جلست الزوجة الثلاثينية داخل محكمة الأسرة بزنانيرى تحمل حقيبة صغيرة معبأة بالأوراق وبالرغم من أناقتها وعطرها الذى سبقها كانت تكسوها ملامح الحزن والألم التى حفرت على جبينها العديد من العلامات. جلست الزوجة على أريكة متهالكة واحتضنت الأوراق التى تحملها كأنها أرادت أن تختفى وراء هذه الأوراق، شردت بذهنها بعض الوقت فى قصة الحب التى جمعت بينها وبين زوجها، وبالرغم من أنه كان لا يملك العمل الثابت إلا أنها أصرت على الارتباط به. تم الزفاف فى حفل بسيط بعد أن تمكن زوجها من استئجار شقة وأعدها بالأثاث المناسب البسيط والرخيص، عاش الزوجان أجمل أيام حياتهما سوياً ظنت الزوجة أن السعادة استقرت فى بيتها لكن ضيق الحال والغلاء الفاحش تسبب فى قيام الزوجة بالبحث عن فرصة عمل لزوجها بالخارج حتى لا يخرج الحب من الشباك كما يقال. بعد رحلة بحث ليست قصيرة تمكنت من العثور على فرصة لزوجها كمدرس بإحدى الدول العربية براتب كبير.. ضحكت الدنيا لهما وبدأ حبهما يرفرف من جديد على ربوع بيتهما البسيط. سعد الزوجان بهذه الفرصة وكانت بالنسبة لهما فرصة جديدة لتكوين مستقبلهما ومستقبل أبنائهما حتى يعيشوا حياة كريمة، تخلت الزوجة باستقرار بيتها لتكوين مستقبلهم. جاء اليوم المحدد للسفر، ودعت الزوجة خلالها شريك العمر بدموع حارقة كادت تفقد وعيها بعد سماعها لصوت الطائرة التى تحمل زوجها إلى الخارج.. لم تكن تتمنى حدوث هذا الموقف والفرق، ولكن ماذا كانت ستفعل، والحلقة كانت تضيق عليهما يوماً بعد يوم. مضت الزوجة ليلتها الأولى بعد سفر زوجها فى عناء وألم شديد لدرجة أن الندم اعتصر قلبها وشعرت بأنها تسببت فى ضياع حب العمر، وأنها تسببت فى غربة زوجها سعياً وراء المال، إنها زوجة تجرى وراء رغباتها والأموال فقط ولعنت نفسها. بعد عدة أيام تمالكت الزوجة نفسها من أجل أطفالها الصغار فهم فى أمس الاحتياج إليها تحولت الزوجة إلى أم وأب وقررت تحمل بعد زوجها عنها لم تتخيل الزوجة أن زوجها سيتغير ويتمرد عليها بعد كل هذه المعاناة من الفراق والحرمان من استقرار حياتها الزوجية. اكتشفت الزوجة أن زوجها وحبيبها وقع فى الغربة فى غرام سيدة مطلقة وتزوج بها وقرر قطع صلته بزوجته وطفليه، حاولت الوصول إليه لكنه تهرب منها وأصبح الوصول إليه صعباً، فقد غير رقم هاتفه، حتى وسائل التواصل الاجتماعى غيرها، لتعصف بها موجات الحياة أكثر وأكثر ويقوم زوجها بتطليقها غيابياً، وكانت الطامة الكبرى. تصاب الزوجة بأزمة نفسية شديدة وتنهار ويتم نقلها إلى المستشفى لتتلقى العلاج اللازم، وبعد تحسن حالتها عادت إلى منزلها لتنهار نفسياً فكل مكان داخل هذا البيت الصغير يذكرها بزوجها الغادر، ويذكرها بخيبة أملها فى رجل تحملت من أجله الكثير والكثير، ضحت بكل أحلامها من أجل سعادة أطفالها وتوفير الحياة الكريمة لهما، ولكن كان هذا جزاءها. تدخل الوسطاء بينهما وحاولا إيجاد حلول مناسبة بالنسبة للأطفال خاصة أن الزوج توقف تماماً عن الإنفاق على ابنائه بدون مبرر، ولأن الطرق الودية فشلت تماماً أقامت الزوجة دعوى أجر مسكن ونفقة حضانة، وأكدت فى دعواها أن زوجها يعمل مدرساً ودخله يتعدى ال20 ألف جنيه شهرياً، وأضافت أنها تحملت قسوة الحياة وحدها حتى يتمكن زوجها من العمل وتكوين مستقبل لأسرتهم الصغيرة لكنه غدر بها وقرر التخلى عنها، وعن طفليه الصغيرين عندما سافر وأغرقت الأموال حياته، المال الذى سعت الزوجة للحصول عليه من أجل الحفاظ على حبهما من الفقر أن يقتله.. جاءت الأموال فقتلت الحب، حولته إلى سراب.. حتى طفلاه نسيهما، كلما جلست الزوجة إلى نفسها تكاد تفقد عقلها طوال الوقت تحدث نفسها ولا تعبأ بمن يسمعها أثناء سيرها تحولت إلى شبه امرأة محطمة.. وكانت محكمة الأسرة ملجأ لها ربما تجد من يرفع الظلم عن طفليها، أما الحب فقد ضاع بلا عودة!