الشىء الوحيد المنتج الآن فى مصر هو الأرض الزراعية، والوحيدون المنتجون الآن فى أرض المحروسة هم الفلاحون، بل إن حالة التردى الواقعة لأماكن الإنتاج فى مصر تنذر بكارثة لا تُحمد عقباها ومؤشر خطر يستوجب من الجميع أفراداً ومسئولين أن يستحثوا العمم والعزائم لاتخاذ موقف تجاه هذه الظاهرة السلبية.. ويبدو أن هناك خطة محكمة الأركان للقضاء على الشىء الوحيد المنتج فى البلد وهو الأرض الزراعية..فمنذ اندلاع الثورة ومع عظيم الأسف هناك المئات من مواقع الإنتاج تم اغلاقها بالضبة والمفتاح وتسريح العاملين بها، أو إكراههم على ترك عملهم، بعد حرمانهم من رواتبهم أو تقليلها ووقف صرف الحوافز وما شابه ذلك وهذا ما جعل الاعتصامات والاحتجاجات الفئوية تزداد بشكل بشع، وكانت مدن أكتوبر والعاشر والسادات أكبر القلاع الصناعية فى مصر تستقبل عمالة كثيرة، وفجأة تبدل الحال إلي ما هو أسوأ، فلم تعد تستقبل أحداً بالإضافة الى تسريح العاملين الأصليين بها. لكن الشىء المخيف حقاً هو الحرب الشعواء المعلنة على فلاحى مصر رغم أنهم الوحيدون الذين عملوا بجد واجتهاد، وقد أفاء الله عليهم بمحاصيل وفيرة بشكل لم يسبق له مثيل منذ اندلاع الثورة، فوجدنا زيادة لأول مرة فى القمح والأرز والقطن وتنبهت الدولة وخاصة الرئيس محمد مرسى إلى هذه الظاهرة التى تستحق كل إشادة وتقدير..وتم رفع زيادة سعر التوريد لمكافأة الفلاحين والمزارعين الذين فضلوا العمل على الدخول فى مهاترات وخلافات السياسة دون تحقيق نفع عام للناس، وكانت المفاجأة الكبرى أن هناك أيادي ليست خفية تصر على إعلان الحرب على الفلاحين عقاباً لهم على زيادة الإ،نتاج،والغريب في الأمر أن هذه الأيادى هى جهات حكومية وحفنة من التجار، تآمروا على الفلاحين وحددوا أسعاراً أقل من التى حددها رئيس الجمهورية والعالمون بشئون الفلاحين والمزارعين، وامتنعوا عن شراء القمح والأرز والقطن من واقع الانتاج،وبالتالى وقعت الطامة الكبرى على الفلاحين. مؤامرات التجار الذين يشترون الإنتاج كثيرة ومتنوعة لا يعرفها الفلاحون فقط ولكن يعلمها المواطن البسيط أيضاً،وهناك روابط كثيرة تجارية تفرض كل الأنظمة فى البيع والشراء ومؤخراً اتفق هؤلاء جميعاً على إعلان الحرب على الفلاحين بصفتهم الوحيدين الذين شغلوا همهم الأكبر فى العمل الانتاج وقد كافأهم الله بعد الثورة بزيادة ملحوظة فى انتاج المحاصيل، محصول القمح زاد لأول مرة منذ زمن طويل بعد الثورة وأعرب الفلاحون عن سعادتهم بهذه الزيارة الملحوظة واستبشروا خيراً وتوقعوا أن تكافئهم الدولة بزيادة فى سعر التوريد،لكن ذلك جاء على غير هوى ورغبة مافيا القمح التى تقوم باستيراده من الخارج، وتمكنت المافيا عن التأثير على الجهات الحكومية لإنزال العقاب على الفلاحين، فحددت مدة معينة للتوريد ورفضت استلام المحصول من المزارعين،فى الوقت الذى قامت فيه المافيا بالتعاقد على استيراد كميات ووفرت لها الجهات الحكومية الشون لتخزين واستقبال القمح الوارد من الخارج والمملوء بالسوس والحشرات. وكذلك الأمر بالنسبة لسعر الأرز، رفض التجار استلام المحصول بالسر الجديد وتركوا الفلاحين يواجهون الأمرين فى محصول القمح والأرز، والذى تحول فى النهاية الى علف للماشية فى مقابل استيراد قمح ملوث ردئ الجودة والأرز البسمتى الذى نافس سعره سعر الأرز المحلى..إن مؤامرات التجار بمشاركة الأيادى المعلومة بالحكومة اعلنت فعلاً حرباً شعواء على الفلاحين ومعاقبتهم عقاباً شديداً على اهتمامهم بالأرض الزراعية خاصة فيما يتعلق بالمحاصيل الاستراتيجية وكذلك الأمر مؤخراً تم بشأن تحديد سعر قنطار القطن ففى الوقت الذى تم تحديد سعر التوريد بألف ومائتى جنيه للقنطار، عرضت الشركة التابعة الشراء بسعر سبعمائة جنيه فقط.. الذي يحدث فعلاً هو ظاهرة خطيرة جداً تستحق الوقوف أمامها ودراسة جوانبها المختلفة بدلاً من هذه الحرب الشعواء على الفلاحين الذين يستحقون التقدير والانحناء لهم وبدلاً من إنزال العقاب عليهم دون جريرة أوذنب. الحرب على الفلاحين تأتى فى اطار الحرب على كل شىء جيد ومخلص، ويبدو أن هناك أفاعى لا تريد خيراً لهذا البلد، فقد طال الفساد كل شىء بدرجة تحتاج الى مشروع قومي أصيل بهدف اعلان الحرب الحقيقية على كل بؤر الفساد والمفسدين الذين لايريدون خيراً لهذه الأمة وهذا الوطن الغالى.. الغريب في الأمر أن المافيا التى تتحكم فى الإنتاج الزراعى تقوم بدلع الفلاحين الذين يقومون مثلاً بزراعة الفراولة والموز والمحاصيل التى يتم تصديرها للخارج أما المحاصيل الرئيسية التى يحتاج اليها الشعب فلعنة الله عليها.. إنها أمور معكوسة تدخل فى دائرة الفساد الذى استشرى منذ زمن طويل فى كل البلاد، ويوم يأتى الأمر للضرب هذه البؤر نفاجأ بمضادات لمنع أى إصلاح لهذا الوضع المزرى والمخيف.