إعلان الحصر العددي لأصوات الناخبين بالدائرة الأولى في الدقهلية (فيديو)    ترامب: الأراضي الأوكرانية قد تصبح روسية في نهاية المطاف    تعرف علي عقوبات مباراة الاتحاد والأهلي في إياب نهائي دوري المرتبط - رجال لكرة السلة    الفنان محمد صبحي يكشف لاول مرة تطورات حالته الصحية    أول تعليق من رضا البحراوي على أزمة والدته الصحية    نتائج الحصر العددي لأصوات الناخبين بالدائرة 12 في الجمالية    نتائج الحصر العددي للجنة 13 بدائرة قصر النيل والوايلي والظاهر والأزبكية    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    مجموعة فانتوم المئوية.. أيقونة جديدة من رولز رويس    اللجنة العامة بشمال سيناء تعلن نتائج الحصر العددي لأصوات الناخبين    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يكرم محافظ جنوب سيناء    دار الإفتاء: المشاركة في الانتخابات واجب شرعي وأمانة    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    ستارمر: زيلينسكى قَبِل أغلب بنود الخطة الأمريكية للتسوية في أوكرانيا    ننشر المؤشرات الأولية لفرز لجان السويس في انتخابات مجلس النواب    الفيوم تحتضن مهرجان البيئة وجامعة الفيوم تشارك بفاعلية في الحدث    وعكة صحية تُدخل والدة رضا البحراوى المستشفى    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    محمود فتح الله: تصريحات حسام حسن الأخيرة تعتبر الأسوأ في تاريخ مدربي منتخب مصر    مؤشرات أولية.. الإعادة بين 4 مرشحين بدائرة شبين الكوم في المنوفية    السيد القصير في أول اجتماع لأمانة الجيزة: نشكر اللواء الدالي.. ونؤكد الدعم الكامل لمرشحي الحزب    أخبار نصف الليل| قناة السويس تستعيد أسطول «ميرسك».. وارتفاع أسعار الذهب    عاجل.. قائمة الأهلي لمواجهة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا    قانون العمل الجديد | زيادة سنوية بنسبة 3%.. تعرف على ضوابطها    محمد صبحي: والدي أوصى بسقوطي في معهد الفنون.. وطردني    ثقف نفسك | الأرض تغضب وتثور.. ما هو البركان وكيف يحدث ؟    مجلس الأمن والدفاع السوداني: فتح المعابر وتسهيل دخول المساعدات    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    خمسة لطفلك | كيف تكتشفين العدوى الفيروسية مبكرًا؟    محمد صبحي يكشف تفاصيل إصابته ب«الوسواس القهري»    دراسة تكشف عن 3 مخاطر من إيقاف أدوية إنقاص الوزن قبل الحمل    ترتيب دوري أبطال أوروبا.. تشيلسي يقترب من المربع الذهبي وبرشلونة ال15    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بحدائق أكتوبر    ب8 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع تدوير القطن والأقمشة بالقليوبية| صور    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    ضبط مدير مبيعات وطالب جامعي يديران مركزًا طبيًا غير مرخص في بولاق الدكرور    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بمشاركة مرموش.. السيتي يخسر على ملعبه أمام ليفركوزن في دوري الأبطال    كريم الدبيس: أي حد أفضل من كولر بالنسبالى.. وجالى عرضين رسميين للاحتراف    بالأرقام.. مؤشرات اللجنة الفرعية رقم 44 بدائرة المطرية محافظة القاهرة    لجنة السيدة زينب تعلن محاضر فرز اللجان الفرعية للمرشحين بانتخابات النواب    مصرع طفل 15 سنة في تصادم دراجة وسيارة نقل خلال حفل زفاف غرب الأقصر    مؤشرات نتيجة مجلس النواب 2025 من الحصر العددى برفح والشيخ زويد    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الخميس والسبت فى دور ال32 بكأس مصر    رئيس البرازيل السابق جايير بولسونارو يبدأ تنفيذ حكم بالسجن 27 عاما بتهمة التخطيط لانقلاب    بعد تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الفقي: ترامب يبعث برسالة غير مباشرة لحماس    جامعة المنيا: اعتماد استراتيجية الابتكار والأمن السيبراني    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    مواجهة نارية في دوري أبطال أوروبا.. برشلونة وتشيلسي لايف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جهاد الخازن يكتب :(اعتقل واعترف)
نشر في الوفد يوم 21 - 08 - 2012

ألغى قاضٍ بريطاني محاكمة شاب بتهمة السرقة المسلحة لأن شرطياً داخل المحكمة شوهد وهو يلوي وجهه، أو يعبس، أو يهز رأسه، فيما كان المتهم يدلي بشهادته.
المحلفون لاحظوا تعابير الاستياء على وجه رجل التحري أندرو وودوارد ونبهوا القاضي غراهام نولز إليه، فأعلن هذا فوراً إلغاء المحاكمة، وسرَّح المحلفين، ودعا إلى محاكمة جديدة الشهر المقبل.
