كلنا يتذكر حكاية «الصعود إلي الهاوية» حيث عاد بطل الفيلم من باريس مصطحباً الجاسوسة في الطائرة، وهي لا تدري إلي أين المصير.. وفوجئت وهي تنظر من عليين فرأت الأهرام، أصيبت بدهشة وسألت صاحبها بطل الفيلم: «إحنا فين.. وإيه دي؟.. فرد عليها: هي دي مصر يا عبلة». وسؤالنا الآن: رأت مصر الحضارة.. رأت مصر الخلود.. مصر النيل يجري بالخير والنماء.. و«مصر هبة النيل» قالها هيرودوت من قديم الزمان: النيل يسقي ومصر تزدهر.. وتجري المراكب فوق سطح النيل آتية بالخير والحياة.. وشمس مصر تشرق في بهاء وكبرياء.. النور.. النور.. «وأشرقت الأرض بنور ربها».. الأغاني والأهازيج.. والليل.. والقمر حب وأغاريد.. و«حبيبي يا أسمراني».. و«أسمر ملك روحي».. هذه هي مصر.. يا أبناء الحياة.. مصر التاريخ.. وعظمة وكبرياء الإنسان.. مصر النور.. الذي يهزم كل ظلام. وفي ليلة سوداء.. كانت - لمصر - يوم حداد.. يوم ديست فيه القوانين والحق والعدل.. بأسلحة السلطان.. بلا رحمة.. وبلا تفاهم أو أي بيان. «الضرب.. الضرب».. «اضرب في المليان».. أشياء «غريبة» عجيبة.. هنا لطخوا وجه مصر - مصر الحبيبة الحسناء - بالطين والدم والآهات. ما كنت يا يومهم الأسود.. العدل، الحسناء في يدها الميزان. دار العدل وكل حقوق الإنسان.. قد مسه - العساكر - بكل سوء. قرار من .. يا مصر الجريحة؟.. من أصدر قرار الهوان؟.. قديماً قال الحاكم العادل فينا: حصنوا مدينتكم بالعدل.. واليوم.. صاحب القرار قد أصدر قرار الموت.. «الضرب.. الضرب.. في المليان». هذه ليست مصر.. يا عبلة.. مصر التي رأيتها.. وأنت في السماء.. وأنت تزفين إلي الموت.. لأنك أردت الصعود.. وكان «الصعود إلي الهاوية».. لأنك ضربت قلب مصر.. فكان هذا هو الجزاء. ومن ضرب مصر.. أياً كان العدوان. شُلت يمينه.. وسوف يأتي يوم الحساب. والشعب إذ صمم علي الحياة وحتماً سوف يستجيب القدر ويأتي قاضي مصر علي المنصة عالية المقام.. حكمت محكمة مصر.. نعم.. أنتم يا من خنتم دماء الشهداء.. لستم منا.. وحكمت المحكمة.. بلا نقص أو إبرام.. الموت الزؤام.. لمن يخون أمانة الأوطان.