ودع المنتخب الوطنى الأول، نهائيات الأمم الإفريقية، فى مشهد مخزٍ أمام 80 ألف مشجع فى استاد القاهرة، ووسط أحزان 105 ملايين مصرى اصطفوا خلف الشاشات أملاً فى فرحة غائبة منذ سنوات لم تعرف فيه الكرة المصرية أى انتصارات فى الكان. ويتحمل مجلس إدارة اتحاد الكرة برئاسة هانى أبوريدة، مسئولية هذا الوداع المهين من أول الأدوار الإقصائية كذلك اللاعبون الذين لم يكونوا على قدر المسئولية ولم يعرفوا جيداً قيمة قميص الفراعنة الذى لطالما شكل رعباً للمنافسين داخل القارة السمراء، لكنه على أيديهم بات بدون شخصية أو أنياب حقيقية. ورغم أن المسئولية تتوزع على جميع عناصر الكرة سواء من إدارة اتحاد كرة أو لاعبين أو جهاز فنى وإدارى، إلا أن المكسيكى خافيير أجيرى، على أرض الواقع هو المسئول الأول عن تلك النكسة الكروية بكل قراراته الخاطئة سواء الفنية أو الإدارية. اختيار خاطئ حضر أجيرى إلى مصر فى أعقاب وداع الفراعنة لمنافسات كأس العالم، فى صفقة مريبة، بعد ان تم استبعاد أسماء قوية مثل البرتغالى كارلوس كيروش والمكسيكى كارلوس أوسوريو، ليمر الأمر رغم اعتراض حازم إمام وعصام عبدالفتاح عضوا اللجنة الثلاثية لاختيار المدير الفنى مع مجدى عبدالغنى، ومر الأمر بمباركة هانى أبوريدة رئيس اتحاد الكرة، الذى أكد أن المكسيكى سيحقق نقلة فى كرة القدم المصرية. ورغم ضعف سيرته الذاتية أمام تلك الأسماء واختلاف تلك المدرسة التدريبية عن طابع الكرة المصرية، إلا أن اتحاد الكرة أقنع الجميع أن أجيرى هو مخلصنا من الطريقة الدفاعية لهيكتور كوبر، المدير الفنى السابق، إلا أن الفترة التى تولى فيها المهمة حفلت بأزمات وفضائح، كانت نهايتها الطبيعية والمتوقعة هى السقوط المدوى للمنتخب. وحضر أجيرى إلى مصر وترك أوروبا لأكثر من سبب، أبرزها على الإطلاق أنه متورط فى قضية تلاعب فى النتائج بالدورى الإسبانى والقضية ما زالت تنظر فى القضاء الإسبانى، ومن ثم فضل المدير الفنى البحث عن مكان جديد للعمل فيه بعيداً عن الدورى الإسبانى الذى سيكون من الصعب عليه العمل فيه خلال هذه المرحلة. وفى شهر يناير الماضى، تفجرت تلك الفضيحة وخرج اتحاد الكرة ليدافع عن المدرب المكسيكى ويؤكد أنه برىء بدلاً من أن يتقى الشبهات ويستبعده لينقذ المنتخب من مدرب سيئ السمعة، وزعم رئيس الاتحاد أن عقده لا يتضمن شرطاً جزائياً وكأن الأمر فقط يتعلق بالأمور المادية. سبوبة المنتخب المدرب المكسيكى ترك وكيل أعماله المصرى يرشح له لاعبين ويضمهم للمنتخب، وأحضر ميشيل سيلجادو وتم تعيينه مستشاراً فنياً براتب قيمته 5 آلاف دولار، فى كل فترة تجمع سيحضر فيها للعمل مع منتخب مصر، وبدأ الأمر كأنه سبوبة يحاول خافيير أجيرى أن يستفيد منها كل المقربين منه. فبخلاف راتبه الشهرى الذى وصل إلى 108 آلاف دولار، والذى جعله أعلى المدربين فى البطولة الإفريقية دخلاً، كان وكيله المكسيكى يتدخل فى اختيارات لاعبى المنتخب خاصة ممن هو وكيل لهم. فوجدنا أسماء لاعبين منسية من فرقها فى الدورى الممتاز مثل أحمد فتوح لاعب الزمالك المعار إلى سموحة ينضم للمنتخب فى معسكرين سابقين ومعسكر البطولة على حساب عبدالله جمعة الذى اختير ضمن التشكيلة المثالية للاتحاد الإفريقى هذا العام، وشهد له القاصى قبل الدانى بأحقية قيادة الجبهة اليسرى، وهنا تفتش سريعاً عن الوكيل، فتجده وكيل أجيرى. فضيحة المعسكر آخر فضائح أجيرى قبل مباراة جنوب إفريقيا تمثلت فى خروجه من معسكر المنتخب قبل المباراة ب48 ساعة فقط بصحبة وكيل أعماله للسهر فى أحد المراكب النيلية أمام نادى الجزيرة، وسهرا حتى الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة. وخرج المدرب بعد تناوله بعض المشروبات وهو فى حالة يرثى لها وعاد إلى فندق إقامة المنتخب الوطنى، ليقود بعدها تدريبات المنتخب وسط حالة من الاستهتار واللامبالاة بأحلام الملايين، فكان المدير الفنى للمنتخب خير تطبيق على مثال «إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص». ضعف الشخصية على مدار تاريخ المنتخب الأول باختلاف أسماء المديرين الفنيين، كان الرجل الأول دائماً صاحب شخصية قوية ويسيطر على اللاعبين نظراً لقيمة المركز الذى يشغله وهو ما لم يتوافر تماماً فى شخصية أجيرى الذى ضرب بقواعد المعسكرات والالتزام عرض الحائط. وعن الوقائع الأخلاقية التى شهدتها معسكرات المنتخب المصرى على مدار تاريخه فحدث ولا حرج، أسماء بحجم إبراهيم سعيد وميدو وحسام غالى وباسم مرسى، تم استبعادها لسوء السلوك من من المدربين فكان الطبيعى أن يلتزم باقى اللاعبين ويسود الانضباط. أما أجيرى فيتحمل المسئولية الأكبر مع مسئولى اتحاد الكرة والمهندس إيهاب لهيطة مدير المنتخب، فأظهر أضعف وجه للمدير الفنى لمنتخب مصر، فى أزمة عمرو وردة التى مثلت بكل تفاصيلها مدى ضعف هذا الجهاز الفنى وقزامة حجمه أمام لاعب من الأساس لم يكن يستحق الانضمام للمنتخب، وأمام زملائه الذين تحكموا فى قرار الجهاز وأعادوا اللاعب إلى المعسكر بعد استبعاده رسمياً.