تعقيب علي تحقيق جريدة اليوم السابع المنشور يوم 15 يوليو 2012 بعنوان: مشروع المحطة النووية وهم كبير ... من واقع مسئوليتي الوطنية والفنية والأدبية والدينية أجد نفسي مدفوعا إلي التعقيب علي ما ورد بجريدة اليوم السابع يوم الأحد الموافق 15 يونيو 2012 وذلك عن ندوة عقدها بعض أهالي الضبعة بمقر نقابة الصحفيين ونظمتها حملة يطلق عليها " ضد النووي " أولا : لماذا لم يطلب منظموا الندوة حضور الرأي الآخر المؤيد للمحطات النووية ليحققوا بذلك حوارا مجتمعيا شاملا وموضوعيا وساعيا إلي تكوين رأي مستنير يؤدي إلي ما فيه مصلحة الوطن والمواطن ؟ ثانيا : هل تمت هذه الندوة تحت سمع وبصر ورعاية نقابة الصحافيين كما ورد بالتحقيق؟ لأن معني ذلك أن جميع الصحافيين بالنقابة مؤيدين لما جاء في موضوع الندوة من معارضة للمشروع النووي بالضبعة وهو مالا أعتقده؟ فأنا أعلم الكثيرين من الصحافيين وأصحاب الأقلام الموضوعية مؤيدة تماما للمشروع النووي بالضبعة بل وتحث علي الإسراع في تنفيذه. واعتقادي أن تأجير قاعة بمقر نقابة الصحفيين لعمل الندوة ، ودون أن يدع لها أي طرف من نقابة الصحفيين بصفة رسمية كما لم يدع لها أي من مؤيدي الطاقة النووية ، هو لمجرد إعطاء إيحاءات مزعومة ولاصحة لها بأن المجتمع الصحافي معارض للطاقة النووية وكذلك كي يتم نشر ما يرونه من معلومات مغلوطة ودون أن يكون متواجدا بالندوة من يرد عليها بالرأي الآخر المؤيد. إنها أقل ما توصف به أنها مؤامرة لتضليل الرأي العام. ثالثا : ورد بالتحقيق المذكور " أكد عدد من ممثلي أهالي مدينة الضبعةأن مشروع إقامة المحطة النووية بالمدينة كان وهما كبيرا حيث لم يتم إقامة أي شىء بالمشروع سوي حفرة كبيرة تحت إسم المحطة النووية " وأقول لهولاء اتقوا الله ونحن في شهر كريم ولا تفتروا علي الله كذبا. فبالله عليكم : 1- ألم يكن بالموقع برج أرصاد إرتفاعه ستون مترا لأخذ قراءات الأرصاد الجوية،على ثلاثة إرتفاعات بصفة مستمرة, وإرسالها عبر الأقمار الصناعية إلي الجهات المعنية بالقاهرة؟ ألم يتم تدمير هذا البرج ونهب محتوياته وبيعها كخردة؟ 2- ألم يكن بالموقع مماثل " محاكي " للمفاعل النووي؟ وهو أحد ستة مماثلات علي مستوي العالم ويستخدم في تدريب العاملين علي إحداث أي أخطاء تشغيل متعمدة لدراسة تبعاتها ونتائجها وأفاد هذا المماثل أيضا في تدريب طلبة قسم الهندسة النووية . 3- ألم يكن بالموقع منظومة متكاملة لقياسات التيارات البحرية بصفة مستمرة وتسجيل بياناتها ودراستها؟ 4- ألم يكن بالموقع منظومة متكاملة لقياسات المياه الجوفية بصفة مستمرة وتسجيل بياناتها ودراستها؟ 5- ألم يكن بالموقع منظومة قياس الزلازل الدقيقة على أعلى مستوى عالمي؟ وتم تنفيذ هذه المنظومة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولطالما سجلت هذه المنظومة الهزات الناجمة حتى عن تفجير ألغام في البحر, المحرم إستخدامها, لصيد الأسماك. 6- ألم يكن بالموقع وحدة تجريبية لتحلية مياه البحر, تمت بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وخزانات وصهاريج مياه ضخمة لحفظ المياه اللازمة لعمليات إنشاء المحطات النووية. 7- ألم يكن بالموقع مباني ومكاتب إدارية وقاعات حفظ المعلومات ومكتبتين بهما العديد من الكتب العلمية والأدبية؟ 8- ألم يكن بالموقع أرشيف حفظ العينات الجيولوجية والتي تم أخذها علي مدي ثلاثين عاما بالإضافة إلى خزن بها عينات معايرة أجهزة القياسات الإشعاعية؟ 9- ألم يكن بالموقع معمل تحليل وأبحاث هيدروليكا وورشة نجارة وورشة حدادة؟ 10- ألم يكن بالموقع مباني سكنية مجهزة ومفروشة لأغراض إيواء الخبراء والفنيين الزائرين لموقع الضبعة للمتابعة وتنفيذ أعمال المشروعات؟ 11- ألم يكن الموقع محاطا بسور يبلغ طوله أكثر من العشرين كيلومترا لحفظ حدود الموقع؟ وهذا السورتم تدميره وبيع حديد التسليح لأعمدته الخرسانية كخردة ؟ 12- ألم يكن موجودا بالموقع أجهزة حاسب آلي وكابلات تليفونات واتصالات وكابلات كهربائية ؟ 