- قبل أن تقرأ: أن يأتى يوم على إحدى المناضلات اللاتى بزغ نجمهن أثناء اندلاع الثورة.. وبعد أن صنع منها الإعلام مانشيتاً صحفياً رئيسياً.. فينقل عن أدباء وإعلاميين وكتاب صحفيين - أنا أحدهم - تقديرهم لدورها.. وتصديها بلا تخاذل أو خوف لكل ما يجرى من تشويه للثورة واعتداء على المتظاهرين.. وتكريم العالم لها.. بينما نصر نحن على قهرها وسجنها..!! أن يأتى يوم على هذه المناضلة - أسماء محفوظ - وتتحدث عنا وكأن الصحفيين فاسدون «يستاهلوا الحرق» (!! ) فهذا يوم أسود حقاً وصدقاً.. فبدلاً من التحدث بتقدير عن هؤلاء الذين سبحوا – مع الثوار.. ومع الحقيقة - ضد التيار بأمواجه الجارفة العاتية.. المحملة باتهامات بالعمالة والتخوين والتمويل.. إذا بها.. تتحدث عنا بتشف وربما تمنت لنا الحرق و«الولعة».. تماماً كما فعلت «سماح» أنور الشهيرة ب«سماح...». صحيح أن «أسماء» - حاولت تحسين الصورة مع زميلنا جابر القرموطى.. لكن طلقة الرصاص.. أو شرارة النار كانت قد انطلقت.. وطلقات النار التى أصابت الوطن كثيرة.. ولكن المشكلة أن الأرواح التى أزهقت والدماء الزكية التى أهدرت وأريقت فى كل ميادين مصر المقدسة لم يدفع «مرتكبوها الآثمون» الثمن بعد.. بل لعلهم الآن يعتقدون أنهم فى مأمن من أن تطولهم أيادى العدالة، أو أن الأمور لن تتطور - يوما ما - بشكل دراماتيكى فيصبحون «مطلوبين» للقضاء بعد بضعة شهور من إحالتهم إلى التقاعد.. مدججين بقلادات وأوسمة ومناصب، قد يتصورون أن بإمكانهم الاحتماء بها.. ولو كان هناك حماية لتمتع بها الرئيس الساقط الذى ظل يتدلل فى شرم الشيخ قبل أن «يشرمه» النائب العام ويحاكمه. - مازالوا حتى الآن.. حتى هذه اللحظة.. بعيدين عن أيدى القضاء.. لكن أول القصيدة بدأ ينشد الآن.. فقد تلقى النائب العام بلاغين - والحبل عالجرار - ضد رئيس المجلس العسكرى السابق ونائبه، وإن كان الأمر يتعلق بمسئوليتهما عن سقوط شهداء «رفح»، لكن من يدرى من سيقدم بلاغات أخرى بمسئولياتهما عن المجازر (أولاً أحداث 9 مارس الشنيعة بالتحرير التى اعتذر «العسكرى» عنها بداعى أن الرصيد يسمح!!) فأحداث «ماسبيرو».. ثم محمد محمود.. ثم شارع الفلكى ومجلس الوزراء.. وكذا موقعتا العباسية الأولى والثانية.. وما بين كل هذه المصادمات من مآس يشيب لها الولدان.. ماكان منها ثقافياً وتراثياً وتاريخياً كالسماح بحرق المجمع العلمى على الهواء مباشرة ليكون خطوة من الخطوات المتخذة على طريق تشويه الثورة وأبطالها ومؤيديها.. وما كان منها لا أخلاقى كانتهاك الأعراض وسحل الفتيات مثل «نهلة كمال» وكشف العذرية (واقعة سميرة إبراهيم نموذجاً).. وإلقاء جثث المتظاهرين «الميتين من الضرب» فى الزبالة.. كل هذه الجرائم وغيرها كثير.. وفى مقدمتها الاعتقالات العسكرية ومحاكمة نشطاء ومتظاهرين بالجملة والتنكيل بهم وإهانتهم واتهامهم بالعمالة لقطر والخارج وأنهم مأجورون لحساب أجندات خارجية.. وكانت كذبات خطيرة ظل العسكر يروجون لها حتى صدقوها!! ثم أفاقوا على فضيحتهم فى ليلة أحزان رفح!! - البقية فى حياتكم فى هؤلاء الشهداء الأبرار.. فى كل المواضع «المقدسة» التى أشارت إليها.. والبقية فى حياتكم أيضاً.. حيث سترون قريباً أن هؤلاء الرجال الذين صدعوا رؤوسنا بحمايتهم لنا لم يكن أمامهم – ودرس مبارك ماثل للعيان إلا أن يفعلوا ما فعلوا وأن يتواروا خلف مدافع الدبابات.. وفى الغرف المغلقة.. يلوذون بنصائح بعض أبناء الأمة ممن أحسنوا الظن بهم أو لعلهم أرادوا تحجيم مخاطر إدارتهم السيئة للبلاد.. هل تذكرون «قسوة» اللواء «بدين» وقيادته لكل العمليات الصدامية ضد المتظاهرين، وإصابتهم أو قتلهم، أو تعجيزهم (أكثر من أربعين مفقوء العين منهم حتى الآن كأحمد حرارة ورضا عبدالعزيز وغيرهما. هل تذكرون «تهديدات» عادل عمارة بطرد الصحفيين من المؤتمرات؟ هل تذكرون أسافين وشائعات اللواء الروينى الشهير (بدون حق ب«أبو الثوار»!!)؟ هل تذكرون تلك التحية الخالدة للواء الفخرانى التى نسيتها ذاكرة المصريين وحلت محلها إصبع سبابته الشهيرة خارقة للعيون ساحقة كل رصيد محبته عند الناس.. هل تذكرون اللحظة التى انقسم فيه الناس بين مؤيد للمشير ورافض له فقال قولته المشعلة للفتنة.. «طيب وهو الشعب ده ساكت على الناس التانىين دول ليه»؟! -بعد أن قرأت: تذكرت؟ تألمت؟ حتما تألمت.. حسناً أقيل طنطاوى وعنان.. لكن المهم الآن أن يلقيا - وأعضاء المجلس العسكرى جميعاً - المحاكمة العادلة.. (وأعتذر عن قلة أدبى!!) فهذا حق للشعب المصرى، وثمن لأيام الذل والقهر والقلق والموت التى عشناها كل لحظة والخوف – أيضاً - كل لحظة من حريق يشتعل فيه المصريون.. من ولعة على طريقة سماح أنور إلى حرق الصحفيين (مع الفارق) على طريقة الثائرة الأنانية أسماء محفوظ.. التى تريد رحيقنا وعسلنا ولكن ترفض بعض «لدغاتنا».. إلى الحريق الذى أشعله العسكرى فى قلوبنا وهو يتفرج معنا - باسم حمايتنا - على اصطياد عناصره للنشطاء.. وسحلهم للمتظاهرات وقتلهم للمتظاهرين والثوار.. فضلاً عن الفرجة «البلوشى» على الهواء لوقائع حرق المجمع العلمى!!