بعد مرور شهر على الانتفاضة الأولى في فلسطينالمحتلة أقامت سفارة دولة فلسطين حفلاً خطابياً لدعم هذه الانتفاضة. ووجهت لي السفارة دعوة لإلقاء كلمة بهذه المناسبة وتشرفت بهذه الدعوة وبلقاء الجمهور والقيت كلمة حددت فيها مطلباً أساسياً طلبه قائد الأمة العربية الراحل جمال عبدالناصر من القيادة الفلسطينية ومن الرئيس الشهيد ياسر عرفات عندما اجتمع بهم وقال لهم "نحن قبلنا قرار مجلس الأمن الدولي 242 نتيجة ظروف دولية.. أما أنتم فإن مطالبكم تتعدى حدود هذا القرار وعليكم أن ترفضوه بل يجب أن ترفضوه!! وجاءت إشارتي إلى هذا المطلب في تلك الفترة لأن القيادة الفلسطينية آنذاك كانت تتعرض لضغوط دولية لقبول هذا القرار.. وبعد انتهاء كلمتي التي لقيت تشجيعاً واستحساناً من الجميع قال لي السيد سليم الزعنون أرجو منك أن تكتب ما قاله الرئيس عبدالناصر للقيادة الفلسطينية، وتذكر به الزعماء العرب، لأننا كما قال الزعنون نواجه ضغطاً دولياً وعربياً لقبول قرار 242 ونحن نرفضه لأن هذا القرار كما قال عبدالناصر لا يلبي حقوق الشعب الفلسطيني. لكن هذه القيادة الفلسطينية ضربت عرض الحائط بمطالب عبدالناصر ومطالب الشعب وحقوق هذا الشعب عندما وقعت معاهدة أوسلو المشؤومة والتي اعترفت بالعدو الصهيوني وتنازلت عن الحق التاريخي في فلسطين ومنذ ذلك الحين وبعد غياب الرئيس عرفات وجماعة أوسلو وعلى رأسهم السيد محمود عباس وهم يقدمون للعدو التنازل إثر التنازل حتى لم يبق من فلسطين سوى كانتونات متناثرة ومبعثرة عندما استمر العدو ببناء المستوطنات والمستعمرات. جماعة أوسلو اختاروا التفاوض نهجاً وأسلوباً لتحرير الأرض واستبعدوا الكفاح المسلح وأسلوب التفاوض هذا الذي لايزال يصر عليه السيد عباس وجماعته استغله العدو بالاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية وأقام عليها المستوطنات وهو مستمر حتى الآن في الاستيطان وتهويد الأرض، خاصة القدس الشريف ورغم مرور حوالي عشرين عاماً من هذا التفاوض لم تتمكن جماعة أوسلو من تحرير شبر من الأرض ولا منع هذا العدو من ابتلاع هذه الأرض. رغم كل ذلك سمعنا بالأمس السيد عباس وهو يصرح للتليفزيون الصهيوني بأنه لن يسمح بقيام انتفاضة ثالثة، وكأنه يقول لهذا العدو استمر في بناء المستوطنات، واستمر في تهويد القدس، واستمر في قمع الشعب الفلسطيني، وإذا ثار الشعب الفلسطيني فإن عباس سوف يقمعه ويقضي على انتفاضته. ولعل الأخطر من كل ذلك أن السيد عباس تنازل أيضا عن حق العودة عندما قال إنه لن يعود إلى صفد ولن يطالب بحق العودة. هذه التصريحات تؤكد إما أن السيد عباس فقد عقله.. وإما أنه ينوي التنازل عن فلسطين بالكامل بعد أن تنازل عن فلسطين عام 1948 بمعاهدة أوسلو. الشعب الفلسطيني لن يسمح لعباس وجماعة أوسلو بالتفريط بحقه في أرضه التاريخية ولن يسمح لأحد أن يحرمه من حق العودة، هذا الحق الذي قدم الشعب آلاف الشهداء من أجل تحرير أرضه والعودة إلى أرضه المسلوبة وإذا تصور عباس وجماعته أنهم مع العدو الصهيوني سيقهرون هذا الشعب فإنهم واهمون، لأن شعب فلسطين شعب الجبارين كما كان يقول الشهيد ياسر عرفات.. لهذا نقول "لا يا عباس".