رأت صحيفة (فايننشيال تايمز) البريطانية أن الهجوم الذي شهدته السفارة الأمريكية في ليبيا ومصر، كرد فعل على نشر الفيلم المسيء للرسول، ومقتل المسئولين الأمريكيين السياسيين في بنغازي، يؤكد أن الربيع العربي وثوراته ترك دولة تعانى من نقاط ضعفها الدائمة. وأكدت الصحيفة أن الهجوم على السفارة الأمريكية في بنغازي، الذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي وثلاثة مسئولين آخرين، يُبرز ضعف الحكومة المركزية في طرابلس وحجم التحديات التي لا تزال تواجه من أجل إرساء الأمن في جميع أنحاء أراضيها. وسلطت الصحيفة الضوء على عدم قدرة قوات الأمن الليبية على حماية القنصلية واستخدام الأسلحة الثقيلة ضد حشود الجماهير الغاضبة، والتي يقول بعض المحللين إنها كانت ممتلئة بالمتشددين الإسلاميين، وأكدت الصعوبات التي تواجهها السلطات الليبية الجديدة في النسج بين جميع أطيافها بعد توحيد قبضة النظام المخلوع العقيد "معمر القذافي". وقالت الصحيفة إن الولاياتالمتحدة ودولا غربية أخرى تتعامل الآن مع عالم عربي متغير، خاصة في مصر وليبيا، حيث ضعفت الدولة بشدة في أعقاب الثورات التي شهدتها منذ عام ونصف العام، وعلى المدى القصير، قد أعطى مساحة لجماعات راديكالية للمناورة. وتابعت الصحيفة قائلة: إن الولاياتالمتحدة، التي ساعدت المتمردين في ليبيا على إسقاط نظام العقيد القذافي وتسعى إلى توثيق العلاقات مع الحكومة المصرية الجديدة والرئيس "محمد مرسي"، قد تكون قادرة على فهم أن التعاطف مع الجمهور سيكون أكثر جدوى من الاعتماد على القبضة الحديدية للأمن المركزي في دول الربيع العربي. وأشارت الصحيفة إلى أن كلا من بنغازي والقاهرة، شهدا مظاهرات غاضبة ضد الفيلم المسيء للرسول "محمد"، صلى الله عليه وسلم، الذي صور المسلمين على أنهم متعصبون، وكانت أمريكا طرفًا من صانعيه. وعلى الرغم من أن المحتجين في القاهرة قاموا بتحجيم جدران السفارة الأمريكية وأحرقوا العلم الأمريكي، إلا أن زعماء الأحزاب السياسية، بما في ذلك حزب النور السلفي المتشدد، ناشدوا المحتجين بمغادرة الموقع. إلا أن الوضع كان مختلفا تماما في بنغازي، حيث إن النيران أضرمت في مبني السفارة الأمريكية وأطلقت النيران على المبنى، وقال "عصام الزبير"، صحفي ليبي: إنه من المرجح أن يكون بين هؤلاء الجماهير الغاضبة مجموعة من المسلحين الجهاديين الذين رفضوا تسليم أسلحتهم بعد الحرب الأهلية التي أنهت حكم العقيد القذافي. وأضاف الزبير قائلاً: "إنهم لا يعترفون بالسيادة أو سيطرة الدولة الليبية، ومما يجعل الأمور أكثر سوءًا هو أن الدولة لم تكن قادرة على ردعهم، فعلى سبيل المثال، قال وزير الداخلية عندما هاجم السلفيون ضريحي القديسين المحليين مؤخرا: "إنه لا يريد أن تدخل الوزارة في معركة خاسرة خاصة أن المهاجمين لديهم أسلحة ومعدات أكثر من الدولة". ونسب "الزبير" ضعف السلطات إلى ما وصفه ب"تشكيل مفكك" لحكومة القذافي السابقة، التي شكلت من الميليشيات والمجموعات الإقليمية المتباينة سلطة منفصلة. وقال "عمر عاشور"، محلل سياسي مع مركز بروكنجز الدوحة، الذي درس الجهاديين في ليبيا: إنه على الرغم من تمكن بعض الإسلاميين من تحويل أنفسهم من نشطاء إلى سياسيين، إلا أن هناك فصائل لا تزال تعتقد في عدم شرعية "الدولة الليبية أو الديمقراطية". وبمقارنة الاحتجاجات في مصر وليبيا، قال "عاشور": إن الأهمية الحاسمة لوجود مؤسسات سياسة إسلامية ضروري، حيث انسحب السلفيون في مصر عندما قيل لهم ذلك من قبل قادة حزبهم المغادرة، أما في ليبيا، فليس هناك مستوى مماثل من المؤسسات، وأيضا قوات الأمن لديها قدرة محدودة وهناك المزيد من الأسلحة في أيدي أفراد الشعب العاديين".