يسأل الكثير من الناس عن حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة فأجاب الشيخ ناصر ثابت العالم بالاوقاف وقال اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين : القول الأول : لا تجزئ الأضحية عن العقيقة . وهو مذهب المالكية والشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد رحمهم الله . وحجة أصحاب هذا القول : أن كلاً منهما – أي : العقيقة والأضحية – مقصود لذاته فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى ، ولأن كل واحدة منهما لها سبب مختلف عن الآخر ، فلا تقوم إحداهما عن الأخرى ، كدم التمتع ودم الفدية . قال الهيتمي رحمه الله في "تحفة المحتاج شرح المنهاج" (9/371) : " وَظَاهِرُ كَلَامِ َالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِشَاةٍ الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ لَمْ تَحْصُلْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ " انتهى . وقال الحطاب رحمه الله في "مواهب الجليل" (3/259) : "إِنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ أَوْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً ، فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ : قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ : قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِهْرِيُّ إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ لَا يُجْزِيهِ ، وَإِنْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً أَجْزَأَهُ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إرَاقَةُ الدَّمِ ، وَإِرَاقَتُهُ لَا تُجْزِئُ عَنْ إرَاقَتَيْنِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَلِيمَةِ الْإِطْعَامُ ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْإِرَاقَةِ ، فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ . القول الثاني : تجزئ الأضحية عن العقيقة . وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو مذهب الأحناف ، وبه قال الحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتادة رحمهم الله . وحجة أصحاب هذا القول : أن المقصود منهما التقرب إلى الله بالذبح ، فدخلت إحداهما في الأخرى ، كما أن تحية المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد . روى ابن أبي شيبة رحمه الله في "المصنف" (5/534) : عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : إذَا ضَحُّوا عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنْ الْعَقِيقَةِ . وعَنْ هِشَامٍ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا : يُجْزِئُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْعَقِيقَةِ . وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ : لَا تُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يُعَقَّ . وقال البهوتي رحمه الله في "شرح منتهى الإرادات" (1/617) : " وَإِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ عَقِيقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ ، بِأَنْ يَكُونَ السَّابِعُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ ، فَعَقَّ أَجْزَأَ عَنْ أُضْحِيَّةٍ ، أَوْ ضَحَّى أَجْزَأَ عَنْ الْأُخْرَى ، كَمَا لَوْ اتَّفَقَ يَوْمُ عِيدٍ وَجُمُعَةٍ فَاغْتَسَلَ لِأَحَدِهِمَا ، وَكَذَا ذَبْحُ مُتَمَتِّعٍ أَوْ قَارِنٍ شَاةً يَوْمَ النَّحْرِ ، فَتُجْزِئُ عَنْ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَعَنْ الْأُضْحِيَّةَ " انتهى . وقال رحمه الله في "كشاف القناع" (3/30) : " وَلَوْ اجْتَمَعَ عَقِيقَةٌ وَأُضْحِيَّةٌ ، وَنَوَى الذَّبِيحَةَ عَنْهُمَا ، أَيْ : عَنْ الْعَقِيقَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ أَجْزَأَتْ عَنْهُمَا نَصًّا [أي : نص عليه الإمام أحمد]" انتهى. وقد اختار هذا القول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله فقال : "لو اجتمع أضحية وعقيقة كفى واحدة صاحب البيت ، عازم على التضحية عن نفسه فيذبح هذه أضحية وتدخل فيها العقيقة . وفي كلامٍ لبعضهم ما يؤخذ منه أنه لابد من الاتحاد : أن تكون الأضحية والعقيقة عن الصغير. وفي كلام آخرين أنه لا يشترط ، إذا كان الأب سيضحي فالأضحية عن الأب والعقيقة عن الولد . الحاصل : أنه إذا ذبح الأضحية عن أُضحية نواها وعن العقيقة .