كانت (شيماء.م) وقتها فتاة بسيطة من أسرة متوسطة الحال، حينما تقدم لها (ممدوح .ك) الموظف بإحدى الشركات الكبرى عن طريق بعض المعارف المشتركين بين الأسرتين. كان ممدوح يتعب ويجتهد من أجل توفير المال لتكوين نفسه ويكون مستعدًا لفتح بيت وتحمل مسئوليته مثل الكثير من الشباب. فراح يواصل الليل بالنهار بحثًا عن المال الذى يسعد به عروسه وزوجة المستقبل ويمكنه من تأثيث عش الزوجية، وفى سبيل ذلك سعى للبحث عن عمل آخر يزيد من دخله وتمكن بالفعل من الحصول على عمل إضافى يعينه على ذلك. وبعد فترة قصيرة تمكن من شراء شقة صغيرة فى أحد الأحياء السكنية الجديدة، وكانت سعادته وعروسه كبيرة بعد أن تمكن من فرشها وتأثيثها وتعالت الزغاريد والتهانى وتم الزفاف وانطلق العروسان إلى عشهما يملؤهما الحب والأمل. وبعد انتهاء عطلة الزواج وانقضاء شهر العسل عاد الزوج إلى عمله يواصل الليل بالنهار متطلعا لوضع مادى أفضل، يمكنه من شراء شقة أكبر وأثاث أفخم, تمنى أيضا أن تكون لديه سيارة تسهل عليه رحلة الذهاب إلى عمله. ولكى يتحقق له ذلك طالت فترات غيابه عن المنزل وضاعف من أوقات عمله وقد دفعه على ذلك وشجعه حمل زوجته وشعوره بأنه سيكون مسئولاً عن أسرة بدأت تكبر شيئا فشيئا. وراح يقنع زوجته ويبرر لها غيابه معتذرا قائلا: نحن فى حاجة للحصول على مزيد من المال فمولود جديد يحتاج عناية ومصاريف، طالبًا مؤزراتها له وتشجيعها، لكن الزوجة كانت طموحاتها محدودة وكان اهتمامها بالعاطفة أقوى من أحلام زوجها بالثراء. فتسلل إلى الزوجة الشعور بالملل والوحدة وبدأت تطالب زوجها بالاكتفاء بوظيفته، وترك العمل الآخر الذى يحرمها من وجوده معها ويتسبب فى غيابه عنها وعن بيته فترات طويلة. بالطبع رفض الزوج لأنه يتمنى أن يأتى طفله وقد استطاع أن يوفر له كل احتياجاته، والتى يراها تتمثل فى المال بالدرجة الأولى، قائلا: فترة الشباب هى العمل والكفاح لا الراحة والركود. وعلى إثر اختلاف وجهات النظر احتدمت الخلافات بين الزوجين وزادت الصراعات بينهما وفى لحظة غضب توجهت الزوجة لمحكمة الأسرة تطلب الخلع وتشكو الحرمان وغياب الدفء الأسرى الذى كانت تتمنى أن تلقاه فى حياتها الزوجية، قائلة: لقد شقيت من طول غياب زوجى خارج البيت ونحن نعيش فى منطقة تابعة للمدن الجديدة التى تبعد عن منزل أسرتى مسافات طويلة ما يصعب معه تبادل الزيارات والإتناس بهم، هذا بالإضافة إلى السكون والهدوء الشديدين اللذين يغلبان على طبيعة هذه المدن ما ضاعف إحساسى بالوحدة والملل وقد أهملنى زوجى وكرس وقته فى البحث عن المال مقابل التضحية بالمشاعر. وبحضور الزوج تمكن مكتب تسوية المنازعات بالمحكمة من الصلح بين الزوجين، بعد أن اقتنعت الزوجة، أن بحث الزوج عن المال ليوفر لها الحياة الكريمة لها ولأطفالها هو قمة الحب والاهتمام.