رئيس جامعة بنها: حريصون على تكوين شراكات مع مؤسسات المجتمع المدني    تفاصيل اجتماع اللجنة الوزارية لتعيين أعضاء هيئة التدريس بالمعاهد العليا    ترامب يلمح إلى حدوث تقدم وشيك في محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا    محافظ الدقهلية يتفقد مركز دكرنس ويحيل رئيس الوحدة المحلية بدموه للتحقيق    رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية: تبني أحدث الوسائل التقنية في العملية التعليمية    جدول امتحانات «رابعة ابتدائي» الترم الثاني 2025 في القليوبية    البرلمان يفتح ملف العلاوة وزيادة الحافز للعاملين بالدولة ومنحة خاصة لشركات القطاع العام    رئيس مصلحة الضرائب: التنمية لن تكتمل إلا بمد جسور الثقة مع الممولين    توريد 395 ألف طن من القمح لصوامع وشون الشرقية    وزيرة البيئة تستعرض رحلة مصر مع حماية الطبيعة والطيور المهاجرة    البورصة تعلن فتح باب الترشح لمجلس إداراتها (2025 - 2029)    قانون الإيجار القديم.. رئيس مجلس النواب يوضح الموقف الرسمي للبرلمان    مسؤولو «الإسكان» يتفقدون مشروعات مدينة السويس الجديدة    الخارجية الإيرانية: برنامجنا النووي غير قابل للتفاوض والتصريحات الأمريكية متضاربة    الهند تنفي مزاعم باكستان.. وزير الدفاع: "لم نستهدف المدنيين أبدًا"    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصف الأحياء السكنية في غزة    استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في جنيف    حماس: مواقف الدول العربية والإسلامية لا ترقى لحجم الكارثة في غزة    وزير الدفاع الروسي وحفتر يؤكدان التزامهما المتبادل لتطوير التعاون    شوبير: الأهلي اتأخر في ملف حمزة علاء    إيزاك يقود تشكيل نيوكاسل.. وبالمر أساسيا مع تشيلسي    "مصمم على 40 مليون".. شوبير يكشف صدام الأهلي وعلى ربيعة واقتراب الانفصال    مصدر يكشف قيمة صفقة انتقال محمد سيحا إلى الأهلي ومصير حمزة علاء    "للأهلي ولا الزمالك؟".. رئيس البنك الأهلي ينهي الجدل بشأن رحيل ثنائي الهجوم    شكوك حول مشاركة حارس اتحاد جدة أمام الفيحاء    انهيار بئر بأحد المزارع بالمنيا على شخص.. وجارى استخراجه    العظمى 32.. شواطئ الإسكندرية تنتظر الهاربين من حرارة الجو -صور    وزير التعليم يوجه المديريات بصرف المتأخرات المالية لمعلمي الحصة    اختل توازنه.. تفاصيل سقوط عامل من شرفة الطابق السابع بالطالبية    ضبط شبكة للزواج «أون لاين» تديرها سيدة    ضبط شخص يدير مصنع غير مرخص للمياه الغازية مُستخدما علامات تجارية مقلدة    قوافل الأحوال المدنية تستخرج 7148 بطاقة رقم قومي و25 ألف مستند مميكن    لمحاولته سرقة «خردة» من أمام منزله.. طالب يصيب لص بطلق ناري في سوهاج    توفيق عبدالحميد يكشف كواليس مكالمة مع «الساحر» وبوسي شلبي    فريق "هيبتا: المناظرة الأخيرة" يحتفلون بانتهاء تصوير الفيلم (صور)    الثقافة تختتم الملتقى 21 لشباب المحافظات الحدودية بدمياط ضمن مشروع أهل مصر    حنان مطاوع تتألق بتكريم مؤثر في أفتتاح مهرجان معهد الفنون المسرحية.. "فخورة بدورة تحمل أسم والدي"    إحالة مدير مستشفى تأمين صحي بالدقهلية ونائبه للتحقيق.. المحافظ يكشف السبب    أطباء بمستشفى المنصورة الدولى ينجحون فى استخراج