تعيش وتفتكرنى.
أبدع «بليغ» للراحل محمد رشدى العديد من الأغنيات
الجميلة التى أحدثت ضجة هائلة فى منتصف الستينيات أغنيات عدوية، وتحت الشجر يا وهيبة، وعلى الرملة. ومغرم صبابة.
كما لحن لمحرم فؤاد العديد من الروائع منها: يا غزال إسكندرانى، سلامات. يا حبايب والنبى لنكيد العزال. أدى حالك يا هوى. تعب القلوب.
لن ينسى التاريخ ل«بليغ» أنه اكتشف المطربة صاحبة الصوت الملائكى عفاف راضى 1970 ولحن لها العديد من الأغنيات الرائعة والخالدة: والنبى ده حرام ردوا السلام. تساهيل، شبيك لبيك. عطاشة. على سبيل المثال وليس الحصر.
كما لحن «بليغ» لهانى شاكر العديد من الأغنيات الجميلة منها خايف عليه. عومى فى بحر عينك. يا عشرة هونى. وهو اللى اختار، ولحن لنجاة الصغيرة أنا بستناك وسط الطريق. سكة العاشقين والطير المسافر. وموكب حب، ولحن لصباح عاشقة وغلبانة. وحب الدنيا. ويانا يانا.
ولحن لوديع الصافى أروع أغانيه دار يا دار. وعلى رمش عيونها، ولحن لكروان الشرق الراحلة فايزة أحمد حبيبى يا متغرب 1982.
ولحن للراحلة العظيمة شادية أروع أغنية وطنية يا حبيتى يا مصر. وآخر ليلة، وقولوا لعين الشمس.
ولحن لمحمد العزبى أشهر أغانيه على الإطلاق عيون بهية 1971 واكتشف «بليغ» أيضا المطربة السورية ميادة الحناوى فى مطلع الثمانينيات ولحن لها العديد من الروائع: الحب اللى كان التى كتبها «بليغ» نفسه وفاتت سنة. حبينا واتحبينا وأنا بعشقك.
كما لحن للمطرب الكبير على الحجار أول أغانيه: على قدما حبنا 1977. ولحن لمحمد منير أشكى لمين.
مهما كتبنا لن نوفى بليغ حمدى حقه قال عنه الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب أنه ملحن يأتيه الوحى فى كل لحظة غزير الإبداع، وقال عنه «عبدالحليم» أمل مصر فى الموسيقى.
أعطى «بليغ» الكثير والكثير للموسيقى والغناء فى مصر والعالم العربى، موهبة فذة بمعنى الكلمة تشعر بقمة الحزن والشجن حينما تستمع لعدى النهر والمسيح. وتشعر بالسعادة والبهجة حينما تسمع ألف ليلة وجانا الهوى.. سيبقى «بليغ» علامة وحالة خاصة فى تاريخ الموسيقى والغناء على مر العصور إنه بالفعل سيرة حب لن تموت ورحل عن دنيانا يوم 12 سبتمبر 1993.
أرقام فى حياة «بليغ»
1957 أول لحن يغنيه حليم من ألحان بليغ «تخونوه».
1960 لحن لأن كلثوم حب إيه.
1963 لحن سيرة الحب لكوب الشرق.
1966 لحن عدوية لمحمد رشدى.
1970 اكتشف عفاف راضى.
1971 لحن موعود لعبد الحليم وحققت نجاحا أسطوريا ولحن فى نهاية العام أغنية يا حبيتى يا مصر.
1972 تزوج المطربة وردة.
1973 «بليغ» أبدع أروع الألحان الوطنية بمناسبة نصر أكتوبر.
1974 لحن أى دمعة حزن لا لعبد الحليم.
1984 «بليغ» يغادر مصر مضطرًا.
1993 وفاة بليغ حمدى فى باريس.