التضامن ترفع شعار "اللى مالوش أهل الحكومة أهله" وتقدم دعماً مادياً ونفسياً لضحايا العنف 8 دور بالقاهرة والمحافظات تستقبل عشرات النساء يومياً.. ومسموح باصطحاب الأبناء إحدى النزيلات: الدار احتضنتنى وأبنائى 3 شهور.. وأوجدت لى فرصة عمل مسئولة إحدى الدور: أحياناً.. نستقبل مريضات نفسياً يختلقن قصصاً من الخيال واحدة من بين كل 3 نساء فى مصر تتعرض للعنف، هذه الاحصائية المرعبة اكدها أول مسح قومى لأحوال المرأة المصرية أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة، وليس الزوج وحده هو مصدر العنف ضد المرأة، ولكن أحيانا ما تتعرض المرأة للعنف من قبل اسرتها نفسها. وعادة ما كانت المرأة تحتمل عنف الزوج أو الأسرة لعدم وجود مأوى لها، ولكن الآن أصبح لها بيت يحميها، حيث تتولى وزارة التضامن الاشراف على 8 من الدور المخصصة لرعاية النساء المعرضات للعنف، ومنذ عدة اسابيع اصدرت الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن قرارا برفع سن الأولاد المرافقين لوالداتهم فى هذه الدور إلى 12 عاما، لتجد المرأة المعرضة للعنف أخيرا من يحنو عليها وعلى ابنائها. ظاهرة العنف ضد المرأة مشكلة تعانى منها الكثير من نساء مصر، حيث أكد المسح الذى اجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء حول المجتمع والأسرة المصرية بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة وصندوق الأممالمتحدة للسكان، ان النساء فى الفئة العمرية بين 18 و64 عاما يتعرضن لأشكال من العنف، وتقدر التكلفة الاقتصادية الناجمة عنه بنحو300 مليون دولار سنويا. وتضمن المسح مظاهر العنف الذى تتعرض له المرأة سواء داخل أسرتها أو خارجها، حيث أن 46% من نساء مصر تعرضن للعنف من قِبل الزوج، وأشارت الدراسة أو المسح إلى أن هناك امرأة واحدة على الأقل من بين كل ثلاث نساء فى المتوسط، تتعرض للعنف الجسدي، أو الجنسي، أو للإيذاء النفسي، مرة واحدة على الأقل خلال فترة حياتها، وهوما يعنى أن ثلث نساء مصر تقريبا تعرضن للعنف، وهذا الأمر متعارف عليه فى كل الأقاليم المصرية، وعلى كل المستويات التعليمية. وأشار المسح إلى أنه كلما ارتفع مستوى الزوج التعليمى، انخفض مستوى ممارسة العنف ضد الزوجة، كما أن للجانب الاقتصادى دورا مؤثرا فى ذلك، فكلما انخفض المستوى الاقتصادى زاد العنف الموجه ضد الزوجة، كما اعتبر المسح الختان نوعا من انواع العنف الموجه ضد المرأة، مشيرا إلى أن 90% من نساء مصر تعرضن له، بينما 11% منهن تم اجبارهن على الزواج، فى حين أن 25% منهن تزوجن قبل بلوغ سن ال 18 سنة. وأكد المسح أن 43% من النساء تعرضن لممارسة العنف النفسى، و32 % تعرضن لعنف بدنى، و12% تم ايذاؤهن جنسيا، و17% تعرضن لأشكال مختلفة من العنف من قبل الخطيب، أما أكثر أنواع العنف شيوعا فهى العنف الجسدى من الزوج. وأوضح المسح أن الأب هو المرتكب الرئيسى للعنف ضد المرأة، حيث إن 43% من نساء مصر ممن هن فوق سن ال18 عاماً، تعرضن للعنف من قبل الأب. وجاءت نتيجة هذا البحث مؤكدة حقيقة مؤلمة تعيشها نساء مصر، وهى انهن معرضات للعنف فى كل مكان، ولكن أخطر أنواع العنف هو العنف الأسرى، فأين تذهب المرأة إذا فقدت الأمان فى بيتها؟ وزارة التضامن الاجتماعى حاولت إيجاد حل لهذه المشكلة بتوفير مكان آمن لرعاية هؤلاء المعنفات يوفر لهن ولأطفالهم الطعام والمأوى والحماية لمدة 3 أيام على الأقل قابلة للزيادة حتى 6 أشهر بقرارات وزارية. وأوضحت الدكتورة منال محمد حنفى مدير عام الإدارة العامة لشئون المرأة بالوزارة أن هذه الدور هى أماكن لحماية المرأة المعرضة للعنف أو المعنفة من أى ضرر يقع عليها سواء كان نفسيا أو بدنيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا، وأضافت أن الضحايا يتم استقبالهن فى 8 مراكز بالقاهرة، الجيزة، الفيوم، الإسكندرية، الدقهلية، القليوبية، بنى سويف والمنيا، وتستقبل هذه المراكز حالات من كل المحافظات. وأشارت إلى أن المراكز لا تكتفى بتقديم الدعم الطبى والقانونى والنفسى والاجتماعى فقط للضحايا، ولكنها تقدم أيضا لهن فرصة للتمكين الاقتصادى وتوفير سكن بديل بالتعاون مع كفلاء فى حالة استحالة العشرة بين الزوجين. وأكدت أن الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن تولى هذا الملف أهمية قصوى، نظرا لما تتعرض له المرأة من عنف يؤثر على أدائها ودورها فى المجتمع ووفقا لاستراتيجية مصر 2030 ، لذلك تم تطوير 5 مراكز منها مركز القليوبية الذى تم تطويره بالجهود الذاتية، كما تم عمل دورات تدريبية مكثفة لرفع كفاءة العاملين بهذه المراكز قانونيا واجتماعيا ونفسياً وفنياً. وعن سعة هذه الدور قالت إنها تختلف من دار لأخرى، ولكن سعة الدار تتراوح بين 15 إلى 20 سيدة، ويسمح لهن باصطحاب أبنائهن خاصة البنات حتى أى سن، أما الذكور فكان يسمح باصطحابهم حتى سن 10 سنوات، وقررت الوزيرة مؤخرا رفع السن إلى 12 عاما لتوفير الأمان للأم وأبنائها. وعن نظام الاقامة فى الدور قالت إننا نستضيف السيدة لمدة 3 ايام أولا دون سؤالها عن شيء حتى تهدأ تماما، بعدها نبدأ فى الاتصال بأسرتها بعد موافقتها، ونتحدث إلى الزوج أو الأب أو مرتكب فعل العنف ضدها، فى هذا الوقت تكون قد خضعت للخدمات التى نقدمها وفقا لاحتياجاتها سواء كانت دعما نفسيا أولا اجتماعيا او طبيا. بعد التواصل مع الأسرة نحاول الاصلاح قدر المستطاع ومعالجة أسباب المشكلة، فإذا كانت الزوجة تحتاج إكسابها بعض السلوكيات السليمة للتعامل مع الآخرين نفعل ذلك، لأنه أحيانا تكون طريقتها فى التعامل مع الزوج أحد أسباب تعرضها للعنف، وإذا كانت الأسباب اقتصادية نقوم بتمكينها من خلال المشروعات التى تقدمها الدار أو مراكز التدريب الملحقة بها أو توفير فرصة عمل لها للقضاء على سبب العنف الموجه ضدها. وفى حالة استحالة العشرة بينها وبين زوجها ورغبتها فى الطلاق نوفر لها الدعم القانونى من خلال المركز القومى للمرأة لإقامة دعوى الطلاق والنفقة وما إلى ذلك، بعد أن نساعدها فى استخراج الأوراق الثبوتية إذا احتاجت ذلك. وأشارت الدكتورة منال إلى أن هذه الدور بها وحدات للتمكين الاقتصادى للمرأة للتدريب على صناعة الإكسسوارات والتطريز والمخبوزات، كما نوفر لهن فرصا للعمل فى المصانع أو الشركات القريبة، كما اننا تمكنا من عمل بروتوكول تعاون مع احدى شركات منتجات العناية بالشعر لتدريب 5 آلاف سيدة على أعمال الكوافير وتصفيف الشعر تحت عنوان "الجمال للجميع من أجل حياة افضل"، وسيتم تطبيق هذا البروتوكول فى مركزين بالقاهرة