13- ألم يكن موجودا بالموقع مطعم مجهز بمطبخ كامل الأجهزة والمعدات لزوم إستضافة الخبراء والفنيين؟ 14- ألم يكن بالموقع طرق مرصوفة وهناجر وجراجات؟ 15- وغير ذلك كثير... فلماذا الإفتراء والإدعاء بغير الحقيقة ... وجميع ما ذكر أعلاه وغيره يوجد له ارشيفا كاملا لدي هيئة المحطات النووية شاملا الصور الكاملة والمواصفات وخلافه . كما تم عمل محاضر بالشرطة بما تم تدميره ونهبه وكذلك تم ضبط بعض المهمات بواسطة الشرطة والتي تم نهبها بواسطة أهالي بالمنطقة. رابعا : أشار عضو حملة " ضد النووي" أن مساندتهم الأهالي جاءت بناءا علي إيمانهم بأن المشروع لا يفيد الأهالي أومصر. وأنا أساله عن مدي علمه وخبرته بالطاقة النووية والتكنولوجيا النووية ولماذا لم يعلم أن المشروع ليس في مصلحة الأهالي إلا الآن ورغم مرور أكثر من خمسين عاما علي محاولة إنشاء أول محطة نووية كما ظل إنشاء المحطة النووية بموقع الضبعة متوقفا قرابة الثلاثين عاما؟ وما هي هذه الحملة المسماة " حملة ضد النووي "؟ ومن هو رئيسها وماهي خبراته ومؤهلاته فيما يخص التكنولوجيا النووية وأمان المحطات النووية؟ ولماذا لم تطلب الحملة حوارا بين الرأي والرأي الآخر وصولا للحقيقة ؟ ثم ما قدر علمه بأن المشروع لا ينفع الأهالي ولا ينفع مصر؟... أليس تشغيل حوالي الثلاثة آلاف من أهل الضبعة في المشروع النووي فيه مصلحة للأهالي؟ أليس إنشاء مدينة سكنية للعاملين أثناء تشغيل المحطة النووية فيه مصلحة لأهل الضبعة لما يلزمها من مدارس ومستشفيات وكهرباء ومياه ومراكز تدريب وساحات رياضية وأسواق تجارية وخدمية؟ وما مدي خبرته ليقول أن المشروع ليس في مصلحة مصر؟ هل درس سيادته تخطيط الطاقة في الدول وأساليب تنويعها وتأمينها؟ و إذا كان المشروع ليس لمصلحة مصر إذن هو لمصلحة من؟ هل لمصلحة إسرائيل؟ وإذا كان لمصلحتها فلماذا إذن هذا الهجوم منهم ومن الأمريكيين علي المشروع النووي ومحاولتهم إثناء مصر عن تنفيذه ولماذا تسببوا في إفشاله في الستينات وفي السبعينات وأيضا في ظل الحكم السابق؟ وإذا كان المشروع ليس في مصلحة مصر هل يستطيع سيادته أن يدلني بعلم كيف يمكن توفير 3000 ميجاوات في المتوسط سنويا لتلبية إحتياجات التنمية المطلوبة؟ إن خطة الدولة هي توفير 20% من الأحتياجات الكهربية من الطاق المتجددة (الشمسية والريح ومساقط المياه) بحلول عام 2020 ولكن هذا لايغطي إحتياجاتنا المتزايدة من الطاقة سواء الكهربية أو لتحلية المياه. هل تعلم أن الطاقة التي يمكن توليدها من المحطات النووية بموقع الضبعة لو تم انتاجها من محطات الطاقة الشمسية لاحتاجت مرايا عاكسة تغطي مساحة بطول صعيد مصر وبعرض 1500 متر؟ وأن هذه المرايا العاكسة يبلغ عددها عدة ملايين ويلزم صيانتها وتنظيفها وحمايتها من أعمال النهب والتخريب؟ هل تعلم أن مخاطر محطات الطاقة النووية, رغم حوادث تشيرنوبيل وفوكوشيما, أقل من مخاطر أي مصدر آخر لإنتاج الكهرباء بما فيها محطات مساقط المياه والطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومحطات الفحم؟ هل تعلم أن المحطات النووية هي الأكثر حفاظا علي نظافة البيئة من أي مصدر آخر لإنتاج الكهرباء بما فيها محطات مساقط المياه والطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومحطات الفحم؟ هل تعلم أن مصادر الطاقة المتاحة حاليا في مصر محدودة وإلي نضوب وحتي مع إحتمالية إكتشافات مستقبلة لغاز طبيعي وبترول أليس من الأجدر توفيرها للأجيال القادمة وتعظيم الإستفادة منها في صناعات البتروكيماويات لتعظيم القيمة المضافة؟ كل ما أسوقه هنا لدي دراساته وإحصائياته العالمية والعلمية وليس إفتراءات أو مبالغات. عجبي منكم يامعارضي الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء... هل ترضون بالدنية بتحويل الموقع إلي قري سياحية ومنتجعات ومصايف ترفيهية وترفضون مشروعا هو لمصر مسألة حياة أو موت ولابد منه للتنمية الإقتصادية والإجتماعية؟ مالكم كيف تفكرون؟ خامسا : موضوع التعويضات وموضوع إقتحام الموقع وتدمير وسلب محتوياته وموضوع التحدي السافر والإصرار علي التعدي علي القانون ... كلها موضوعات ليست في اختصاصي وإنما هي في اختصاص القانونيين والشرطة والجيش ومسئولي الأمن. ولقد قدمت العديد من البلاغات والمذكرات ولامجيب حتي الآن. وعليه فإن علي جميع المسئولين, بدءا من فخامة رئيس الجمهورية والمجلس العسكري واتهاءا بأقل مسئول في نقابة أو قسم شرطة أو رجل شارع, أن يقوموا بمسئولياتهم وأن يحاسبوا أنفسهم فيما فرطوا فيه قبل أن يحاسبهم الله يوم لاظل إلا ظله. سادسا : أدعو فخامة رئيس الجمهورية أن يتذكر قوله في الحوار التليفزيوني أثناء حملته الإنتخابية بأن ملف المشروع النووي بالضبعة هو أول ملف علي مكتبه فور توليه الرئاسة ووعده بضرورة الإسراع بإقامة أربع محطات نووية بموقع الضبعة لتوفير الطاقة اللازمة للتنمية ... وأشير إلي علم سيادته أن تأخير تنفيذ المشروع النووي يكلف الدولة خسارة شهرية مقدارها 800 مليون دولار أمريكي (أي ما يعادل حوالي 5000 مليون جنيه مصري شهريا) فقط بسب فرق تكلفة الوقود النووي عن تكلفة الغاز الطبيعي والبترول وذلك للمشروع النووي المخطط له عدد ثماني محطات نووية، ولايدخل في هذه الخسارة حساب تكلفة تصاعد أسعار إنشاء المحطة النووية وتكلفة تسرب الكوادر البشرية المدربة وتكلفة تأخر برامج تطوير الصناعة المحلية وتشغيل العمالة وتأخير التنمية الإقتصادية والاجتماعية. أي أن تأخير عام في تنفيذ المشروع النووي يترتب عليه خسارة تعادل تكلفة إقامة محطتين نوويتين علي الأقل. وهذه الأرقام أسوقها من واقع دراساتي وخبراتي كمهندس إستشاري جدوي محطات إنتاج الطاقة الكهربية الإقتصادية والفنية والبيئية. سابعا : أشير إلي علم فخامة رئيس الجمهورية أن الذين يزعمون أنه يمكن إقامة أربع محطات نووية بالضبعة فقط علي ثلث مساحة أرض الضبعة المخصصة بالقرار الجمهوري309 لسنة 1981 هو قول مناف للحقيقة, لعدة أسباب اقتصادية وفنية وسيكلوجية وتكنولوجية. وهذه الأسباب يضيق هنا المقام لمناقشتها ويمكن مناقشتها مع فخامتكم عندما يحين لفخامتكم الوقت المناسب لذلك. ثامنا : ندعو فخامة رئيس الجمهورية إلي اتخاذ القرارات المناسبة لاسترجاع كامل أرض الضبعة المخصصة للمشروع النووي في أسرع وقت ممكن وقبل أن يتم تغيير معالم الموقع ولتلافي المزيد من الخسارة المادية, علما أن موقع الضبعة هو أقدم موقع حاليا علي مستوي لم يتم بعد إقامة أي محطة نووية به رغم أن تمت دراسته بالتفصيل ومؤهل من جميع النواحي لإقامة المحطات النووية كما تم تحديث دراساته علي المدي الثلاثين عاما الماضية من قبل العديد من الخبراء وبيوت الخبرة الدوليين والمصريين. تاسعا : أنا علي استعداد تام لفتح الحوار، من خلال أي جريدة من الجرائد اليومية ولتكن هذه الجريدة الموقرة، مع الحملة التي يسمونها حملة " ضد النووي " أو مع حزب الخضر. ويتم خلال هذا الحوار عرض النقاط التي يستندون إليها في معارضتهم للمحطات النووية، واحدة تلو الأخري، ويتم الرد عليها أيضا واحدة تلو الأخري وعلي ألا ننتقل إلي نقطة جديدة قبل الوصول إلي رأي موحد في النقطة السابقة لها وهذا الرأي الموحد يمكن الوصول إليه من خلال صحافي محايد من صحافي الجريدة لا يبغي غير مصلحة الوطن والمواطن ... اللهم قد بلغت اللهم فاشهد . خبير الشئون النووية و الطاقة كبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية (سابقا) _____________________________________________________________ كاتب المقال حاصل علي جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية عام 1986 وحاصل علي نوط الاستحقاق من الطبقة الاولي عام 1995 وحاصل علي جائزة نوبل عام 2005 ضمن مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مناصفة مع الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ذلك الوقت.