ماذا حدث قبيل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية؟ كثيرون أطلقوا تكهناتهم وأغلبهم أكد أنها معلومات وأنها الحقيقة.. والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، يؤكد أنه وقف على مسافة واحدة من المرشحين، واللجنة العليا للانتخابات تؤكد أنها لم تتعرض لأى ضغوط وأن ما أعلنته هو الحقيقة الوحيدة.. ورغم ذلك هناك ملايين مشغولون بالبحث عن الحقيقة الغائبة.. فأين الحقيقة؟ وماذا حدث؟ الحقيقة ينسجها كثيرون ممن يطلقون على أنفسهم العالمين ببواطن الأمور، وأنهم على صلة مباشرة باللجنة العليا للانتخابات، وما لديهم من معلومات وهى مؤكدة وتغاير ما أعلنته اللجنة، وما أكده المجلس الأعلى للقوات المسلحة فيما بعد. ينسج هؤلاء قصة يميل إلى تصديقها كثيرون، وأميل أنا شخصياً إلى تصديقها، وتقول القصة: إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان قد استعد بجميع هيئات الدولة لإعلان اسم الفريق أحمد شفيق رئيساً لمصر، وحتى الساعات القليلة قبيل إعلان النتيجة كان هذا مستقراً لدى الملايين داخل مصر وخارجها، إلا أن الإعلان جاء مغايراً لما توقعه الناس ومخالفاً للشواهد التى رأوها تؤكد أن «شفيق» هو الرئيس، ثم تعديل النتيجة قبيل إعلانها استناداً إلى مواءمات سياسية، وقبول تعليمات أو «نصائح» بضرورة إغفال نتيجة الطعون التى تقدمت بها حملة الفريق «شفيق» لتعلن النتيجة بفوز «مرسى» بالمنصب، وهذا التوجه يطابق رأى عدد من أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، وقد كان هناك رأى بضرورة إعادة انتخابات الإعادة لتيقن اللجنة أن العملية الانتخابية قد شابها ما يجعلها لا تطمئن إلى صحة النتائج، والواقع كما يؤكده هؤلاء المقربون يقول: إن النتيجة بعد البت فى الطعون تكون لصالح «شفيق» ومع إغفال الطعون تكون لصالح «مرسى»، فكان هناك ثلاثة آراء أولها: إعادة الانتخابات بين «شفيق» و«مرسى»، وثانيها: إعلان النتيجة بفوز «مرسى» وعدم الالتفات للطعون لأنها قد جاءت على غير الطريق الذى رسمه وحدده القانون، أما الرأى الثالث فكان يميل إلى جدية الطعون وحذف أصوات من «مرسى» قلصت الفارق بينه وبين «شفيق» حتى جاء لصالح «شفيق» فى النهاية، وهذا ما تم الاتفاق عليه يوم السبت 23 يونيو، وتم كتابة الحيثيات وقرارات اللجنة، وأنهت اللجنة أعمالها وشمعت الأوراق، والتقط أعضاؤها الصور التذكارية وشاركهم عدد من العاملين والموظفين الإداريين. وفى صبيحة الأحد 24 يونيو، وقبيل إعلان النتيجة كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قد استعرض تقريرين أمنيين، الأول لجهاز الأمن الوطنى «أمن الدولة» يؤكد أن إعلان اسم مرشح الإخوان المسلمين رئيساً لمصر سيجعل من سيناء أرض مشاع للفلسطينيين المتسللين وسَيُدخِل مصر فى صراع عسكرى مع إسرائيل، وأن الإخوان بصعود مرشحهم لمنصب رأس الدولة سيقدمون على عملية إحلال للمناصب الإدارية بشخصيات تنتمى لجماعتهم، وكان على الطاولة تقرير آخر من المخابرات رأى عكس ما رآه تقرير الأمن الوطنى، وحذر من إعلان اسم أحمد شفيق رئيساً لمصر لأن ذلك سيدخل مصر فى حالة من الحرب الأهلية وسيتسبب فى حمامات من الدم وتدمير للعديد من المنشآت والممتلكات العامة والخاصة.. وحذر هذا التقرير أيضاً من حدوث انقسام بين أفراد الجيش، وقال إن كل الاستعدادات لإعلان اسم «شفيق» رئيساً لمصر من المحتم أنها وحدها قد تؤدى إلى إسالة الدماء.. وانتهى المجلس الأعلى للقوات المسلحة دون صفقات مع أى جهة إلى تغليب لما رآه المصلحة العليا للبلاد، كان هذا التوجه فرصة لاستجابة إلى تحذيرات خارجية من عدم وصول محمد مرسى إلى المنصب الرئاسى، فكانت التعليمات إلى اللجنة العليا بأن تعلن ما انتهت إليه عملية التصويت دون النظر فى الطعون، كما كان يرى عدد من أعضائها، وهو ما يعنى وصول «مرسى» إلى كرسى الرئاسة، وهو ما كان.. ليصبح «مرسى» الرئيس المنتخب، فى رأى من انتخبوه، و«شفيق» الرئيس المنتظر فى رأى من أيدوه ويعدونه لجولة قادمة.. هذه هى القصة الأقرب إلى التصديق.