والجيزة 6 اكتوبر، وأضافت ان ادارة المرأة بالوزارة تقوم بعمل ندوات ولقاءات داخل المراكز لتوعية السيدات بقضية العنف ضد المرأة وأسبابها وكيفية تفاديها، كما عقدنا ندوات استهدفت سائقى التوك توك وربات البيوت للتعامل مع ظاهرة التحرش وكيفية تجنبها. وأشارت إلى أنه تم وضع معايير للعمل داخل هذه المراكز وتدريب العاملين عليها من خلال متخصصين والتواصل مع مستشارين ووكلاء النيابة ووحدات مواجهة العنف فى الداخلية لتوفير افضل وسائل للتعامل مع المرأة المعنفة وتوجيهها إلى المراكز المختصة. وأشارت إلى أن ميزانية هذه المراكز من الوزارة، بالإضافة إلى الهبات والتبرعات ولكنها قليلة لأن الكثيرين لا يعرفون شيئا عنها، رغم أنها بمثابة بيت العيلة بالنسبة إلى المرأة المعرضة للعنف. مهمة إنسانية هذه الدور تعتبر هى السند لسيدات فقدن الأمن فى منازلهن، قصص وحكايات غريبة شهدتها ليالى الدار التى استقبلت 55 حالة فى العام الماضى، و23 حالة منذ بداية العام الحالى وحتى الآن، نساء هجرن منزل الزوجية نتيجة لمعاملة الزوج السيئة، فتيات فى عمر الزهور تركن بيت العيلة بسبب سوء معاملة الأب أو الأخ ، فلم يجدن سوى مركز استضافة وتوجيه المرأة بمصر الجديدة، هناك تستقبلهن عزة عثمان مديرة المركز بابتسامة وبحنان الأم التى تبحث عن راحة ابنتها، ومعها رحمة ابراهيم وفاطمة عاطف الاخصائيات العاملات فى الدار، لتبدأ الحكاية. فقد توجهت "م. س" إلى الدار منذ فترة بحثا عن الأمن بسبب سوء معاملة الزوج السيئة لها ولأبنائها الثلاثة، استقبلتها الدار لمدة 3 أيام بعدها تم التواصل مع الزوج الذى تبين أنه عنيف بطبعه ولم تجد معه محاولات الاصلاح، فصدر لها قرار بالاقامة فى الدار لمدة 3 أشهر هى وابناؤها، وبدأ المجلس القومى للمرأة فى اقامة دعوى الطلاق، وفى هذا الوقت ساعدتها الدار بتوفير فرصة عمل داخلها لفترة، ثم وجدت عملا دائما فى دار مسنين. وتقول م: لقد كانت هذه الأشهر الثلاثة أهدأ فترة فى حياتى، فلأول مرة أشعر بإنسانيتى أنا وأبنائى بعيدا عن ضرب الزوج لنا بسبب أو بدون، فقد عشت معه 12 عاما كلها ضرب واهانة وذل، وخشيت على أبنائى من هذا المصير، لذلك فحينما شعرت بإنسانيتى هنا قررت الانفصال عنه والاعتماد على نفسى فى تربيتهم، ولأن نظام الدار لا يسمح لأى سيدة بالبقاء فيه أكثر من 3 أشهر اضافية بعد الثلاثة الأولى، ساعدنى أولاد الحلال فى توفير شقة ايجار اقيم فيها أنا وأبنائى، وأتردد على الدار من وقت لآخر لأخذ مشورتهم فى أى شيء يقف أمامى. إلى نفس الدار لجأت السيدة "ع. م" البالغة من العمر 65 عاما، فبعد رحلة العمر الطويلة مع زوجها 80 عاما تحول فجأة إلى شخص غريب الأطوار، نسى أنه كان موظفا كبيرا بأحد البنوك، وأصبح بخيلا لا يريد الانفاق، وكان يضربها لأسباب تافهة، تركت المنزل وتوجهت لتعيش مع أبنائها، ظلت تتنقل بين منازل أبنائها كلما ضاق بها أحدهم ذهبت لآخر، حتى وجدت نفسها أخيرا بلا ملجأ، فما كان منها إلا أن توجهت لوزارة التضامن التى قامت بإحالتها إلى الدار، وهناك وجدت الرعاية والاهتمام، وتواصلت ادارة الدار مع أبنائها الذين قدموا لاصطحابها بعد أخذ تعهد على الزوج المسن بعدم ايذائها. وحكايات الفتيات اللائى يهربن من معاملة الأسرة السيئة كثيرة، فالعنف ليس قاصرا على الزوج فقط، لكن أحيانا يكون الأب أو الأخ اكثر قسوة حتى أن إحدى الفتيات اللائى استقبلتهن الدار قالت لوالدها حينما جاء ليتسلمها، لولم توجد مثل هذه الدار هل كنت سأبقى فى الشارع؟ وماذا كان سيحدث لى؟ وكما تستقبل الدار حالات تكون فيها الفتاة على حق، أحيانا تستقبل حالات أخرى يتبين أن صاحبتها مريضة نفسيا، هذه الحالة تحكى قصتها عزة عثمان مديرة الدار قائلة: جاءتنى فتاة جميلة يبدو من ملابسها أنها من أسرة ثرية، قالت أنها هربت من تعذيب والديها لها، وراحت تحكى قصصا خيالية عن سوء معاملتهم لها، تركتها تهدأ وبعد يومين طلبت منها الاتصال بأسرتها لأطمئنهم عليها، وحينما جاء والداها كان معهم تقارير طبية تفيد أنها مريضة نفسيا وتخضع للعلاج، بقيت فى الدار أسبوعا حتى هدأت تماما وبعدها وبالاتفاق مع الوالدين أقنعناها لتذهب إلى مصحة نفسية، ولكن بعد فترة فوجئت بها أمامى وملابسها ممزقة وتبين أنها خرجت من المصحة فى إجازة لتقضيها مع أسرتها، وتوقفت عن تناول علاجها فبدأت الهلاوس تصيبها من جديد، وحاولت الهرب عبر المواسير وسقطت من الشباك لتصاب فى ظهرها، وجاءت للدار وهى مصابة، وبعد ها خضعت لعملية جراحية فى ظهرها، وما زلت اتابع حالتها مع أسرتها والاطمئنان عليها. وتستطرد مديرة الدار قائلة: تأتينا حالات كثيرة، ونسمع منها فى البداية قبل الاتصال بأسرتها، ونقوم بعمل فيش وتشبيه لبيان حالتها الجنائية، بعد 3 ايام نبدأ فى الاتصال بأسرتها بعد موافقتها، ونحاول الاصلاح قدر المستطاع، أما إذا أصرت على الطلاق فيتم التواصل مع المجلس القومى للمرأة لإقامة دعوى طلاق أو خلع ونفقة، وتمكينها من الشقة إذا كانت حاضنة، وإذا كانت غير متزوجة نقنعها أن الدار ليست بديلا للمنزل ونستدعى أسرتها ونوضح لهم تأثيرات العنف الضارة على الفتيات، مشيرة إلى أن أقصى مدة تقضيها النزيلة فى الدار 3 أشهر، تجدد بقرار من لجنة إشرافية من الوزارة لمدة 3 شهور أخرى، خلالها نساعد المرأة بتوفير فرصة عمل ومكان للإقامة. وعن نظام الاقامة فى الدار قالت: نوفر لها ولأبنائها اقامة كاملة من مبيت وطعام، بينما تكون هى المسئولة عن نظافة أبنائها ومذاكرتهم إذا كانوا فى المدرسة، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسى والاجتماعى لهم، وتوفير فرصة عمل لها، وتدريبهن من خلال النادى النسائى والمشغل والمطبخ التابع لجمعية عمر بن عبد العزيز الخيرية التى يتبعها المركز. مشيرة إلى ان جميع من فى الدار يتعاملون مع الحالات على اعتبار انهم أسرة واحدة، إلا أن الشيء الذى نتمنى التغلب عليه حتى تكتمل المنظومة هو وجود مشرفة ليلية مقيمة لرعاية الحالات اثناء فترة الليل، بالإضافة إلى قلة التبرعات حيث إننا نعتمد عليها بنسبة كبيرة. وكشفت لنا نرمين منصور المشرف المركزى بالإدارة العامة لشئون المرأة بالوزارة والتى رافقتنا أثناء الزيارة عن أن الدار لا تستقبل المصريات فقط، ولكنها تستقبل الأجنبيات أيضا بشرط أن تكون متزوجة من مصرى، وتمتد اقامتها فى الدار حتى تحل السفارة مشكلتها، وأضافت: أن الدار تستقبل أى حالات تتعرض للعنف، ورغم أنها تتبع جمعية أهلية إلا أننا نشرف عليها باستمرار لمتابعة الحالات التى تتردد عليها وحل مشكلاتها.