استغاثات مصرية سمعتها شهر زاد فقررت ألا تسكت عن الكلام غير المباح، فمصر تحظي بمكانة عظيمة لدي درة النساء «المتوجة بالحكمة» وألفت الثقافة والتنوير ولقد ألهمتها أروع الحكايات التي شفت شهريار الطاغية من شهوة نحر المليحات من الصبايا وسفك الدماء ويُحكي انه معروف الإسكافي القابع في ميدان التحرير الذي تحول من ميدان لثورة شعبية رائعة إلي حلبة ناضحة بالقبح والترويع والتشويه الصارخ للديمقراطية، ومعروف بطل من أبطال ألف ليلة هذا النص الليلي الفذ المفعم بحسية لافحة، المتوغل في شئون السلطة السياسية وأحوال العباد وضالته الأبدية العدل وترويض الحكام الطغاة، والإسكافي معروف ينتمي إلي الجزء الفاطمي من الليالي، ولما هلّّ العام الثاني عشر بعد الألفين ووجد ان الدولة تتقوض أركانها والقانون يُدهس تحت أقدام حكامها وتلك هي مهنته فهو إسكافي غلبان يرقع النعال، ولما روعه ان تُرقع أيضا الدساتير في المحروسة، وأن النعال تنهال علي أحكام القضاء الشامخ، امتطي المارد الذي أنقذه سابقا من بطش زوجته «فاطمة العرة» والتي أصبحت الآن ضمن جماعات من النسوة يهاجمن النساء في الشوارع في محاكاة لمحاكم التفتيش للملابس ووأد الحريات، أوصله المارد إلي شهر زاد النائمة في وطن أصبح أشلاء، قلبه اسمه بغداد قسمته امبراطورية جديدة ولدت من رحم الاغتصاب والظلم تصدر القمع والاستبداد لباقي العباد وتحتفظ فقط بالديمقراطية الحقيقية لنفسها أصل أهلها من السجناء. ولما كان معروف مولعاً بالثرثرة حكي للملكة الجميلة التي صارعت من أجل البقاء فلا أحد ينام في ألف ليلة، فاليقظة هي المرادف للحياة ولم تعرف هي النوم إلا مؤخرا عندما عادت الإنسانية إلي شهريار وأحب شعبه دون تمييز. مصر في محنة علي حافة هوة سحيقة هكذا أبلغها الإسكافي الوطني، ومسرور السياف عاد ليعربد في الطرقات يذبح من يشاء باسم الإسلام الذي يشوهونه، وانضمت إلي مسرور جماعات من الغوغاء والدهماء شعروا بالاستقواء عندما نجح التيار الديني فوجدوا المبرر المضلل للذبح المقدس للعباد، فهناك ضحية في السويس قتل والمهم البسملة!! يحاكي البدر، الورد في الأكمام وشقائق النعمان، وفي الشرقية أيضاً مذابح الأبرياء لأهل الفن وإرهاب باسم العقيدة وهي منهم براء، ثم هناك جماعات تسعي للاستحواذ على الوطن واختزاله ينبثق منها حكام وناس يحاكون (حلاق بغداد) أتذكرينه يا شهر زاد هذا المزين الذي امتطى ظهر الشاب البريء غير المسيس ليوصله بضعة أمتار مدعياً أنه بلغ من العمر عتياً ولم ينزل إلى الأبد فجثم على أنفاس الشاب!! قالت الحكيمة، المليحة شهر زاد كتب عني نجيب محفوظ في الليالى: «عجيبة هذه السلطنة بناسها وعفاريتها ترفع شعار الله وتغوص فى الدنس». وكتب عني د. طه حسين وتوفيق الحكيم، وفي «السلطان الحائر» محاكاة لما يحدث في المحروسة، فالحاكم مازال مملوكاً لم يُعتق وكيف يحكم من لم يُعتق؟ فيجب أن يتحرر ولن يتحرر، فالولاء للمجموعة التي تجري دماؤها في جيناته، ثم الاختيار بين السيف أم القانون، فالقوة لا تدوم، ولكن القانون دائم، وأبلغها معروف أن هناك شيئاً اسمه برلمان به أشخاص يدعون أن الإنجليزية حرام، ذهلت شهرزاد ولقد شهدت حكم الرشيد وازدهار الدولة العباسية من خلال الترجمة والانفتاح علي الآخر، وهناك شىء اسمه النخبة والاستفتاء، وما أدراك ما النخبة . وأدرك شهر زاد الصباح ولن تسكت عن الكلام غير المباح.