مع اقتراب شهر رمضان، تشهد أماكن بيع المواد المنتهية الصلاحية في العاصمة الموريتانية نواكشوط إقبالاً كبيرًا من المواطنين العاجزين عن شراء مواد غذائية ذات جودة عالية أو متوسطة بسبب ضيق ذات اليد. فالكثير من أصحاب الدخل المحدود يجدون في السلع الغذائية التي لم يبق علي صلاحيتها سوي أيام قليلة ضالتهم في أماكن بيع السلع منخفضة السعر، ويستفيد باعة المواد المنتهية الصلاحية من هذا الإقبال ومن عدم اهتمام بعض المشترين بقراءة تاريخ الصلاحية للتخلص من بضاعتهم. وقال محمد أجدود، مسئول الإعلام بالجمعية الموريتانية لحماية المستهلك، إن هذه الظاهرة التي تتجدد مع كل رمضان "تطرح إشكاليات ومخاطر كثيرة علي صحة وحياة المواطنين". وأضاف أن الزبون لا يلقي بالاً بأي معلومات عن مدي سلامة المنتج وظروف حفظه وتوزيعه، مشيرًا إلى أن كل ما يهم المواطن في هذه الحالة أن يكون سعر المنتج "أرخص" من نظيره في السوق. وأرجع أجدود الإقبال علي هذه المواد إلي تدهور القوة الشرائية للمواطن الموريتاني، بالإضافة إلي غياب الرقابة علي السلع الاستهلاكية. كما حمَّل المواطن دورًا كبيرًا في هذه القضية بسبب تدني ثقافته الاستهلاكية، وعدم استحضار المعايير الصحية في القضايا المتعلقة بالتغذية. ومع وجود تشريعات محلية لقمع الغش والتزوير في البضائع، فإن الحكومة لا تزال غير قادرة على وضع حد لهذه الظاهرة التي تهدد حياة العديد من الموريتانيين. وتطالب الجمعيات العاملة في مجال حماية المستهلك بإنشاء مرصد وطني مهمته نشر الوعي بهذه الظاهرة، ووضع آليات صارمة تساعد في القضاء عليها. من ناحية أخرى، يشكل تصادف موسم حصاد التمور المعروف محليًا باسم "الكيطنة" مع شهر رمضان لهذه السنة فرصة سانحة لسد النقص الملحوظ في التمور المستوردة، التي تنهك جيوب الموريتانيين في شهر رمضان؛ نظرًا للاعتماد علي التمر في الكثير من وجبات هذا الشهر. وقد بدأت الأسواق الموريتانية تنتعش بالتمور المحلية القادمة من واحات الداخل، والتي تباع بأسعار رخيصة مقارنة بالتمور المستوردة. أما في الأرياف والقرى، التي يمتلك أصحابها واحات النخيل، فإن أهالي وفقراء هذه المناطق يستفيدون من التمور بشكل مجاني؛ حيث يقضي النظام الاجتماعي المحلي والأعراف القديمة هناك بعدم "جواز" بيع التمور للأقارب والجيران والمعارف. وتعتبر" الكيطنة" موسم حصاد سنوي للتمور يوفر فترة استجمام وراحة، يحج لها حتى الذين ليست لديهم واحات النخيل للترويح عن أنفسهم، كما أن لها طعمًا خاصًا بالنسبة للنساء والفتيات اللواتي يغتنمن الفرصة لتحضير وجبات تساعدهن على الزيادة في أحجامهن. وأصبحت "الكيطنة" في السنوات الأخيرة أحد أهم المقومات السياحية في المناطق التي تمتلك واحات النخيل الجذابة.