أعجب لحالى كيف قبلت أن أعيش قرابة 15 عامًا فى صدام وصراع تجرعت خلالها كل أصناف العذاب والإهانة.. أنا سيدة فى الثامنة والثلاثين من عمرى نشأت فى أسرة متوسطة بين أب كافح كثيراً ليدبر المعيشة الكريمة وأم طيبة وحنونة، ومنذ حداثة سنى أعيش حياة طبيعية بين شقيقاتى الثلاث ولكونى أكبرهن أرادت لى أمى أن أقوم بدورها على أكمل وجه سواء فيما يتعلق بشئون البيت أو رعاية شقيقاتى فى جو من الحب والوفاق، وفى خلال هذه الأجواء الهادئة أتممت دراستى الابتدائية حتى جاءت صدمتى الأولى التى غيرت مجرى حياتنا وأجهضت أحلامى مبكراً حين رحل أبى عن الحياة فجأة ووجدت أمى نفسها المسئولة عنا. كم كنت أشفق على حالها معنا فقد كان العبء كبيراً عليها.. صبرت كثيرا وتحملت الكثير والكثير من أجلنا ولا أخفى أننى تحملت معها جزءاً كبيراً من المسئولية وهو ما قيد حريتى وأشعرنى بأننى أكبر من عمرى.. هكذا أمضيت سنوات تعليمى حتى وصلت إلى المرحلة الثانوية وبالرغم من ظروفى القاسية تمكنت أن أحصل على مجموع تمكنت من خلاله الالتحاق بكليه الطب وفى أول سنة لى بالجامعة أعاد الزمن نفسه مرة أخرى فقد أصيبت والدتى بمرض شديد أقعدها بالفراش الأمر الذى تطلب منى التفرغ التام لشئون البيت ورعاية شقيقاتى تقبلت أقدارى بنفس راضية وشاركت أمى بالعمل بالبيت ويعلم الله وحده ماذا فعلت لرعاية شقيقاتى.. فأحببتهن حبا لا يوصف وبالرغم من كل ذلك جاهدت كثيرا فى دراستى حتى أدخل السعادة إلى قلب أمى التعيس وحتى تشعر بأن مجهودها فى حياتها لم يضع هدراً.. شاءت الأقدار أن تبتسم لنا مرة أخرى وتبدلت أحوالنا المالية كثيراً بعد أن ورثت أمى قطعة أرض صغيرة... تقدمت شقيقاتى فى الدراسة وتمكنت من إنهاء دراستى بتفوق وبدأ الخطاب فى طرق باب بيتنا، أعترف بأننى كنت أحلم بفارس الأحلام الذى سيعيد إلى قلبى الفرحة والبهجة التى ذهبت منذ وفاة والدى ومرض أمى.. تقدم لى العديد غير أنه لم يكن لى حظ معهم حتى تعرفت على شاب أسرنى برقته وحنانه البالغ وبمرور الوقت ازددنا تقارباً حتى عشنا قصة حب جميلة وأفاض علىّ من حبه وحنانه.. رضيت وقتها بذلك وسعدت كثيراً به وقتها شعرت بأن الحياة عوضتنى بهذا الشاب عن كل ما حرمت منه. تقدم الشاب لطلب يدى وفرحت به كثيراً كما سعدت أمى خاصة أنه كان طبيباً مثلى.. بعد عام تزوجنا وعشت أولى سنوات حياتى حياة مليئة بالحب وكم كان زوجى هادئاً والابتسامة لا تفارق وجهه وقليل الانفعال.. حاولت إسعاده وإرضاءه بكل ما أوتيت من قوة. كانت عشرتنا جميلة بكل ما تحمله من معنى بالرغم من خلافاتنا البسيطة التى كانت تزول سريعاً. بعد عام من زواجنا تشاء الأقدار أن نرزق بطفل جميل زاد من حياتنا الهادئة المستقرة وعلى هذا الحال عشت أيامى مع زوجى وبعد سنوات رزقت بطفل آخر حرصت على نشأتهما فى بيئة مستقرة يظللها الحب والوئام ومن ناحية زوجى كان حريصاً على تلبية احتياجاتنا ومساعدتى فى أداء عملى وشئون بيتنا الصغير أعترف بأن زميلاتى وصديقاتى كن يحقدن على حياتى الناعمة وكنت أردد بين طيات نفسى أن زوجى هدية السماء لى بعد معاناتى بأيام طفولتى.. ظلت حياتى هادئة إلى أن شعرت بتغيير كبير فى شخصية زوجى دون سبب واضح لى فقد تحول إلى شخص شديد العصبية وراح يختلق المشاكل معى خاصة المشاكل المالية بالرغم من يسر حالنا... بدأت أعانى من غضبه الدائم وشجاره المستمر بسبب أو بدون وليت الأمر اقتصر على ذلك فقط بل تحول الأمر إلى حرمان أطفالنا من متطلباتهم البسيطة وعندما كنت أحاول مناقشته وتهدئته أو طلب أى شىء لأطفالنا كان رده على طلباتى بالضرب والإهانة الأمر الذى أدى فى أحد الأيام إلى إصابتى بكسر فى ذراعى طالبتنى شقيقاتى بتحرير محضر ضد زوجى لكنى رفضت لأننى ما زلت أحبه والأهم من ذلك فهو والد أبنائى.. تحول زوجى إلى شخص آخر بين ليلة وضحاها وأخذ يتمرد على استقرارنا بالتقتير فى العطاء سواء المعنوى أو المادى وشيئاً فشيئاً بدأت حياتنا تتخذ طابعاً آخر فبدلاً من الحب والعطاء تحولت إلى ضرب دائم بسبب أو بدون وألفاظ يعف اللسان عن ذكرها وبمرور الوقت تبين أن وراء كل هذا إصابة زوجى بمرض نفسى شديد وعلمت من خلال شقيقته الكبرى أنه يرفض العلاج أو الاعتراف بأنه مصاب بمرض نفسى حاولت مساعدة زوجى باللجوء إلى الطبيب حتى لا أهدم بيتى بيدى إلا أن إصرار زوجى على رفض العلاج ومعاملتنا بطريقة غير آدمية جعلت بداخلى جداراً كبيرا بيننا ثم بدأت فى كراهيته توجهت إلى والدتى وكانت صدمة غير متوقعة بعد مقابلتها الفاترة لى كما أجبرتنى على العودة إلى بيتى وأخبرتنى ضرورة أن أقف بجانب زوجى مشيرة إلى أن هذا دور الزوجة الصالحة وبالفعل عدت إلى بيتى قابلنى زوجى بسيل من الإهانة والضرب، وفى اليوم الثانى اكتشفت خروجه من المنزل مبكراً فقمت بتجهيز نفسى للخروج للتوجه إلى العمل فاكتشفت أن باب الشقة مكهرب، فى بادئ الأمر لم يخطر ببالى أن زوجى هو الذى فعل ذلك.. اتصلت لأستنجد به وهنا كانت الصدمة غير المتوقعة فقد اكتشفت أنه قام بإحضار كهربائى فى الساعات الأولى من الصباح وقام بكهربة أبواب الشقة حتى لا أتمكن من الهرب منه مرة أخرى فاتصلت بشقيقاتى ووالدتى للاستنجاد بهن وبالفعل تمكن رجال الشرطة من إنقاذنا وأقمت لدى بيت أسرتى ورفعت ضده دعوى خلع.