في عصر مبارك كانت آدمية السيدات تنتهك في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية من قبل الشرطة والمخبرين والبلطجية المأجورين ، وقتها كانت الدنيا تقوم ولا تقعد ، تشجب وتندد بضرب وسحل السيدات و الصحفيات علي سلالم النقابة وغيها ، وحين قامت الثورة ، فرحنا جميعاً معلنين عن نهاية عصر إذلال المرأة والتحرش بها من كافة الاتجاهات ، وظننا أننا نرتب لعهد جديد اسمه كرامة المرأة المصرية . لكنه كان الحلم الذي استيقظنا منه الأيام الماضية علي كابوس مرعب أعاد إلينا صورة الفنانة ماجدة في رائعة يوسف شاهين جميلة بوحريد وهي تعذب وتسحل علي يد الجيش الفرنسي الغاشم والمحتل للجزائر وقتها ، وصورة الراحلة سعاد حسني في رائعة نجيب محفوظ "الكرنك " وهي تنتهك علي يد كمال الشناوي ورجاله
عناوين مفجعة
الصور التي بثتها الفضائيات ورواها الرواة والمعاصرين للحدث ، والحكايات التي قصتها المسحولات فاقت كل وصف وتصور ، فإذا بنا نعود إلي عصر صلاح نصر وعصر الاستعمار الفرنسي .
وكل ذلك يحدث علي يد جند هم خير أجناد الأرض بشهادة خاتم النبيين محمد صلي الله عليه وسلم لا شك أن الصورة التي تناولتها كافة وسائل الإعلام العالمية تحت عناوين مفجعة منها أزمة اخلاق في مصر كما جاء في صحيفة التايم الأمريكية ، أو بنات مصر في حاجة إلي رجال ونحن مستعدون لحمايتهم كما جاء في الصحافة التونسية ، أما صحيفة ديلي تلى ديلجراف أكدت أن مشهد كشف العسكر لجسد فتاة فاق حريق المجمع العلمى .
وقفة حداد
وتحت عنوان "لأنها لم تتعرى ولكن عرّت المجلس العسكري" .. قام عدد من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" بالدعوة إلى مسيرة تضامنية مع الفتاة التي قامت قوات الجيش بالاعتداء عليها وتجريدها من ملابسها العلوية بشارع القصر العيني، والتي انتشرت صورتها علي المواقع الالكترونية بشكل كبير السبت، تحت عنوان "مسيرة نسائية الثلاثاء تضامنا مع "الفتاة التي عرّت المجلس العسكري".
ووقفة أخري صامتة للسيدات على سلالم نقابة الصحفيين اليوم الثلاثاء في تمام الساعة الثالثة بالملابس السوداء ضد انتهاكات العسكر ومن المفترض أن ترفع فيها لافتات وصور بالانتهاكات التي قام بها العسكر ضد بنات وسيدات مصر احتجاجا على ما حدث وما زال يحدث وتتوجه الوقفة بعد ذلك إلى ميدان التحرير وشارع القصر العيني.
محررة الشروق نانسي عطية روت للشروق قصتها مع الضرب من قبل الجيش في عدد أمس الاثنين : قائلة كنا مجموعة من الشباب والبنات، نحاول الخروج من المخرج القريب لكنتاكى، على المخرج حوالى سبعة من جنود الجيش، ومعهم آخرون بلباس مدنى.
«انزلى تانى، مفيش خروج من هنا؟»، زعق ذو اللباس المدنى، من وراء جندى القوات المسلحة، وكان ردى: «إنت بتكلمنى ليه؟ أنا هطلع من هنا؟، فين الجيش؟»، وكانت إجابته: «احنا الجيش». الجنود ذوو اللباس العسكرى يفصلون بيننا ولا يتدخلون.
بعد وقت، وبصعوبة شديدة نجح بعضنا فى التسلل من المحطة، وكان أمامنا شارع طلعت حرب. بالخارج كان المشهد مشتعلا: دخان يتصاعد وصرخات من كل اتجاه، وقوات الجيش تحتل الميدان بأكلمه، يهرولون فى كل اتجاه، من بداية شارع قصر العينى، وحتى المتحف المصرى. وسط قوات الجيش يقف أفراد بلباس مدنى حاملين الهراوات والعصا والصواعق الكهربية، ومن أمام مدخل شارع طلعت حرب المطل على ميدان التحرير، تجمع نحو مائتى متظاهر، وجاء عشرات آخرون للتضامن مع من نجوا من السحل والضرب.