سكين مطبخ من بطن طفل    بملابس هندية.. مصطفى حجاج يحيي حفل زفاف رامي عاشور    «البترول» تقرر صرف تعويضات لأصحاب السيارات المتضررة من البنزين    رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    إذاعة جيش الاحتلال: تجنيد لواءى احتياط بهدف توسيع العملية العسكرية فى غزة    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    اللواء عبدالعظيم عبدالحق: وهبت نفسى للوطن.. واستشهاد ابنتى سارة كان عنوانًا لمقتل الطفولة الفلسطينية "الحلقة 12"    تضامن: "تكافل وكرامة" أكبر مظلة اجتماعية تستثمر في الإنسان المصري    الصحة: افتتاح 14 قسمًا للعلاج الطبيعي بالوحدات الصحية والمستشفيات    نصائح لحماية طفلك للسلامة من موجات الحر    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    محطة كهرباء جديدة ب64 مليون جنيه في أبو الريش لضمان استمرار الرعاية الطبية للأطفال    هل تصح طهارة وصلاة العامل في محطة البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    صنع الله إبراهيم يمر بأزمة صحية.. والمثقفون يطالبون برعاية عاجلة    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة قاسية أمام مينيسوتا بالدوري الأمريكي    موعد مباراة برشلونة وريال مدريد في الدوري الإسباني    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة سيناريو جنرالات "يوليو"
نشر في الوفد يوم 01 - 12 - 2012

في خطابه الذي ألقاه في ميدان التحرير عقب إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية نتيجة الانتخابات وقف الرئيس مرسي يخطب وسط حشوده وأنصاره من جماعته، وشن الرجل هجوماً حاداً
علي فترة حكم عبدالناصر قائلاً: «الستينات وما أدراك ما الستينات» منتقدا ما حدث في تلك الفترة بعد ثورة يوليو.
لكن الرئيس مرسي نفسه فعل ما حدث أيام عبدالناصر وكرر نفس السيناريو الذي فعله الضباط الأحرار للسيطرة علي السلطة، وكلاهما سار في طريق التخلص من رجال النظام السابق عن طريق محكمة الثورة التي أنشاها الرئيس بعد ما يقرب من 5 أشهر علي حكمه، وذلك لمحاسبة رموز النظام السابق، وهو ما فعله ضباط يوليو عندما أنشأوا محكمة الثورة والغدر والشعب للتخلص من رجال القصر الملكي.
ورغم أن الرئيس مرسي انتقد ما كان يحدث أيام الستينيات حينما استخدم ضباط يوليو محكمة الثورة في التخلص من جماعة الإخوان ومحاكمة أعضائها إلا أن الرئيس مرسي نفسه أصدر قانون حماية الثورة ضمن الإعلان الدستور الذي أشعل الجدل الآن، وهناك مخاوف من القوي السياسية من تكرار سيناريو الستينيات.
مجلس قيادة ثورة يوليو شكل بعد نجاحها في الإطاحة بالملك فاروق مباشرة محكمة الثورة، وكان هدفها في البداية محاكمة رجال القصر الملكي، وحاكمت أكثر من شخصية أبرزهم إبراهيم عبدالهادي الذي لعب دوراً كبيراً في حياة الملك فاروق ووجهت له اتهامات تذكرنا بأنه لعب دور زكريا عزمي رذيس الديوان السابق.
وبعد فترة قصيرة، أنشأ مجلس قيادة الثورة محكمة الغدر بمرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 باعتبارها محكمة خاصة يمثل أمامها الوزراء السابقون والموظفون العموميون وكل من كان عضوا في أحد مجالس البرلمان أو أحد المجالس البلدية أو مجالس المديريات أو من استفاد من النظام السابق.
