«لا تكرهوا البنات فإنهن الغاليات»..فمن أراد الله خيراً له رزقه بالبنات، فهم المؤنسات للأمة جمعاء، بل هن الغاليات بما وهبهن الله من رقة وحنان وإحسان «ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة»، فمن أحسن إليهن دخل بهن الجنة، والجنة غالية وها نحن الآن أمام أب تجرد من مشاعر الأبوة والعطف والإنسانية تجاه صغيرته التى أنعم الله عليه بها، فقام بتعذيبها 7 أشهر حتى الموت، بعدما فقدت النطق والحركة وامتنعت عن الطعام بداخل الغرفة الذى احتجزها بها. فى بداية القصة تزوج «محمد» من ابنة عمه التى أغرم بها ووقع فى شباكها، فكانت قصة حبهما مشهودة أمام الجميع، وبعد زواجهما رزقهما الله بالطفلة ملك، فكانت حياتهما فى البداية هادئة خالية من المشاكل ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فالأم أيضاً لم تحافظ على صغيرتها وتهتم وتعتنى بها، بل ضلت طريقها ودمرت أسرتها وظلمت طفلتها، فالمشاكل عرفت دربها بعدما شك «محمد» أن زوجته على علاقة بآخر، فبعيون متأججة تملؤها الرغبة فى الانتقام وعقل تائه ولسان يعجز عن شرح ما يشعر به ذلك الزوج المنكوب، حتى انتهى الأمر بالانفصال وضم الأم لطفلتها التى انتقلت للعيش معها «حق حضانتها» وسرعان ما تعرفت الأم على شاب وانشغلت بحياتها معه، ثم توطدت العلاقة بينهما وتزوجا. فكان مصير الطفلة الصغيرة أن تعيش مع جدتها، بعدما تزوج أيضاً والدها من امرأة أخرى وأنجب منها طفلته الثانية «لوجين»، فعاشت «ملك» فى حرمان من حنان أمها وعطف أبيها، ومرت سنوات عديدة على هذا الحال الذى تغير للأسوأ عندما طلب والدها من الجدة أن يستضيف طفلته إلى منزله لمدة أسبوع حتى يقوم بشراء ملابس جديدة ولكنه خلف وعده لجدتها وأبقاها برفقته، ومن ذلك اليوم لم تر «ملك» نور الشمس من جديد فانطفأ بداخلها كل شىء. ثم بدأت مأساة الطفلة الصغيرة التى تبلغ من العمر 11 عاماً، فمر أول أسبوع وأخذت تلح على والدها بإعادتها إلى جدتها مرة ثانية ولكنه رفض فلا شىء يشغل تفكيرها سوى عودتها إلى من نشأت معها منذ الصغر، فلم يعلم أن كبتها وتعنيفها سوف يغير سلوكها ومسار حياتها إلى أسوأ حال فأصبحت طفلة متمردة انفعالية عدوانية، تحطم كل شىء، فحطمت أيضاً السخان والمكواة مما أثار غضب والدها ودفعه أن ينهال عليها بالضرب فأسرعت زوجته فى محاولة من مساعدة «ملك» وكف الأذى عنها بل هى أيضاً نالت من هذا العقاب البدنى بعدما تطاول عليها بيده وانتهى الأمر بتركها المنزل وذهبت إلى منزل أهلها ولكن هذه المرة لم تكن الأخيرة فى ضربها بهذه الطريقة الشنيعة. اعتاد «محمد» معاملة زوجته بهذه الطريقة البذيئة فأخذ يتعالى بصوته ويقوم بضربها لأبسط الأشياء حتى طفح الكيل منه وقررت الذهاب إلى منزل أهلها بلا عودة وفى الوقت نفسه لم تفصح بكلمة واحدة على ما يحدث مع طفلته «ملك»، هذه الطفلة البريئة الصغيرة التى ما زالت تعيش معه بين أحضان سجنه المظلم فلم تتفوه بكلمة خوفا على طلفتها «لوجين» بعدما قام هذا المختلف بتهديدها وبث الرعب بداخلها أنه سيأخذ الطفلة ويصبح مصيرها كمصير «ملك». ظلت «ملك» تطلب العودة إلى جدتها بعد إقامتها معه 7 أشهر وكلما ألحت عليه زادها تعذيباً وأذاقها مراراً لم تستطع الطفلة تحمله فوصل بها الحال إلى أنها فقدت النطق وعجزت عن الحركة فأصابها ما يشبه الشلل فى مفترق أطرافها ويوماً بعد يوم امتنعت أيضاً عن الطعام فأصبحت جسداً بلا روح، زهدت معانى الحياة والتزمت بالفراش فما عليه إلا أن يتصل بزوجته الثانية ويخبرها بحالة هذه الطفلة المنكوبة وما هى عليه، فلبت النداء مسرعة إلى الطفلة ثم رأتها محبوسة داخل حجرة والدموع تملأ عينيها المكلومتين التى تسيل على وجهها الشاحب الصغير والحيرة تحوم بداخلها لم تعلم متى ستخرج من هذه البئر التى غرقت بها، ثم قامت زوجة أبيها بإطعامها وأعادتا لمنزل عائلتها من جديد، وتركت الطفلة تعانى وحدها. وفى اليوم المشئوم عاودت الطفلة إلحاحها فى طلب العودة لجدتها مرة أخرى فانهال عليها الأب ضرباً بعدما قيدها بالحبال فلم تؤثر دموعها وصراخها عليه واستمر فى تعذيبها وفجأة صمتت الطفلة وكفت عن البكاء واستغاثاتها، فتخيل الأب أنها فاقدة الوعى، فأخذها وهرول مسرعاً إلى المستشفى لإسعادها إلا أن الأطباء أخبروه بوفاتها فوقع الأمر عليه كالصاعقة وحاول الهرب من المساءلة القانونية وادعى أن الطفلة أصيبت فى حادث سير منذ فترة إلا أن شرطة المستشفى أبلغ قسم الشرطة ثان، واعترف بارتكاب جريمته وتعذيبه لهذه الصغيرة لإصرارها على عدم الحياة معه. عُرض المتهم على نيابة السلام وقررت حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات فيما أمرت بإخلاء سبيل الزوجة الثانية للجانى بعد ثبوت عدم تورطها فى الجريمة.