عندما نخلد إلى الذات، تسبح أرواحنا في بحر الذكريات، تأخذنا إلى شطآن النقاء، وأمواج الرياء، نتوقف قليلا عند وجوه طالعنا فيها عطاءً بلاحدود، ووجوه عابثة أدمت طموحنا ب"القيود".. والذكرى عمر ثان للأنقياء.. ولعنة مستمرة للأغبياء. إلى حيث موطنك تروح قلوبنا وتغدو، نذكرك كلما لاح في الأفق ضوء يكشف ظلمة الوطن الذي أضناك على مدار رحلتك، كلما ضاقت بنا سبل التحقق في بلاط "صاحبة الجلالة" التي تنكرت لك، نطالعك كل صباح في وجه – رفيق دربك - في مقعدك الذي لم يجلس عليه أحد، وصورتك الممهورة ب"عبارة"الثائر الملاك. متشابهان أنت وهلال رمضان، كلاكما قصيرة رحلته، رغم فيضان العطاء، الفارق بينكما أنك خالد بلا عودة لدنيانا البغيضة، و"رمضان" نسخة مكررة كل عام غير عابئة ب"مستقبليها" من صنوف البشر. أذكرك - سيدي عادل القاضي - وأنا اقرأ في كتاب جيلي "مجهول المصير"، صفحة بيضاء فاقع لونها تسر "الناظرين"، مقارنة بما تبقى من صفحات سوداء تبعث في ليالينا "الجدباء" إحباطا نحطمه بين الحين والآخر على صخرة حلمك.. وحلمك يترعرع على يد رفيق لايزال اسمك سابقا لاسمه على "مشروعك الصحفي"- بوابة الوفد -، هنا يذكرك المسافرون في دروب الحيرة والشك والقلق.. تذكرك دعاء البادي وأحمد أبو حجر، وأحمد السكري، وباقي الزملاء الذين أهديتهم نموذج القائد النبيل، الذي ينصح ب"ابتسامة"، ويكافئ ب"ثناء" منقطع النظير، ويغضب ب"ملامح "هادئة وعينين تفيضان حرصا وصدقا على مستقبل فارقته "خطاك" وتعلق ب"مسيرتك". الشوق إلى الأحبة قدر نعرفه ويعرفنا.. ونعرف أنك رغم تباعد الخطوات، قائم في قلوب محبيك، ما أجمل أن أكتب عنك، وتخرج الكلمات مبتهجة على أوراقها، إذ لا تكليف يدفعني إلى "تملقك"، ولا وعد ب"مكانة" خاصة يزيد من حماسي في رصد محاسنك التي لا إحصاء لها في أزمنة "عرجاء". أستاذي عادل القاضي.. طموحك في النهوض ب"بوابة الوفد" واقع تلمسه أيادينا اليوم، يبدو أن إشعاع إخلاصك طاقة متجددة لن تنضب بفعل المعرقلين، "عادل صبري" نصفك الآخر يسير على خطاك، تحفظه "محبة صادقة" ووفاء ل"فكرتك" يعلمه الله ونحن عليه من الشاهدين. أيها الراهب في محراب الفضيلة - لقد أمعنت ما أمعنت - لكني لم أعرف أبدا ثورة نفس على "الباطل" تشبه ثورتك، لا أخفي عليك أني مقيم على درب "التردد" في مرحلة وسطى بين "الامتثال" لقدر لا مفر منه، و"الاعتزال" لعالم لا أرغبه وأظنه كذلك. أستاذي الحبيب - أذكرك مع بداية شهر الصوم.. وأنا أحد المريدين أيها العارف.. الرثاء ليس إليك أيها الخالد دهرا.. أذكرك في العشرة الأوائل التي تفيض رحمة، كذلك كانت مسيرتك. بقلم - عبدالوهاب شعبان