«الأموال التى يمتلكها الآن.. تذكرك بكنوز «على بابا» فى قصة التراث «على بابا والأربعين حرامى» ولكن قصته بدون الحرامية، الطريف إنه يحمل عالمياً بالفعل لقب «على بابا» وهو اسم شركته الضخمة للتجارة الإلكترونية، والتى أصبح من خلالها مليارديراً ومن أغنى رجال العالم، رغم بداية حياته الفقيرة جداً، ففى صباه كان يقود دراجته لمسافة ساعتين ذهاباً وإياباً، ليصل إلى أقرب فندق من قريته حتى يتعلم اللغة الإنجليزية من السائحين بصورة عملية، فلم يكن يملك مالاً كى يتعلم فى مدرسة، وعندما أتقنها بدأ حياته العملية كمدرس للإنجليزية، لكن طموحه العملى كان أكبر، فانطلق على عالم الإلكترونيات وأثبت وجوده بقوة، ليثبت للعالم أنه لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، إنه الملياردير الصينى «جاك ما» صاحب شركة «على بابا» الصينية للتجارة الإلكترونية، وصاحب الموقع الإلكترونى التجارى «تاوباو»، والذى أصبحت قصة حياته مصدراً لإلهام ملايين الشباب فى العالم، لتحوله من الفقر الشديد ليصبح من أغنى رجال العالم. ولد «جاك ما» فى مدينة «هانجتشو» بالصين، المعروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة الخضراء، وعندما بلغ سن ال12 عاماً، أبدى اهتماماً بدراسة اللغة الإنجليزية فعكف على تعلمها بنفسه بصورة عملية من خلال احتكاكه بالسياح الأجانب، وكان يركب دراجته يوميًا وعلى مدار 8 سنوات، للوصول إلى فندق بالقرب من القرية التى يقيم بها، كى يحتك بالسياح ويقدم لهم خدماته كدليل سياحى مجانى بهدف ممارسة عملية للإنجليزية، وحقق الصبى الصينى نجاحًا فى اللغة كما حقق نجاحاً فى مواجهة ظروفه القاسية، والتى مر فيها بأوقات عصيبة تارة بسبب فقره، وتارة أخرى لفشله مرتين فى امتحان القبول لدخول الجامعة، مما اضطره للالتحاق بجامعة ينظر إليها على أنها أسوأ جامعة فى مدينته حينئذ. وبعد تخرجه، بدأ جاك حياته العملية كمدرس بسيط للغة الإنجليزية، ولكن براتب تعيس، مما دفعه إلى البحث عن مصادر أخرى للكسب، فتقدم بطلب الحصول على وظيفة اكثر فى اكثر من 30 مكاناً ما بين مطاعم وجامعات وغيرها وتم رفضه، بما فيها تقدمه لجهاز الشرطة، حيث تم رفضه أيضًا وقالوا له «لا.. لست جيدًا»، رغم كل هذا لم ييأس، وأخيراً تم قبوله للعمل كمترجم، وكان هذا العمل فاتحة الخير عليه، إذ أتاح له فرصة السفر إلى أمريكا لأول مرة عام 95، وهناك عرّفه أصدقاؤه بالإنترنت، وقتها أدرك عدم وجود أى مصدر للبيانات على الإطلاق فى الصين، لذلك عندما عاد إلى وطنه، أطلق موقعًا إلكترونيًا للبيانات للأعمال التجارية، أطلق عليه اسم موقع «الصفحات الصينية» لكنه للأسف لم يكن مشروعًا مثمرًا، وبحلول عام 1999 جمع جاك 18 صديقًا فى شقته فى مدينة هانجتشو ليكشف لهم عن فكرة لإنشاء شركة جديدة للتجارة الإلكترونية. وافق الجميع على المشروع وجمعوا 60 ألف دولار أمريكى لإطلاق موقع «على بابا»، ويقول جاك إنه اختار هذا الاسم لأنه اسم سهل وعالمى، فجميع الأجناس سمعت بقصة «على بابا والأربعين حرامى» وعبارة «افتح يا سمسم» التى تفتح الأبواب إلى الكنوز المخبأة، وفى عام 2003، أطلق جاك الموقع الإلكترونى التجارى «تاوباو»، لينافس موقع «إى- باى» الصينى، وبعد عامين فقط، اكتسب الموقع 70% من سوق التسوق الإلكترونى فى الصين، وبعد سنوات قليلة بلغت ثروته كمؤسس ورئيس شركة على بابا 21 مليار دولار، وصنف كواحد من اثرى رجال العالم، وتعمل الشركة بشكل رئيسى على تسهيل التجارة الإلكترونية بين الأفراد والشركات والتجار على الصعيدين العالمى والصينى. ومن رحلته من الفقر إلى الثراء، ينصح جاك الشباب بأخذ زمام الأمور بأيديهم، والتحرك لإطلاق مشاريعهم الخاصة، بغية التعامل مع الانكماش الاقتصادى بدلًا من انتظار الوظائف الحكومية أو الخاصة، ويؤكد أن أكبر الثروات فى العالم حققها أناس «خلقوا» الفرص، والآن فى فترة ما بعد الأزمة العالمية، هناك أرض خصبة لإطلاق المشاريع الجديدة، وبجانب اهتمامه بتنمية ثروته وشركته، يهتم بالبيئة والتعليم، وبمكافحة التلوث الذى كان سببًا لوفاة والدى زوجته بالسرطان، ويقدم مساعدات لمبادرات حماية البيئة وتطوير الطب والتعليم، وله مؤسسة خيرية لحماية البيئة، ومن تصريحاته أن الصينيين كانوا قبل عشرين عامًا يركزون على سد حاجياتهم الأساسية، ولكن الآن تحسنت ظروف معيشتهم كثيراً وأصبح لدى الأشخاص أحلام أكبر لبناء المستقبل، ويقول: بدون أن ترى الأحلام شمس الحقيقة ستكون مجرد أحلام جوفاء.