لكي لا ننسي 28 سنة مضت علي وقوع مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت، التي ارتكبها العدو الإسرائيلي خلال اجتياحه للبنان في عام 1982 واستخدم أدوات محلية في تنفيذها. استمرت المذبحة طوال يوم الجمعة 16 سبتمبر من ذلك العام وكذلك صباح يوم السبت.
ثلاثة عقود.. والأمهات يمسكن بصور شهداء أحباب.. مازال بعضهم مفقودا، إذ لم توجد لهم جثث مع مئات الجثث الأخري، ولا عرفت عنهم أي معلومات، ولا أحد يكترث بالبحث عن مصيرهم، مثلهم في ذلك مثل أكثر من 17 ألف إنسان فقدوا في الحرب الأهلية اللبنانية، التي يريد البعض إعادة إشعالها هذه الأيام علي أرض لبنان. عائلات بأكملها تمت إبادتها في صبرا وشاتيلا. وإذا كانت المحرقة النازية قد استعانت بالغاز السام لقتل المعتقلين في معسكرات الموت الهتلرية.. فإن السفاحين الجدد استخدموا الرصاص الحي في قتل النساء والأطفال والشيوخ والشبان بدم بارد. وقد أيقظ المحرر العسكري الإسرائيلي «رون بن شاي».. في ذلك اليوم المشئوم، وزير الدفاع في حكومة مناحم بيجين - وهو ارييل شارون - لإبلاغه بتفاصيل المجزرة، فأجابه شارون ببرود: «عام سعيد»!! الجراح الغائرة في قلوب أقارب ومعارف الشهداء.. لم تشف، ولاتزال صور الضحايا معلقة تنتظر توقيع العقاب علي القتلة المجرمين. وحتي الآن لم تتم معاقبة هؤلاء السفاحين.. بل يجري تكريمهم! وفي الغرب.. مازالوا يتحدثون عن المحرقة النازية، ولا كلمة واحدة عن المحارق الإسرائيلية للفلسطينيين واللبنانيين. والعزاء الوحيد لأهالي الشهداء هو وفد من الأجانب - وليس من العرب - هم أعضاء لجنة «لكي لا ننسي صبرا وشاتيلا»، لا يتخلفون عن زيارتهم في موعدهم السنوي معهم. ويطلق الأهالي علي أعضاء الوفد اسم «أصدقاء ستيفانو»، والمقصود هو المناضل اليساري الإيطالي الراحل «ستيفانو كاريني» الذي أسس اللجنة، وكانت المفاجأة هي وصول ابنته إلي لبنان لمشاركة الأهالي في إحياء ذكري الشهداء. وإذا أردت أن تهزم شعبا، فإن عليك أن تضعف ذاكرته أو تمحوها، ولكن هناك من يقاوم النسيان ويحرص علي إبقاء الذاكرة حاضرة باستمرار.. وخاصة هذا الوفد من اليساريين العظام القادمين من أوروبا.