الصيام مدرسة يتخرج منها المتقون ويزداد فيها العارفون وينعم بأسرارها الواصلون قال تعالى ( يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )، لذلك فإن للصيام ثلاث مراتب : صوم العوام وهو صوم عن شهوتى البطن والفرج وصوم الخواص وهو صوم الجوارح عن معصية الله جلا وعلا وصوم خواص الخواص وهو صوم القلب عن الانشغال بغير الله تعالى. فعلى الإنسان أن يتدرج فى مراتب مدرسة الصيام فالمقصد من الصيام هو تأديب الأشباح وترقية الأرواح، لذلك قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم(ليس الصيام من الطعام والشراب وإنما الصيام من اللغو والرفث) وقال صلى الله عليه وسلم(رب صائم ليس له من الصيام إلا الجوع والعطش ) . فى مدرسة الصيام يتعلم المسلم الصدق وذلك لأن الصوم عبادةٌ مستورةٌ منحصرةٌ بين العبد وربه لا يعلم حقيقتها وصدق العبد في أدائها إلا الله، ولذلك أضاف الله سبحانه وتعالى الصوم إلى نفسه فقال سبحانه في الحديث القدسي:« كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به». وإذا صدق المؤمن مع الله حيث لا يراه أحد من الناس ، وامتنع عن الشهوات والمفطرات، دون رقيب إلا الله ،إذا تعوَّد الصدق مع الله تعوَّد الصدق مع الناس، وبذلك ينال رضاء الله ومحبة الناس ، والصدقُ يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة. ويتعلم المسلم في مدرسة الصوم العزةِ... لأنه يتحرر من العبودية للشهوات والطعام والشراب والعادات... وما ذلَّ إنسانٌ ولا استكان إلا من أجل تحقيق مطالب جسمه المادية...فإذا صام فطم نفسه عن شهوات الدنيا وحفظها عزيزةً مترفعةً ، فهو العزيز حقاً والملك صدقاً. كما يتعلم المسلم فى مدرسة الصيام الصبر، فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى شهر رمضان «شهر الصبر»، وفي الحديث الذي أخرجه الترمذي :«الصوم نصف الصبر، والصبر نصف الإيمان» ومن أجل ذلك لا يعلم قدر أجر الصيام إلا الله عز وجل فقد قال تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). هذا والله أعلم.