كنت خارج القاهرة لأيام عدة عندما وصلت إلي مكتبي بالوفد رسالة من الأستاذ الكبير والقانوني المعروف الدكتور الشافعي محمد بشير.. تتعلق بما كتبته هنا قبلها عن مشروع منخفض القطارة وامكانية الاستفادة منه في توليد الكهرباء.. ولأهمية ما جاء بالرسالة أنشرها كاملة اعترافاً بفضل وعلم ومكانة الدكتور الشافعي.. ثم اعقب عليها.. تقول الرسالة المؤرخة يوم 15 سبتمبر «أتابع قراءة مقالاتك منذ زمن بعيد حتي يوم السبت الماضي عندما قرأت كلمتك عن احياء مشروع منخفض القطارة، وانزعجت بشدة لعدم الاطلاع علي آخر ابحاث الجامعات المصرية، وخاصة جامعة المنصورة عن آثار وتداعيات تنفيذ هذا المشروع، إذ عقد نادي أعضاء هيئة التدريس في جامعة المنصورة ندوة علمية عن سبب حدوث الزلزال في بحيرة السد العالي وأسوان في شهر نوفمبر 1981، وتطرق الحديث عن امكان حدوث زلزال مماثل عند امتلاء منخفض القطارة بمياه البحر المالحة، وكانت وزارة الكهرباء ممثلة في الندوة العلمية بوفد كبير يرأسه وكيل الوزارة المسئول الأول عن تنفيذ مشروع استغلال المنخفض في توليد الكهرباء، واستهل الدكتور المهندس المسئول عن النواحي العلمية بالوزارة الحديث عن سلامة المشروع وعدم حدوث أي آثار ضارة مستعيناً بخريطة قديمة في المنطقة لا تظهر فيها أية شقوق أرضية تتسبب في احداث الزلازل، ولكن الاستاذ الدكتور محمود زغلول رئيس قسم الجيولوجيا في كلية العلوم عرض خريطة أخري حديثة تثبت وجود شقوق في قاع المنخفض صورتها طائرات الأواكس الامريكية والأقمار الصناعية. ويمضي الدكتور الشافعي في رسالته قائلاً إن علماء الزلازل حذروا ومعهم علماء الأراضي المشاركون في الندوة العلمية من الآثار الضارة لتنفيذ المشروع، خاصة تهديد الاسكندرية ومطروح بالزلازل وقرب المياه المالحة للتربة حتي وسط الدلتا.. وقد ارسلنا - يضيف الدكتور الشافعي - ملفاً بما دار في الندوة العلمية لوزير التعليم العالي حينذاك الأستاذ الدكتور مصطفي كمال حلمي بناء علي طلبه حيث عرضه علي الرئيس مبارك في حضور المهندس ماهر أباظة، وزير الكهرباء، ودار بينهما حوار يؤيد فيه ماهر أباظة الاستمرار في المشروع، ويعارضه وزير التعليم العالي بالحقائق العلمية الثابتة في ملف الندوة، واقتنع الرئيس مبارك بحجة وزير التعليم العالي وأمر بإيقاف تنفيذ المشروع. ويقول الدكتور الشافعي بشير إنه بعد عدة سنوات صرح المهندس ماهر أباظة، وزير الكهرباء بأن الأقمار الصناعية اثبتت وجود شرخ خطير في باطن القشرة الارضية لمنخفض القطارة علي عمق 130 متراً تحت سطح البحر، وان هذا الشرخ يهدد بحدوث زلزال في المنطقة عند امتلاء الخزان بماء البحر، إضافة إلي احتمال تسرب المياه المالحة إلي الدلتا وتهديد المياه العذبة بالوادي وتطبيل الأرض الزراعية.. بعدما كانت غائبة عن وزارة الكهرباء التي حصلت فعلاً علي عشرة ملايين مارك ألماني لتنفيذ المشروع وأنفقتها فعلا، ما كان مثار نقد له في ندوة جامعة المنصورة.. ويختتم الدكتور الشافعي رسالته بكلمة رقيقة كعهدنا به دائماً قائلاً «أردت أن أوضح لسيادتك الحقائق العلمية المؤكدة لرفض مشروع منخفض القطارة لعلك توضحها للقارئ.. في مقال آخر ان شاء الله. وأعقب علي هذه الرسالة بما اعلمه من معلومات وقد عاصرت فكرة المشروع من بدايتها عام 62-1963 عندما كنت أغطي أخبار قطاع الكهرباء لجريدة الاخبار التي كنت أعمل بها أيامها.. وأقول - مع كل الاحترام لما جاء في هذه الرسالة المهمة - ان مشكلتي الزلازل وتغول مياه البحر تحت الدلتا كانتا أمامنا.. ولكنني أخضع لما يقوله العلم.. حقيقة هل تأكدنا مما جاءت به الأقمار الصناعية الأمريكية وطائرات الأواكس.. وهل تابعنا هذا الجانب ام علينا ان نخضع هذا الكلام للبحث العلمي الواسع، وما حدث به من تطور طوال الثلاثين عاماً الماضية وهو كثير.. وهل صدقنا تماماً كل ما جاء به الأمريكان.. أم علينا أن نجري ابحاثنا حول هذه النقطة.. وهنا نقول وماذا عن كل حوض البحر المتوسط الممتلئ بالماء المالح وهو اكبر بحر داخلي في العالم وهل كان للأمريكان «هوي» في هذا الاتجاه.. ولكنني اعترف بحكاية تسرب المياه المالحة التي سوف تنساب تحت الارض من هذا الخزان لتزحف إلي كل ما حولها وحتي شمال الدلتا.. بل يمكن ان تلوث مياه الخزان الجوفي النوبي المصري الذي يوجد في صحرائنا الغربية من جنوب مصر إلي أن يصب في البحر المتوسط، واعترف بأن مياه البحر كانت تتوغل تحت اراضي الدلتا حتي منطقة المنصورة، وكان ذلك منذ 30 عاماً فقط.. الآن هذه المياه المالحة تتوغل حتي وصلت إلي تحت منطقة طنطا أي تهدء معظم الدلتا بالدمار.. ولكن هذا لا يمنع أن نواصل البحث.. وعلي كل حال ربما تكون محطة الضبعة النووية بديلاً لمشروع القطارة.. وإن كنت أقول إن اللجوء إلي الطاقة الشمسية يعوض كل ذلك لأن في الصحراء الغربية أكبر نسبة «سطوع حراري» في العالم يمكن استغلالها في توليد الكهرباء.. فهل نلجأ لها فلا نحتاج إلي القطارة.. أو حتي الضبعة.. وشكراً يا دكتور شافعي..