واختصت محكمة الغدر بمحاكمة المفسدين الذين أفسدوا الحياة السياسة أو استغلوا النفوذ أو في أعمال القضاء أو عملوا علي رفع الأسعار أو خفضها خدمة لمصالحهم الشخصية وشكلت المحكمة من ثلاثة مستشارين وأربعة ضباط من الجيش، وبعد عامين من محكمة الغدر وقعت محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر في ما يسمي بحادثة المنشية، واتهم جماعة الإخوان، في ذلك الوقت، بالتورط في الحادثة وأنشأ لهم ما يسمي بمحكمة الشعب عام 1954، وشكلت المحكمة برئاسة قائد جناح جمال مصطفي سالم وعضوية القائمقام أنور السادات في ذلك الوقت عضو يمين والبكباشي حسين الشافعي عضو شمال، وأصدرت المحكمة أحكاماً بالإعدام علي عدد كبير من قيادات الجماعة منهم محمود عبداللطيف ويوسف طلعت وإبراهيم الطيب وهنداوي دوير ومحمد فرغلي وعبدالقادر عودة وحسن الهضيبي.
الغريب أن أعضاء جماعة الإخوان نفسها أكثر من وجهوا انتقادات إلي محكمة الثورة والشعب في كتبهم وفي وصفهم لتلك المرحلة، ولكن ما أن تولي الرئيس مرسي السلطة، لم يجد سوي محكمة الثورة ليتخلص من رموز النظام السابق، فأصدر قانون حماية الثورة ضمن مواد الإعلان الدستوري الذي يتضمن إنشاء نيابات خاصة لحماية الثورة في المحافظات وفي دوائر خاصة بالمحاكم للنظر في جرائم الاعتداء علي الثوار ودوائر خاصة بقضايا الفساد المالي لرموز النظام السابق.
ورغم اختلاف الآراء حول هذا الإجراء، إلا أن هناك من يري أنه إجراء ثوري طال انتظاره، وهناك من يري أن القانون هدفه تكميم أفواه المعارضة، والدليل علي ذلك أن جماعة الإخوان تعتبر كل معارضي الرئيس معادين للثورة، وهو ما يمكن ان يضعهم تحت طائلة القانون الجديد. الإخوان والعسكر مازالا لاعبين أساسيين في مباراة الصراع علي السلطة سواء في ثورة يوليو أو في ثورة يناير، ففي ثورة يوليو نجح ضباط يوليو في التخلص من الإخوان وشل حركتهم بفضل حادثة المنشية ومحكمة الشعب التي تخلص فيها جمال عبدالناصر من الجماعة التي كانت تريد أن تشاركه السلطة، وفي ثورة يناير نجحت الجماعة في إبعاد ضباط الجيش عن الحياة السياسية بفضل القرارات التي اتخذها الرئيس مرسي بتقاعد المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وعدد من أعضاء المجلس العسكري بعد أن كانوا يقتسمون السلطة معه.
رفعت ثورة يوليو شعارات براقة بعد أن اتهمت الحكم الملكي في مصر، وأيدها الشعب في البداية، ولكن جنرالات يوليو انقلبوا بعد ذلك علي المطالب الثورية التي رفعوها ورسخوا الحكم العسكري الذي استمر 60 عاما عانت فيها مصر من الفساد والجهل والمرض، وحتي ثورة يناير لم تنجح في إزاحتهم حيث استمر حكم المجلس العسكري شهرا بعد ان كلفه مبارك بإدارة شئون البلاد.
جنرالات يوليو رسموا أحلاماً عريضة للشعب المصري وأكدوا تسليم السلطة في موعدها ووعدوا بانتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور تعبر عن توافق وطني ومنحها كافة السلطات التشريعية، علي أن تختار الجمعية رئيساً مؤقتاً لحين إجراء انتخابات رئاسية يليها انتخاب برلمان جديد.
ووعد ضباط يوليو - أيضا - بحل مجلس قيادة الثورة والسماح بإنشاء أحزاب سياسية وممارسة الديمقراطية، حتي أن مجلس قيادة الثورة أكد في وثيقة وقع عليها كل أعضاء المجلس بالسماح بقيام الأحزاب وأن مجلس قيادة الثورة لا يشكل حزبا وانه لا حرمان من الحقوق السياسية حتي لا يكون هناك تأثير علي الحريات، وأكد ضرورة انتخاب جمعية تأسيسية يكون لها السيادة الكاملة وسلطة البرلمان وتنتخب رئيساً مؤقتاً للبلاد، وهي الوعود التي استقبلها الشارع بترحاب شديد.
