إعلان الحصر العددي لأصوات الناخبين بالدائرة الثانية في الإسماعيلية    الحصر العددي.. الدائرة الخامسة مركز أبو كبير بالشرقية تحسم الفائزين في جولة الإعادة بانتخابات النواب    اللجنة العامة بالخانكة تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة بانتخابات النواب    اللجنة العامة للدائرة الثالثة بالإسماعيلية تعلن نتيجة الحصر العددي للناخبين    بسبب خطأ.. إعادة فرز أصوات الناخبين في اللجنة الفرعية الرابعة بالدائرة الأولى بالزقازيق    فوز «حسن عمار» في جولة الإعادة بالدائرة الأولى ب انتخابات مجلس النواب ببورسعيد    بناء القدرات في تحليل وتصميم نماذج العواصف الرملية والترابية بالشرق الأوسط    الشرطة الأسترالية: اعتقال 7 أشخاص في سيدني على صلة بهجوم شاطئ بوندي    النفيلي وقدح يتصدران.. الحصر العددى لدائرة طوخ وقها بالقليوبية فى إعادة النواب    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    وكيل فرجاني ساسي يصدم الزمالك: سداد المستحقات أو استمرار إيقاف القيد    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    أمم إفريقيا - منتخب مصر يخوض مرانه الأول في المغرب    بالأرقام، الحصر العددي لجولة الإعادة بالدائرة الأولى بالمنصورة    (اشتباكات الإسماعيلية) إهانات بين الكعب الأعلى: جيش أم شرطة؟.. وناشطون: طرفان في المحسوبية سواء    قرار جديد بشأن دعوى نفقة مصاريف الدراسة لبنات إبراهيم سعيد    إعلان الحصر العددي بدائرة المنصورة.. رضا عبد السلام ونبيل أبو وردة الأعلى أصواتًا    تركي آل الشيخ ينفي مشاركة موسم الرياض في إنتاج فيلم «الست»    الحريديم يصعدون احتجاجاتهم ضد محاولات تجنيدهم في إسرائيل    نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا مصغرا لبحث تطورات المرحلة الثانية بغزة    رئيس الوزراء يرد على أسئلة الشارع حول الدين العام (إنفوجراف)    تحرش وتدافع وسقوط سيدات| محمد موسى يفتح النار على صاحب محلات بِخّة بالمنوفية    محافظ القليوبية يستجيب ل محمد موسى ويأمر بترميم طريق بهادة – القناطر الخيرية    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    الزمالك يهنئ بنتايج والشعب المغربى بالتتويج ببطولة كأس العرب    غدا.. انطلاق ماراثون انتخابات نادي الرواد الرياضي بالعاشر    اللجنة العامة ببندر المحلة تعلن الحصر العددي لنتائج فرز اللجان الفرعية    جوتيريش يدعو إلى توظيف الهجرة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التضامن الإنساني    فلسطين.. قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف جباليا شمال قطاع غزة    محمد موسى عن واقعة نبش قبر فتاة: جريمة تهز الضمير قبل القانون    «لم يصلوا أبداً».. حكاية 7 أشخاص احترقت بهم السيارة قبل أن تكتمل الرحلة بالفيوم    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    أكسيوس: تيك توك توقع اتفاقية لبيع عملياتها فى أمريكا إلى تحالف استثمارى أمريكى    الأمن يوضح حقيقة فيديوهين لتبادل اتهامات بين مرشحي دائرة أول المحلة    الفريق أول عبد الفتاح البرهان: شكراً مصر.. شكراً فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى    تعرف على الجوائز المالية لبطولة كأس العرب بعد تتويج المغرب    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    أزهر اللغة العربية    وائل كفورى ينجو من الموت بعد عطل مفاجئ بالطائرة.. فيديو    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    ترامب يوقع أمرا باعتبار الماريجوانا مخدرا أقل خطورة    رئيس غرفة البترول: مصر تستهدف تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين    هشام إدريس: تنوع المنتج كلمة السر في قوة السياحة المصرية    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    وفاة الفنان التشكيلي محمد عمر سليمان    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    7 أصناف من الأطعمة مفيدة لمرضى الأنيميا والدوخة المستمرة    تكريم مسؤول ملف السيارات ب«البوابة» في قمة EVs Electrify Egypt تقديرًا لدوره الإعلامي    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    قبل صافرة البداية بساعات.. بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 وكل ما تريد معرفته عن القنوات والتوقيت وطرق المشاهدة    الأردن يواجه المغرب في نهائي كأس العرب 2025.. كل ما تحتاج لمعرفته عن البث المباشر والقنوات وطرق المشاهدة أونلاين    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمير الحجاوي يكتب :من قال إن الدم ينسى
نشر في الوفد يوم 18 - 09 - 2012

شوارع تنزف.. جثث مكدسة في الأزقة.. رؤوس مقطوعة..أطراف مبتورة.. جنين فصل رأسه عن جسده ووضع في حضن أمه المقتولة.. حوامل بقرت بطونهن وأخرجت أحشائهن.. جثث منتفخة.. هنا صبرا وهنا شاتيلا.. هنا الموت المخيم على المكان.. وهنا رائحة الدم في كل مكان.. هنا الذكريات التي لا تنسى.. من قال إن الدم ينسى؟ من قال إن الدم النازف من الجرح والروح يمكن أن يتحول إلى مجرد ذكريات.. هنا الغمام الأسود وشياطين جهنم السوداء.. هنا إسرائيل والكتائب والقوات اللبنانية وجيش لبنان الجنوبي.. هنا شارون وايلي حبيقة وسعد حداد وفي ظلهم بشير الجميل وطغمة من السفاحين.. هنا القتلة الذين لا يتورعون عن القتل.
