ولما كان نهار اليوم التالى خرج شهريار بصحبة مسرور متقلدا سيفه طلب منه مسرور أن يترك الأسلحة بالقصر حتى لا يهابه الناس وافقه أيضا على هذا الاقتراح خرجا معا يتمشيان فى قلب القاهرة زحام يحيط بزوايا الرؤية أنّى اتجهت وجد من بعيد ضجيجا ولغطا ومشاجرات هم مسرعا ليرى ما الأمر ، سأل أحدهم فلم يلتفت إليه وراح يطيح بمن أمامه ليصل إلى أول الصف مال مسرور عليه بصوت مرتفع : مولاى انها طوابير للحصول على الخبز رد شهريار : مسرور مارأيك فى أن أخوض بنفسى التجربة ؟ تعجب الأخير صائحا : مولاى لا تلق بنفسك إلى التهلكة هم يقاتلون قتالا عنيفا لم يدعه شهريار يستكمل العبارة بل قفز إلى الأمام فى صيحة الملوك وأخذ يزاحم حتى وصل إلى منفذ البيع ، لم يكن معه شىء من المال نظر إليه الفران ، صاح به بقوة : وأنت بكم تريد؟؟ أجابه ليس لدى مال ، رد فى غضب متقد : ولماذا اذن تقف أمامى؟؟ أتريد أن تستعرض ملابسك البلهاء؟ كاد شهريار أن يطيح به لولا أن تغلب على نفسه وتروى انسحبا من المكان ليواصلا مسيرة العجائب مسرور: مولاى نحن فى زمان لا تصلح فيه ملابسنا للمسير هنا شهريار : وماذا تريدنى أن أفعل أيها الأحمق ؟ مسرور : على ملك ملوك الزمان استبدال تلك الملابس بما يناسب العصر شهريار : اذهب لتبتاع لى ملابسا تناسبنى مسرور: مولاى أنسيت أننا لا نمتلك من العملة شيئا؟ شهريار : حسنا ، لنعد لاحضار بعض المال مسرور : ان عملة أهل هذه البلاد تختلف عن عملتنا قطعا شهريار : أعرف أعرف ...هيا بنا مسرور : حسنا يا مولاى معى قطعة ذهب يمكننا بيعها الآن دون اللجوء للعودة شهريار : وما الذى يسكتك أيها المعتوه ؟ مسرور : سأذهب لأبيعها يا مولاى على الفور بعد أن استطاع مسرور بيع قطعته الذهبية عند أحد محلات الصاغة ذهب وابتاع ملابس( مودرن ) وهندم ملك ملوكه ، وصار الرجلان على الطراز الحديث .... اتجها صوب احد المقاهى ، وجدا الناس تجلس وتشرب ، ظن شهريار أنها حانة لشرب المسكرات علا صوته ونسى فى غمرة الغضب أنه قد تجرد من ملكه مؤقتا ...وأن عليه أن يظل صامتا لبعض الوقت عرض عامل المقهى بعض المشروبات عليهما وبعد تعب وملل أصيب به الرجل وقع اختيارهما على قهوة وأرجيلة ، لاحظ اشتباك بعض الشباب وكبار فى حوار ما ، قرب مقعده ، أطراف حديثهم تقرع مسمعيه شعور بالقهر ، ظلم يتفشى كالوباء، أسعار ترتفع ، لوازم تشح وتختفى من الأسواق، آباء يعانون ضعف قدرتهم على قيادة أسرهم الى سكك السلامة ، شباب يريد الزواج ولا يملك من حطام الدنيا شيئا ، غلاء فواتير يحاصر الجميع . انحصرت الحلول جميعها فى أن نظام الحكم فاشل لا محالة مال مسرور هامسا : مولاى ماذا يقصدون بنظام الحكم ؟؟ وكزه شهريار وكزة ادت أن تقتله ، قبل أن يأمره بالصمت للمتابعة كان دور البعض من الكبار ، انهم كبار السن ، البعض يتفق مع الشباب فى أن النظام لا يصلح ، والبعض يدافع بشدة من أجل الابقاء على النظام .... اشتدت النزاعات بين الاطراف الكثيرة حتى باتت لغطا لا يفصح عن شىء ذى معنى