ولكن بعد 8 أشهر من الوعود انقلب مجلس قيادة الثورة علي الوعود التي أطلقوها، وأصدروا في 10 فبراير 1953 إعلاناً دستورياً بدون علم اللواء محمد نجيب أطاحوا فيه بالديمقراطية وأعلنوا حل جميع الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها لصالح الشعب المصري منعا لبذر الفتن والانشقاق، وأعلن عن قيام فترة انتقالية بقيادة مجلس قيادة الثورة لمدة 3 سنوات لإقامة أسس حكم سليم.
ورغم رفض اللواء محمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة الإعلان الدستوري الذي اعتبره خروجاً عن الشريعة إلا أن عبدالناصر لم يتحمل معارضة محمد نجيب، وأصدر مجلس قيادة الثورة قراراً بإعفاء «نجيب» من منصبه، علي أن يستمر منصب رئيس الجمهورية شاغرا ويستمر مجلس قيادة الثورة في تولي كافة سلطات البلاد.
الرئيس مرسي نفسه سار في نفس الطريق الذي سار فيه ضباط يوليو رغم انتقاده لهم في أول خطاب له بعد تنصيبه رئيسا للجمهورية، ففي جولة الإعادة في الانتخابات قدم الرئيس عدة تعهدات إلي الشعب المصري منها احترام الديمقراطية والرجوع إلي القوي السياسية والتشاور معها في أي قرار والحفاظ علي القضاء. كما تعهد بتنفيذ ال 22 بنداً الموجودة في وثيقة العهد التي طرحتها القوي السياسية علي المرشحين في جولة الإعادة الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسي، وتضمنت الوثيقة الحفاظ علي مدنية الدولة والتمسك بالمادة الثانية من الدستور والحفاظ علي المواطنة والمساواة أمام القانون والتأكيد علي استقلال القضاء واحترام الفصل بين السلطات واحترام الحريات العامة وحماية مؤسسات الدولة من محاولة الاختراق وتغلغل بعض التيارات الدينية والتصدي لأي تشريع استثنائي ينتهك الحريات العامة وتشكيل حكومة ائتلاف وطني والتزام الرئيس باحترام الدستور وعدم ملاحقة المعارضين والنشطاء السياسيين.
لكن الرئيس بعد إعلان نجاحه مباشرة أصدر قراراً جمهورياً بعودة البرلمان رغم صدور حكم بحله من المحكمة الدستورية العليا، وانقلب الرئيس علي ما قاله وساند جماعته فقط وانفرد بالقرار دون مشورة القوي السياسية وسمح للإخوان بالتغلغل في الدولة والسيطرة علي مفاصل الدولة.
ولم يكتف الرئيس بكل ذلك، بل أصدر إعلاناً دستورياً علي طريقة جنرالات يوليو بعد 5 أشهر من الحكم، بل انفرد به بكل السلطات في يده وعطل أحكام القضاء ليرضي جماعته وعشيرته ويطيح بأي آمال في الديمقراطية ويعطي جرس إنذار بحكم ديكتاتوري يطيح بأي معارضة للرئيس.
ويبقي الصراع بين الإخوان والعسكر قائماً في الثورتين وكل منهما قضي علي الآخر في الثورة، ففي ثورة يوليو قضي العسكر علي الإخوان وتم إعدام عدد كبير من قيادات الجماعة، وتعرضت الجماعة بعد حادثة المنشية لأكثر ضربة قاصمة في حياتها، ولمدة 60 عاما لم تستطع الجماعة أن تتخلص من العسكر، بل كانت تحت جناح السلطة حتي تحقق أكبر مكاسب سياسية.
وفي ثورة يناير التي اندلعت في الأساس لعدم الرضا علي حكم العسكر وثورة يوليو لم تشارك الجماعة إلا بعد يومين.. وبعد استمرار المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد والذي يعتبر امتداداً لشرعية يوليو ارتمت الجماعة في إحضانه حتي حققت أكبر مكاسب سياسية ثم نجح الرئيس مرسي في ابعاد الجنرالات عن الحكم واتخذ قرارات بتقاعد المشير طنطاوي والفريق عنان من أعضاء المجلس العسكري وهو ما يعتبر ضربة قاصمة لثورة يوليو وإعلانا لوفاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.