من قال إن الدم ينسى.. ومن قال إن الدم الفلسطيني رخيص.. من قال إن 3500 فلسطيني قتلوا في صبرا وشاتيلا سيذهبون مع الريح وننساهم.. إنه دم عصي على النسيان.. ليس وحده، فكل الدم الفلسطيني عصي جدا على النسيان لأن ذاكرة الحزن الفلسطينية تتسع للألم من دير ياسين وكفر قاسم وقبية إلى تل الزعتر ونهر البارد وجنين وغزة.. قدر الفلسطيني انه يسير من الموت إلى الموت ومن الدم إلى الدم.. من الموت على الهوية إلى الموت خنقا وإقصاء وكراهية واستبعادا وإلغاء على الحدود من وادي العقارب الليبي إلى التنف على الحدود العراقية السورية حيث تأبى الشياطين أن تعيش.
هنا كانت المذبحة في صبرا وشاتيلا.. ثلاثة أيام بلياليهن.. أربعون ساعة من الذبح المتواصل والسلخ وبقر البطون والإطاحة بالرؤوس وانتزاع الأجنة من أرحام الأمهات.. أربعون ساعة كاملة لم يتوقف فيها السكين والرصاص وكاتم الصوت.. أربعون ساعة خلدت الأيام الدامية في السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر من سبتمبر عام 1982.. إنه عام المذبحة.. مذبحة الفلسطينيين والعروبة والإسلام والأخلاق و الإنسانية انه سبتمبر الأسود بل فلنقل سبتمبر الأحمر لأنه بلوم الدم القاني من الوريد إلى الوريد.
إنه قدر الفلسطيني الذي تحول اسمه إلى "تهمة" لا تحتاج إلى تبرير.. إسرائيل تذبح وتقتل وتسجن وتعذب، وبعض الإخوة والشركاء في الأوطان يكملون المهمة.. مهمة الذبح والإلغاء.. انه إلغاء حتى الفناء وكأنه الموعد الوحيد المضروب للفلسطيني في أرضه وخارجها.
انه عنوان لزمن الإبادة الوحشية والحقد الأسود والقتل على الهوية، الذي نفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي والقوات اللبنانية المارونية والكتائب اللبنانية المسيحية ومليشيا سعد حداد العملية لكيان لا يعرف إلا القتل والإجرام.
يروي امنون كابليوك: "استمرت المذبحة 40 ساعة دون انقطاع واتخذت منذ اللحظة الأولى لبدايتها حجمًا كبيرًا، ففي الساعاتِ الأولى وحدها قتل الكتائبيون مئات الأشخاص، كانوا يطلقون النار على كل من يتحرك، وكانوا يحطمون أبواب البيوت، ويُجهزون على عائلات بكاملها.. أحيانًا لم يكتف القتلة بالقتل، بل كانوا يُقطعون أعضاء ضحاياهم قبل الإجهاز عليهم، ويحطمون رؤوس الأطفال والرضع على الجدران، وأحيانًا كانوا يتركون واحدًا من أفراد العائلة على قيد الحياة، ويقتلون الآخرين أمام عينيه ليذهب ويُخبر بما شاهدَ وعاش.. قام أفراد الميليشيا الكتائبيون بذبح البعض، وبقروا بطون البعض الآخر، وأطلقوا النار على الباقين، ومنهم زينب البالغة من العمر 29 عامًا، وهي في شهرها الثامن، قتلوا أولادها السبعة، ثم بقروا بطنها وأخرجوا الجنين ووضعوه على ذراعِ أمه القتيلة".
القتلة كوفئوا فيما بعد.. شارون أصبح رئيسا لوزراء الكيان الإسرائيلي وإيلي حبيقة وزيرا مقربا من نظام "الممانعة" في دمشق وحليفا لحافظ الأسد والآخرون سياسيين ورجال أعمال.. وحدهم سكان صبرا وشاتيلا كانوا على موعد مع الموت.
يبكي العالم ليل نهار على سبتمبر الأمريكي ويحيي ذكرى من قتلوا في سبتمبر الأمريكي حتى تحولت الذكرى إلى صنم يعبد.. أما ضحايا سبتمبر الفلسطيني في صبرا وشاتيلا فوسائل الإعلام مشغولة عنهم ولا تعبأ بهم ولا تذكرهم إلا لماما.. ضاعت حقوق الإنسان فحتى بلجيكا ألغت قوانينها لكي لا تحاسب جزاري صبرا وشاتيلا وهي التي كانت تحاكم العالم كله.. يبقى القانون قانونا حتى يصل إلى الفلسطينيين فيتبخر في الهواء وكأنه غير موجود.
لسنا في وارد المزيد من البكائيات واجترار الألم والحزن، بل لابد من إنعاش الذاكرة الفلسطينية والعربية المثقوبة بالرصاص والنسيان لشعب أبيد ويباد في كل مكان، من العدو و"الصديق والشقيق".. إنها ذاكرة الألم التي تكشف الغطاء عن جرح ينزف ولا يتوقف عن النزف.. يمتد من المعاناة إلى المعاناة.. من رفح جنوبا إلى مخيم اليرموك الدمشقي شمالا، ومن صحراء العراق الجهنمية شرقا إلى معسكر "سايبر ستي" الأردني غربا.. إنه نفس الشعب والمعاناة والذاكرة.. إنه الشعب الفلسطيني الذي يختزن في ذاكرته الجمعية كل الدم النازف.. لأنه دم لا ينسى أبدا مهما طال الزمن.
نقلا عن صحيفة الشرق القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.