تلقيت رسالة عبر بريدي الالكتروني تعليقاً علي مقالي الأسبوع الماضي «انتصار أكتوبر.. عبقرية السادات» أبدي فيها راسلها غضبه وعتابه لتجاهلي اسم الفريق سعد الشاذلي رئيس أركان الجيش المصري في حرب أكتوبر المجيدة باعتباره البطل الحقيقي لها وصانع أمجادها وبطولاتها باعتراف العدو قبل الصديق والبعيد قبل القريب وبشهادة كل وثائق حرب التحرير. الحقيقة أنني لم أتجاهل اسم الفريق سعد الشاذلي وكنت أنوي الكتابة عنه الأسبوع الحالي، ولكني آثرت أن أبدأ بصاحب الفرح الحقيقي الرئيس الراحل أنور السادات باعتباره صانع النصر الأول، ثم أتحدث بعدها عن العريس- سعد الشاذلي- العسكري الفذ الذي كرمته مصر بعد الآوان. لقد أسعدني جداً تكريم الرئيس مرسي لكلٍ من السادات وسعد الشاذلي مؤخراً ومنحهما قلادة النيل العظمي، وقد جاء التكريم في محله ووقته تماما، بعد أن ظلم السادات الفريق سعد الشاذلي بعد اختلافه معه في الثغرة بحرب أكتوبر 1973، ورغم أن السادات حاول ترضيته بتعيينه سفيراً لمصر في لندن، إلا الشاذلي لم يفرح بذلك لأنه كان ينتظر تعيينه وزيرًا للدفاع باعتباره أحق بهذا المنصب من المشير أحمد إسماعيل لكفاءته وخبرته العسكرية الكبيرة، ثم جاء الظلم الأكبر من الرئيس السابق مبارك الذي سجن الشاذلي بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، ولم يشفع للرجل كبر سنه ولا بطولاته العسكرية. الفريق سعد الشاذلي لمن لا يعرفه، هو الجنرال الذهبي وهو قائد سلاح المظلات والصاعقة سابقاً وقائد كتيبة الجيش المصري في الكونغو التي أرسلتها مصر ضمن الوفود العسكرية المكلفة من الأممالمتحدة بإقرار السلام هناك وكان وقتها برتبة العقيد وحدث خلاف بينه علي قيادة الكتيبة مع العميد أحمد إسماعيل، ووصل الخلاف إلي قيادة الجيش المصري وإلي عبدالناصر شخصياً، فأمر باستدعائهما، لتحدث بعدها كارثة سرقة الرادار المصري بالبحر الأحمر بعد قيام قوات إسرائيلية بالهبوط من طائرة عسكرية وسرقته فجرًا، وكان مكلفاً بتأمين الموقع العميد أحمد إسماعيل فأمر عبدالناصر بإحالته إلي الاحتياط، ليستدعيه السادات بعد وفاة عبدالناصر ويكلفه بوزارة الدفاع. لمع نجم الفريق سعد الشاذلي خلال حرب يونيو 1967، وكان وقتها قائد سلاح المظلات والصاعقة، ويكفي أن نعرف أن القائد المصري الوحيد الذي دخل بكتيبته إسرائيل وقام بتدمير بعض المواقع العسكرية هناك، في الوقت الذي كانت فيه طائرات الفانتوم الإسرائيلية تدك الجيش المصري الخالي من الغطاء الجوي بعد تدمير المطارات والطائرات العسكرية علي الأرض، ثم بدأت الطائرات الإسرائيلية تطارد الشاذلي في سيناء حتي نجح في عودته سالماً هو وكتيبته العسكرية إلي القاهرة بخسائر طفيفة، وهو ما لفت أنظار السادات وعبدالناصر إليه، فقام السادات بتعيينه رئيساً لأركان الجيش المصري واعداد خطة حرب أكتوبر 1973. تلخصت عبقرية الشاذلي في اعداد خطة المآذن العالية وإطلاق صيحة «الله أكبر» التي زلزلت العدو الإسرائيلي، وكان فكره العسكري يتلخص في تدمير المواقع العسكرية من الإسرائيليين بسيناء لتعود بعدها الأرض سالمة، في حين كان أحمد رسماعيل يركز علي الأرض قبل الإسرائيليين ومن هنا حدث الخلاف بينهما. رحم الله سعد الشاذلي الغائب الحاضر في احتفالات أكتوبر.