لفتت بساطتها ورقتها وثيابها المهندمة ورائحة عطرها أنظار رواد محكمة الأسرة بزنانيري، قبل أن تنحنى قليلاً لتسأل عامل الرول بالمحكمة عن رقم قضيتها التى أقامتها ضد زوجها طالبة الخلع بعد قصه زواج استمرت خمس سنوات. لم تتخيل الصيدلانية أن تفشل فى حياتها الزوجية فقد اعتادت على التفوق والصعود إلى أعلى المراكز منذ نعومة أظافرها لينتهى بها الحال تقف على اعتاب محاكم الأسرة تطالب بتطليقها من فارس أحلامها الذى اختارته بمحض إرادتها وأقنعت أسرتها الثرية لتتحول حياتها إلى جحيم لا يطاق. وقفت الزوجة تروى قصتها بخجل تحاول الاختفاء من الناظرين بارتداء نظارة شمسية تخبئ جزءاً كبيراً من وجهها، تقول: تربيت داخل أسرة ثرية لم أحرم يوما من شيء مهما غلى ثمنه، زرع والدى بداخلى عقيدة العمل والتفوق الدراسى فقررت تنفيذ كلامه وتفوقت دراسيا وتمكنت من الحصول على شهادة الثانوية بمجموع يؤهلنى للالتحاق بكليات القمة. يوم إعلان نتيجة الثانوية أكد والدى لى أننى حققت حلمه بأن يشعر بالفخر من ناحيتى وأكد لى أنه سيحقق أى طلب أطلبه منه، استجمعت شجاعتى وطلبت منه إجراء عمليه تجميل بالأنف، بالإضافة إلى نحت القوام، نظر والدى إلى بدهشة، شعرت بأن الدماء تجمدت داخل عروق، لكننى أكدت له أننى أتمنى أن أنظر الى نفسى وأجدنى فتاة جميلة راضية عن النفس، ليس فقط تفوقاً علمياً ولكن تفوق فى كل شيء.. أريد يا أبى أن أثق فى نفسى، وهذا ما سيحقق لى ما أقلبه منك، شعر والدى بأن طلبى مشروع ومن حقى، خاصة أن لدينا الإمكانيات التى تساعد على ذلك، سافرت مع والدى فى رحلة إلى الخارج وبعد شهرين عدت إلى منزلنا، والجميع ينظر إلى بإعجاب بسبب التغييرات التى طرأت على شكلى وقوامى، فقد تحولت إلى فتاة مثالية فى الوزن والطول، وأيضا فى جمال الوجه بجانب تفوقى فى الدراسة.. فماذا ينقصنى؟ التحقت بالجامعة ونظمت وقتى وحرصت على ممارسة الرياضة فى أحد الأيام أثناء تواجدى داخل صالة الجيم بالنادى العريق الذى تنعم بعضويته شاهدت زوجى الحالى فأعجب بى وبشخصيتى طلب منى التحدث معى وافقت على طلبه لشعورى بالإعجاب به وبعد فترة قصيرة طلب منى التقدم لطلب يدى تمت الخطوبة، وبعد فترة قصيرة تم الزفاف فى حفل أسطورى، وكان زوجى حائرًا من سعادته بى وبزواجه منى، وكان دائما ما يناديني بالبرنسيسة فأنا كذلك بالنسبة له. عشت مع زوجى اجمل أيام حياتى وكللت السعادة بخبر الحمل فسعدت به وطار زوجى بالخبر والسعادة غمرت بيتنا أكثر واكثر عندما علم زوجى أن الجنين بنت قال لى نفسى تكون جميلة شبهك. بعد عدة أشهر انجبت طفلتى وشعرت بالسعادة لكن بمرور الوقت وجدت زوجى يعامل ابنتنا بطريقة غريبة لدرجة أنه اتهمنى بأن ابنتى ليست من صلبه أصبت بصدمة وكدت أصاب بنوبة قلبية فشريك حياتى يتهمنى فى شرفى لأن ابنتى لا تشهبنى أو تشبهه، فهى ذات ملامح مختلفة وغريبة عليه. قام والدى بعمل تحليل البصمة الوراثية ليؤكد لزوجى أن ابنته احسن تربيتها لكن زوجى حول حياتنا إلى جحيم خاصة بعد أن روى له والدى عن عمليات التجميل التى قمت بها قبل التحاقى بالجامعة ولأن ابنتى لديها أنف كبيرة وشعر مجعد. اتهمنى زوجى بخداعه وهجرنى وترك منزل الزوجية ووجدت نفسى اعيش وحيدة مع ابنتى الصغيرة بدون سبب. تنساب الدموع على وجنتى الزوجة كأنها حمم بركانيه، وتقول: زوجى تركنى وضحى بابنته لأنها ليست بالجمال الذى يتمناه: حطم حياتنا وحولها الى جحيم لأسباب لم نصنعها بأيدينا، طلبت منه الانفصال لكنه رفض لإذلالى وقهرى ومعاقبتى على ذنب لم أقترفه، فهو مازال يتهمنى بأننى خدعته ولم أبلغه بعمليات التجميل التى أجريتها، وأن كل أطفالى سوف يشبهونى قبل عمليات التجميل ويصبحون مشوهين لم يهتم بأن كلامه يقتلني ويجرح مشاعرى، وبكلامه الجارح، حاولت مرارًا وتكرارًا أعلمه أننى لم أرتكب شيئا مخجلاً، وأن عمليات التجميل أصبحت شيئاً عاديًا وأنها من العلاج لمن يحتاجها، وأننا يمكننا اجراء تلك العمليات لابنتنا الصغيرة عندما تكبر وهذه ليست أزمة تهدم من أجلها حياتنا الزوجية وتدمر مستقبل طفلتنا، ولكن مازال زوجى يشعر بى ويتهمنى ووالدى بالخداع والحيلة، وأننا ورطناه فى زواجة لا تناسبه.. فلم يكن أمامى سيدى أمام كل هذا الظلم والنكران والاتهامات الآن أن اشترى كرامتى وحياتى وطفلتى وانسحب من حياته فى هدوء.. ولجأت إلى بيت العدالة وبقانون المحكمة لأهرب بحياتى من براثن هذا الرجل. فأنا لست كاذبة ولم أخدعه من حقى أن أكون جميلة طالما بإمكانى هذا.. وليس من الضرورى أن أخبره ماذا فعلت.. ولم يدر بخلدى سيدى أن تأتى طفلتى صورة صغيرة منى وتشبهني إلى هذا الحد.. انتهت من حديثها ومازالت دموعها تنهال على خديها ولملمت أشياءها وخرجت من قاعة المحكمة منكسة الرأس لا تريد أن ترى من يتفحصها، والكل أصابته الدهشة، هل هذه الجميلة الأنيقة كانت دميمة من قبل؟.. ومازالت تنتظر قرار المحكمة.. ولكن ماذا يفعل القرار فى حياتها التى دمرت؟