المصريون جميعاً يرفضون ما يحدث في سيناء الآن.. لا يوجد مصري شريف يقبل أن يقتل المصريون بعضهم بعضا على أرض الفيروز.. ولا يوجد مصري عاقل يؤيد الاعتداء على السياح الآمنين.. ضيوف مصر، وأحد روافد اقتصادها.. كذلك لا يوجد مصري واعٍ يقبل أن يستمر الاهمال المتعمد.. والتهميش المنظم لأهلنا المصريين في سيناء.. وبالتأكيد لا يوجد مصري وطني يقبل بإطلاق الرصاص على ابنائنا وإخوتنا الضباط والجنود على أرض سيناء.. وللأسف بأيد مصرية! الانفلات الأمني.. العنف المتبادل.. التشدد الديني.. الاحساس بالاضطهاد.. الشك المبطن في الولاء.. كلها عناوين تحكم الموقف على أرض الواقع في هذا الجزء العزيز من أرض مصر،.. نظام مبارك اكتفى بمنتجع شرم الشيخ، واختزل فيه سيناء كلها، لتتحول ملعبا مفتوحا للمخابرات الاسرائيلية، ومساحات شاسعة ترتع فيها الجماعات الجهادية المتشددة والايادي الخفية، والأموال التحريضية، دون ان يلقي بالاً لما يحدث وينتشر ويتغلغل ويتجذر في سيناء، وبدلاً من الانتباه لخطورة ما يحدث، دفع بأجهزة حبيب العادلي الامنية تبطش بابناء سيناء وتلفق لهم التهم والقضايا، وتلقي بشبابهم الى غياهب السجون، محدثة عداء متصلاً بين السيناويين والنظام، كانت نتيجته ما نحن فيه الآن. لطالما صرخ أبناء سيناء محذرين من تحول الشباب الى أنشطة غير مشروعة.. لم يجدوا غيرها طلبا للرزق بعد أن حرمهم مبارك وعصابته من الرزق الحلال.. والبعض منهم وقع فريسة سائغة للجماعات المتطرفة، ولأن الانتماء للقبيلة يمثل المكانة الابرز ضمن سلم الولاء لم يكن من الممكن تسليم القبائل أبناءها للشرطة او التعامل الامني مع بعض شباب القبائل، وبدأت المواجهات الامنية التي تحولت مع الحوادث الاخيرة - ولن يكون آخرها إطلاق الرصاص على العقيد سمير الجمال مفتش الامن العام - تحولت الى ما يشبه «الثأر» الشخصي بين الجهاديين وبين اجهزة الامن، لتصبح هيبة الدولة على المحك، فمن ناحية لا يمكن السكوت وعدم الرد على «اصطياد» المسلحين الملثمين لضباط وجنود الشرطة، ومن ناحية أخرى لا يمكن الفصل التام بين هؤلاء الجهاديين وبين انتماءاتهم القبلية، كل ذلك في إطار الاستمرار في محاولة الدولة فرض «هيبتها» من خلال القوة العسكرية بعمليات «نسر»، والتي لم نسمع عن ثمار لها حتى الآن سوى مزيد من العنف والعنف المضاد، والورطة أنه يصعب جدا التراجع عن قرار «الدولة» وتعهدات مسؤوليها بإعادة الأمن والأمان إلى سيناء، فماذا نحن فاعلون؟ الوقت الآن هو وقت تدخل العقلاء والحكماء بين الطرفين الدولة والجماعات الجهادية، للحفاظ على هيبة الأولى، ودماء الثانية، ولابد من بدء ذلك على الفور قبل سفك المزيد من الدماء، أو حدوث سيناريوهات أكثر خطورة، سبق وحذرت، وحذر الكثيرون من حدوثها. .. وما الموافقة على الآلية الجديدة لتملك السيناويين لأراضي سيناء، الا جزءاً يسيراً من حل أشمل وأعمق، ينبغي البدء فورا في تطبيقه لإطلاق «ثورة» تنمية في أرض الفيروز تجعل استتباب الأمن يتم بثمن أقل كثيرا من قيمة «الدم» المصري الذي لا يقدر بثمن. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. twitter@hossamfathy66