لا أعتقد أننا في أي بلد عربي سنصل إلى هذا المستوى من العدالة بعد مئة سنة أو ألف. بل أعترف بأنني، كمواطن عربي أصيل، أجد قدراً كبيراً من المبالغة في العدالة الإنكليزية، فالشرطي لم يتدخل في سير المحكمة إطلاقاً، وإنما بدا من تعابير وجهه أنه لا يوافق على كلام المتهم، والمحلفون ما كانوا بحاجة إلى رصد تعابير وجه الشرطي وهم يسمعون استجواب المتهم، ومع ذلك فالقاضي ألغى المحاكمة، وفي هذا خسارة كل المال العام الذي أنفِق على المحاكمة حتى إلغائها.
لو أن المتهم اعتُقل في أي بلد عربي لكان ضُرِبَ وعُذِّبَ قبل أن يصل إلى المخفر، ولكان اعترف بما ارتكب وما لم يرتكب، ولكان القاضي وجد الاعتراف مع توقيع الشهود أمامه في المحكمة، والحكم بعد هذا مجرد «تحصيل حاصل»، فالمواطن في بلادنا متهم إلى أن تثبت براءته، وهذا نادراً ما يحدث، وإنما يُعتقل رجل بتهمة سرقة مسلحة أو قتل أو اعتداء جنسي، ويصبح لقبه «المجرم» أو «الوحش الجنسي» قبل صدور قرار الاتهام، ناهيك عن إدانة المتهم لاعترافه بعد التعذيب.
بدأت العمل في الصحافة وأنا طالب، وكان من حُسن حظي أن تلقيت تدريباً في لندن بإشراف توم ليتل، مؤلف الكتاب «ناصر، رائد القومية العربية» وأحد أشهر الصحافيين الإنكليز في حياته. ما تعلمتُ هو أن المتهم يظل السيد فلان، القاتل المزعوم، إلى أن تصدر إدانة بحقه فيصبح «القاتل» ويُسحب منه لقب «السيد». وإذا استأنف المتهم المُدان الحكم يعود لقبه «السيد»، و «القاتل المزعوم»، حتى يصدر حكم نهائي بتبرئته أو إدانته.
في الغرب، وصف الإنسان المعتقل فوراً بأنه مجرم يعني منع محاكمته في المدينة حيث دانه الإعلام أو الجمهور، وربما نقل المحاكمة إلى مدينة أخرى حيث لا يوجد رأي عام ضد المتهم.
متى نبلغ هذه في بلادنا؟ أقول «في المشمش».
ربما ما كنت كتبت عن قضية الشاب المتهم بالسرقة المسلحة لولا أنها تزامنت مع أخبار يومية منذ أسابيع عن المجرم المدان ايان برادي الذي قتل خمسة صغار في الخمسينات، بمساعدة صديقته مايرا هندلي، التي توفيت عام 2002، ورفض الاعتراف بمكان دفنه أحد الضحايا وهو كيث بينيت وكان في الثانية عشرة عندما قُتِل.
ويني جونسون، أم الضحية كيث، قضت حوالى 50 سنة من عمرها وهي تبحث عن جثة ابنها لدفنه في شكل لائق مع السابقين من أسرته. وهي توفيت السبت الماضي، وأوصت بترك مكان قرب قبرها يُدفن فيه ابنها عندما يُعثر على جثته. وأرجّح أنها ماتت قهراً وكمداً، فقد تردد أن هناك رسالة من القاتل توضح أين دفن ضحيته، وتنص على عدم فتحها قبل موت القاتل، ثم قيل أن المدافعة القانونية عن برادي أعادت إليه الرسالة.
التفاصيل كثيرة وهي ليست مهمة لفكرة الموضوع، فشرطي يعبس وتُلغى المحاكمة، وقاتل جماعي ينتقل من قتل الأطفال إلى تعذيب أهلهم، ويقضي وقته في سجن من نوع مستشفى مجانين تحت رعاية طبية.
لو كان هذا المجرم في بلادنا لكان اعترف بمكان دفنه كل واحد من الأطفال ضحاياه، ولكان أعدِم بعد ذلك كما يستحق وانتهى الأمر.
غير أن المجرم في بلادهم له حقوق، حتى أن المقيم غير الشرعي يرتكب جريمة، فيبقى في البلد لأن طرده قد يعني انتهاك حقوقه الإنسانية.
في بلادنا البريء ليست له حقوق، وإذا قامت شبهة حوله يُعذَّب في الطريق إلى المخفر، وفي المخفر، ويُنتزع منه اعتراف حتى وهو بريء أحياناً وإنما لا يتحمل التعذيب.
في بلادهم اعتقل تحت مظلة القانون وبحماية القانون. في بلادنا «اعتقل واعترف». كم مرة قرأنا هاتين الكلمتين واحدة بعد الأخرى في صفحة الحوادث المحلية في صحف الدول العربية كلها.
لو أن ايان برادي اعتقل في سورية مثلاً، بعد قتل خمسة أطفال، لكان اعترف بقتل عشرة، أو أي عدد تريده الشرطة، ولربما كان مات تحت التعذيب، وأكدت الشرطة أنه مات بسكتة قلبية.
هل نعيش يوماً في دولة القانون؟ يستطيع كل عربي أن يحلم، إلا أنه يستيقظ في الصباح ليدرك أنها أضغاث أحلام تبددها كوابيس اليقظة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.