«ابنى مامتش.. حسن عايش» على مدار 4 أيام متواصلة كانت تُمنى السيدة العجوز نفسها بتلك الكلمات على أمل أن تُحقق، ويخيب ظن الجميع بأن فلذة كبدها قد أصابه مكروه، رغم أن قلبها كان يشعر بقبضة شديدة وتتيقن بداخلها بأن عينيها لن تراه ثانيةً، لكنها رفضت الاستسلام لتلك الفكرة، حتى جاءت اللحظة التى تمنت أن تموت قبل أن تسمع بها «القسم لقى جثة وعايزين نتعرف عليها». بخطوات ثقيلة وعينين تتساقط دموعهما، راحت الأم العجوز تتكأ على ابنها الثانى كعكاز لها، وتوجها برفقة بعض أفراد العائلة ليتعرفوا على الجثة، كانت أمنية الأم أن تبتلعها الأرض وتوارى الثرى قبل أن تشاهد جثة ابنها، لكنها الحقيقة التى فشلت فى تغييرها، وبمجرد أن رُفع الغطاء عن وجه الضحية، سقطت الأم مغشياً عليها، ليخبر ابنها الثانى أفراد الشرطة بأنها جثة شقيقه المتغيب «هو حسن يا باشا». اسودت الحياة فى عين الشاب الثلاثينى الذى يعمل كهربائياً، بعدما ظن أنه تعرض لعملية نصب على يد صديقه، الذى أوهمه بعمل مشروع سيجنى لهما الثروة التى يحلمان بها طيلة حياتهما «هنعمل قهوة هتريحنا من الشغل عند الناس». لكن ذلك المشروع لم يخرج إلى النور بعدما أنفق الكهربائى تحويشة العمر لتجهيز المقهى، وأصبح صديقه المقاول مدين له ب68 ألف جنيه، فشل فى تسديدها له، رغم أن مشروعهما ما زال فى المهد، لكن الكهربائى لم يمهل صديقه، كى يجنى ثمار المشروع ويتمكن من دفع المبلغ المدين به. «اتصرف وهاتلى فلوسي» كثيراً ما طلب الشاب من صديقه أمواله بتلك الكلمات أن يبحث له عن حل ويعطيه أمواله لحاجته إليها، لكن الأخير كان يماطله على أمل السداد له، لكن دائماً وعوده ما كانت كاذبة ولم يفِ فى أى منها بتسديد ديونه. ملّ الكهربائى من كثرة طلبه لأمواله من صديقه الذى لا يفى بوعوده، وقرر أن يضع حداً لتلك المسألة التى تؤرق حياته، «هو فاكر أنه ضحك عليا بس أنا مش هسيبه» حدث بها الرجل نفسه، وعزم على الانتقام من صديق عمره ووضع السيناريو الذى يمكنه من ذلك. حسب الخطة الموضوعة بجلسة ثنائية بين نفسه والشيطان، أمسك الشاب هاتفه وتحدث إلى صديقه يطالبه بأن يقابله أمام كشك السجائر الخاص بشقيقه «هستناك عند كشك السجاير بتاع أخويا»، لم يعتقد الضحية بأن يكون ذلك هو اللقاء الأخير الذى سيجمعه بصديقه بعدما قرر تنفيذ حكم الإعدام فيه. فى الميعاد المتفق عليه تواجد المقاول بدراجته النارية، وأخبر شقيقه قبل أن يغادر أنه متوجه للقاء صديقه لتصفية الأمور بينهما، والوصول لحل يمهله فيه بسداد الدين، وانصرف، وبمجرد وصوله وجد صديقه فى انتظاره أمام الكشك، لكن اختفى الترحيب باللقاء وكان الوجه العابس والعينان الحمراوان هما الحاضرين فى استقبال الضيف. وقف «حسن. م» المقاول أمام صديقه يطلب منه فرصة أخيرة لتسديد الدين ، لكن الأخير لم يستمع له وفاجأة بضربة على الرأس أفقدته وعيه، وسكت صوته، ولم يصدر منه سوى أنين ضعيف يعبر عن وجعه، ولم يسمعه أحد ويحاول إنقاذه، ليقوم الأخير بسحبه داخل الكشك وأجهز عليه وهشم رأسه بقطعة حجر. جلس الشاب بجوار جثة صديق عمره ينظر إليها محدثاً نفسه: «مش لو كنت دفعت الفلوس مكنش بقى دا حالك»، ليجرى بعدها اتصالاً بشقيقه وزوج شقيقته يطلب منهما الحضور «أنتم فين مستنيكم فى الكشك». دقائق معدودة ووصل شريكاه فى الجريمة، لم يلوماه على فعلته وراحا يبحثان معه عن حل لينقذاه من هذه الورطة، ليخبرهما الأخير بأن لديه حلاً: «أنا عندى الحل». وقف الشقيقان يستمعان إليه بإنصات، حتى اتصل بصديق له وطلب سيارته لتأدية واجب العزاء فى قريب له، وذهب إليه ليحضرها، وقام بعدها بوضع جثة الضحية بداخلها، وألقوا به بترعة الجيزاوية معتقدين أنهم نجحوا فى التخلص من الجريمة، وتركوا دراجة الضحية فى أحد الشوارع الخالية. «أخويا خرج بالمكنة من إمبارح ومرجعش» كانت تلك الجملة التى كشفت لغز اختفاء المقاول أثناء قيام شقيق القتيل بتحرير محضر، ليتم تشكيل فريق من المباحث لكشف غموض الواقعة، وبعد 4 أيام من البحث تم العثور على دراجة الضحية بأحد الشوارع وقامت كاميرات المراقبة التى تبعها رجال الأمن بكشف باقى ألغاز القضية، والجانى والذى تم القبض عليه وروى التفاصيل كاملة.