جلس الجميع على الأسفلت، بعد أن وضعوا حاجزا حديديا ليفصل بينهم وبين قوات الجيش المتأهبة على بعد أمتار قليلة. وبدأت أصواتهم تعلو بالهتافات «يسقط يسقط حكم العسكر، إحنا الشعب الخط الأحمر». وأنا على بعد أمتار منهم أسجل ملامح ما أرى فى مفكرة صغيرة.
يزداد الهتاف والصوت يعلو، وفجأة يبدأ أفراد الجيش بالتقدم فى اتجاه المتظاهرين، بعنف انهالوا على كل من طالته أيديهم بالعصا والهراوات، وبدأ الجميع يهرول.
أما وائل قنديل فكتب في مقاله بالشروق "الصحفية المحترمة الطاهرة «أروى» التى رأيتهم يسحلونها على الأرض ويدوسون بأحذيتهم الثقيلة على كرامتها ويعرون جسدها، فى مشهد ينتمى إلى أحط وأحقر عصور بربرية الاحتلال، كل ذلك لأنها سجلت بعدستها الفظائع والجرائم الفاحشة المرتكبة فى حق شباب مصر.
على صفحات المواقع الاجتماعية انتشر فيديو "غادة كمال أحمد عبد الخالق" (28 سنة) والناشطة السياسة فى حركة 6 أبريل التي أصيبت مصابه فى أحداث مجلس الوزراء هي صاحبة الصورة الشهيرة لجنود يجرونها من شعرها.
وأشارت غادة في حديثها إلى أن أحد هؤلاء الضباط قام بتهديدها بإيحاءات جنسية ووجه لها وابلاً من الشتائم، حتى جاء أحد اللواءات بتحريرها هي ومن معها من المحتجزين.
لا تلوموا الناس
د. مصطفى النجار، عضو مجلس الشعب عن دائرة مدينة نصر، ووكيل مؤسسي حزب العدل،وأحد شباب ثورة يناير علق ا على أحداث مجلس الوزراء بقوله : لمّا البنات تتخطف وتتكهرب، ولمّا الأطباء يتعقبوا على إسعافهم للجرحى بالسحل والإهانة، لا تلوموا الناس على الغضب".
وجدير بالذكر أن تصريحات النجارجاءت بعد قيامه بتحرير محضر في قسم شرطة قصر النيل بعد اختطاف 9 من أعضاء حزب العدل وتعرض أحدهم للتعذيب صباح اليوم، فيما قيل أنه محاولة لاقتحام مقر الحزب في جاردن سيتي.
أما اللواء عادل عمارة عضو المجلس العسكري فحين سئل في مؤتمره الصحفي أمس عن صورة البنت المصرية التي تم سحلها وضربها وتمزيق ملابسها من قبل جنود الجيش المصري أثناء الهجوم على ميدان التحرير صباح السبت الماضي ، اعترف بان الصورة حقيقية لكنه قال اسألوا الظروف التي أدت إلى وقوع تلك الحادثة التي يجرى التحقيق فيها حالياً .
و طالبته إحدى المحررات العسكريات بتقديم الاعتذار لل نساء مصر على تلك الصورة وتلك الواقعة وضرورة الاهتمام بدور المرأة فى الفترة القادمة مؤكدة أن الثورة القادمة هى ثورة النساء .
أما هيلاري كلينتون وزير خارجية أمريكا فقالت خلال كلمة لها ألقتها في جامعة واشنطن إن الطريقة التي تُعامل بها النساء في الثورة المصرية تشكل وصمة عار على الدولة وجيشها ولا تليق بشعب كبير كالشعب المصري.
إذا كان هذا هو ما يحدث لبنات مصر علي يد من هم مسئولين عن حماية الشعب بكامله ، فمن يحميهن حتي لو كن مجرمات وهن لسن كذلك ، فمن يحمي بنات مصر ومن يرحمهن من البطش ، ألا يكفي المرأة قهر سنوات طوال ، فهل جاءت الثورة لتحمل المزيد من القهر ، وهل مكتوب علي المرأة المصرية أن تنتقل من سلطة إلي سلطة والقهر كما هو، فقد ظننا أن ثورة يناير جاءت لتنصف المرأة كما انصفت فئات كثيرة مظلومة لكنها جاءت لتضاعف الظلم والقهر وتجعل صورة المرأة المصرية علي صفحات الصحف العالمية لا بصفتها حقتت إنجاز لكن بصفتها طرف ضعيف مسحول من قبل طرف ظالم .