المخالفات في البناء والتعدي على الأراضي الزراعية، هي حشرة السوس التي تأكل في هيكل الاقتصاد المصري وتنذر بانهياره في حال استمرار تلك الكارثة وتفاقهمها، وهو الأمر الذي أدركه الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ اليوم الاول له في حكم البلاد، وكرث جزءً كبيرًا من وقته لمتابعة ذلك الملف الخطير وتطوراته. 6 سنوات مرت على حكم الرئيس لم يكل ولا يمل من تتبع مشكلات الدولة المصرية وإصلاحها، وعلى رأسها الاقتصاد المصري الذي يعد العمود الفقري الذي تقوم عليه مصر ويستند عليه شعبها، فبدون اقتصاد قوي لا توجد دولة، ومن هذا المنطلق بدأ يوجه الرئيس التحذيرات الصارمة للمخالفين والمتعدين على أراضي الدولة بدون وجه حق، ليس هذا فحسب، بل أيضًا بدأت خطوات التنفيذ بإزالات تلك المخالفات والمصالحات مع الحالات التي لا تضر بالمصلحة العامة للدولة. وفي هذا السياق، أكد عدد من الخبراء، أن مخالفات البناء والتعدي على الأراضي الزراعية تسببت في تكبد مصر خسائر اقتصادية فادحة لأسباب عديدة ومختلفة. ومن جانبه، قال الدكتور مصطفى أبو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، إن أزمة مخالفات البناء تسببت في خسائر اقتصادية كبيرة تكبدتها الدولة جراء التعدي على الأراضي الزراعية وتآكل مساحة الأرض المزروعة بالنسبة للدولة المصرية واقتصادها، بالتالي انخفاض حصة إنتاج المحاصيل الزراعية، مما يضطر الحكومة إلى استيراد كميات أكبر من الخارج. وأضاف أبو زيد في تصريحه ل"بوابة الوفد"، أن نتيجة الاستيراد من الخارجة يتأثر حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي بالسلب، موضحًا أن تآكل الأرض الزراعية دفع الدولة لانتهاج استصلاح الأراضي وزيادة المساحة المزروعة لتوفير احتياجات السلع الاستراتيجية من المحاصيل الزراعية، ومن ثم انخفاض حجم الصادرات. وتابع: إن التكلفة الثانية بالنسبة للدولة هي محاولات تصحيح الأوضاع من خلال الإزالات وهو ما يكبد الميزانية العامة للدولة خسائر إضافية بسبب المعدات والآلات المستخدمة في عملية الإزالة. وأكد مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية، على ضرورة تشديد الرقابة على كل المساحات المزروعة من خلال المراقبة المستمرة ورصد المخالفات في لحظتها وإزالتها، وبالتالي ستقل نسبة التعدي في المستقبل. وأوضح أن المشكلة تفاقمت بسبب عدم المتابعة، والفساد المتفشي في المحليات وإصدار تراخيص بدون وجه حق مقابل الرشاوي، فنتيجة تدني الأجور أصبح الموظفين عرضة أكثر لتقبل الرشاوي، ونتيجة عدم متابعة الأجهزة الرقابية والتنفيذ الفوري للإزالات ازداد الموظفين في فسادهم. ولفت أبو زيد، إلى اهمية تدريب القائمين على تطبيق القانون على كيفية التعامل مع المواطنين أثناء تنفيذ الأزالات أو التصالح، لتجنب الصدام نظرًا لما تشكله الأزمة من حساسية كبيرة، لذا فالاحترافية في التعامل واجبة وحتمية. فيما قال أحمد علي، الباحث الاقتصادي، إن التعدي على الأراضي الزراعية والذي بلغ حوالي 1.5 مليون فدان، تسبب في تحويلها إلى أراضي بور، مما نتج عنه نقص في السلع الغذائية المعروضة، وبالتالي توجه الدولة للاستيراد من الخارج وهو ما يحتاج لعملات أجنبية تتسبب في نقص الاحتياطي النقدي وزيادة المديونية على الدولة. وأضاف علي، أن نتيجة بوار الأراضي الزراعية بدأت الدولة توجه جزء كبير من أموالها إلى مشروعات استصلاح الأراضي الزراعية، لافتًا إلى العقارات المخالفة التي نتج عنها زيادة الكثافة السكانية فوق المفروض مما تسبب في الضغط على البنية التحتية. وأكد الباحث الاقتصادي، أن البناء المخالف كبد الدولة خسائر باهظة نتيجة تسببه في تلف البنية التحتية من شبكات مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء وغيرهم من المرافق، وبالتالي توجيه جزء كبير من خزينة الدولة لتطويرها حتى تستوعب الكثافة السكانية. وأوضح أن هناك ما يقرب من مليون و 900 ألف حالة تعدي على الأراضي الزراعية، وحوالي 3 مليون عقار مخالف، لذا توجهت الدولة لفرض غرامات مالية على تلك المخالفات تبلغ حصيلتها حوالي 6 مليار و 400 مليون جنيه، وتوجيه تلك الأموال لتطوير البنية التحتية والمشروعات القومية، مؤكدًا على ضرورة تشديد الرقابة على تراخيص البناء والحزم في تحصيل المخالفات والغرامات للقضاء على الأزمة وتجنب تكرارها وتفاقهمها أكثر من ذلك.