أمس ، يعنى قبل ظهور النتيجة الرسمية لإنتخابات الرئاسة التى ظهرت اليوم ، قال لى صديقى الإلكترونى محتجاً على الدكتور مرسى ، ما مفاده: كيف يتجاهل مرسى ، العمل لمن لم ينتخبه؟ محتجاً بدورى على كلامه ، ومتعجباً أن من أين وكيف إستخلص أن مرسى سيتجاهل هذا القطاع من الشعب ، فقلت له: من البدهيات يا صديقى : أن مرسى أو غير مرسى ، لا يملك تصنيف الشعب ، وينتفى علمياً ذلك وعملياً ، ومن ثم فلا يملك فرزه ، ولا يملك عزل فريق منه. مرسى أو أى رئيس حر ، سيخاطب الشعب كله ، وعندما يعمل سيعمل للشعب كله. المهم أن يعمل ، ويبحث عن وسية للخروج «السياسى» من التحرير إلى الرئاسة ، والأخيرة تحديداً هى المعضلة التى أنشغل بها الآن يا صديقى. كيف يخرج الدكتور مرسى من التحرير إلى الرئاسة؟ كيف يخرج ، دون أن يخسر سياسياً ، والأهم دون أن يخزل من توافق معهم ، أياً كان الحجم الذى يمثلونه شعبياً. الخروج من التحرير حتمى بعد أيام ، لأن لا يصح لرئيس الجمهورية ، أقصد بالتأكيد الحزب الذى ينتمى له ومن ورائه جماعة عريضة ، وبجواره فصائل إسلامية معتبرة ، وقطاع ثورى معتبر من غير الإسلاميين ، كيف وأصبح لهم وللشعب كله ، من يمثلهم كرئيس للجمهورية ، ثم يقفون فى التحرير ليطالبوا بمطالب سياسية ، على أهميتها؟ نعم نحن فى احتياجٍ مستمر ، لدعم شعبى وضغط ، فى مواجهة إستحقاقات ثورية لا يمكن التفريط فيها ، ثم أمام صلاحيات تم تقليصها ، تخص منصب مصرى رفيع ، هو رئيس الجمهورية ، ولكن ولكن ، لا يصح للرئيس المنتخب ، أن يدخل المقر الرئاسى ، إلا قوياً ، حتى بالصلاحيات المقلصة ، نعم لا يصح إلا أن يدخل قوياً ، لأنه يملك بالفعل عناصر هذه القوى ، وعليه أن يستشعرها تماماً ، أو فى أدنى الأحوال ، عليه أن يبدو كذلك ، حتى ولو لم يقتنع بما أقتنع به أنا ، من عناصر هذه القوة. حسناً «وماذا بعد يا عم محسن؟» ، هكذا أتصور سؤالكم جميعاً لى الآن ، وخاصة أن المسألة ليست تمثيلاً للقوة ، ولا يجب أن تكون. لكى نتعرف على عناصر القوة ومن ثم على قوة مرسى الرئيس ، يجب علينا أولاً أن نجيب على سؤالٍ هو: لماذا قلص العسكرى صلاحيات مرسى تحديداً ؟ وسبق أن أجبت نظرياً فى مقالٍ سابق ، على هذا السؤال ، وقلت: 1 تأمين مصر ، داخلياً وخارجياً. 2 تأمين شخوصه ، من أى مساءلة محتملة. 3 الاحتفاظ بمؤسسات الجيش ، التى تعمل فى نطاق التصنيع العسكرى ، والأخرى الخادمة للجيش والعاملة على التوازى فى القطاع المدنى. 4 الاحتفاظ بنمط تعاطى النظام السابق مع ميزانية الجيش. ومن هنا فتخوفاته ، تعكس قوة الرئيس مرسى ، لدى المجلس العسكرى ، كما أن هذه التخوفات هى أحد وليس كل عناصر قوة مرسى ، لدى مرسى ، ومع ذلك فهى كافية لمرسى ، لكى يدخل مقر الرئاسة قوياً ، فما بالنا بما ورائه من حشد ، وما أمامه من إنجاز عليه أن يحقق بوادره سريعاً ، أما الآن وقد إستمعت للتو خطابه بعد إعلان النتيجة ، بعد أن كتبت ما كتبته بعاليه أمس ، فلقد قدم مرسى نفسه إلى الشعب المصرى كله ، أحسن تقديم ، نضيف إلى ذلك ما كتبته إلى الإخوان المسلمين قبل أيام ، بعد الإعلان الدستورى الذى قلص صلاحيات الرئيس ، حيث قلت بالنص: ألمح ثغرة ، فى صلاحيات الرئيس ، التى تم تضييقها ، يمكننا أن نلج منها ، بإذن الله. وخشيت أن أفصح عنها ، حتى لا يشملها التقليص هى أيضاً ، ههههههه. أفصحت اليوم عن هذه الآداة الهامة فى صلاحيات الرئيس ، التى لم يقترب منها المجلس العسكرى ، وهى الإستفتاء ، أى أحقية الرئيس فى إستفتاء الشعب ، أقول أفصحت عنها فى برنامج تيليڤزيونى عصر اليوم ، بعد ظهور النتيجة الرسمية لفوز مرسى بالرئاسة المصرية. ما أقترحه الآن ، وخاصة أن ما أفقد الثوار الزخم الشعبى المؤيد مبكراً لهم ، هو إستخدام ميدان التحرير «عمال على بطال» كما يردد أهلنا الطيبين فى البيوت ، وهو ما إشتغل عليه المرشح الرئاسى شفيق ، فسلب من الإخوان حصة مقدرة من مؤيديه الذين سبق أن صوتوا للإخوان پرلمانياً ، أقول أقترح الآن ، أن تجتمع النخبة التى دعمت مرسى مؤخراً بعد إنتهاء الجولة الثانية من السباق الرئاسى ، برئيس الجمهورية ، وتقدم له عريضة المطالب التى سبق قبل اليومين التوافق عليها ، وتترك فسحة زمنية مناسبة للرئيس ، لكى يتخذ حيالها إجراءاته التى يراها. وعلى الرئيس ، أن يبحث مع أركان دولته ، كيفية تحقيقها ومنها إستعادة صلاحيات الرئيس ، وقد يكون الإستفتاء عليها بما فيها عودة عمل مجلس الشعب بكامل الأعضاء المنتخبين والمعينين به ، ليستكمل سنواته الأربع ، وكذلك الأمر فيما يخص مجلس الشورى ، إتقاءأ من حكم يصدر ببطلانه. وقد تحفظ هذه الآداة الرئاسية ، أقصد الإستفتاء ، ماء وجه المجلس العسكرى من ناحية ، وتحقق إستحقاقات الثورة من ناحية أخرى ، ومن ثم تفض ميادين التحرير ، حتى يرتاح بال أهلنا الطيبين. وعلى الرئيس ، أن يتمكن من الدولة العميقة ، عبر لقاء بأركانها ، يضع سطراً يحد به ما فات ويعفو عنه ، وبحيث يشملها بسيطرته ، ومن ذلك إعادة الهيكلة من حيث الرؤية والأدوار ، ومن حيث الأداء والشفافية. أؤكد مرة أخرى ، التحرير لا يجب أن يظل على خصام مع أهلنا الطيبين ، لأننا قد نحتاجه ، وأدعو الله أن يهدينا ويؤيدنا لتحقيق دولتنا المأمولة ، حتى لا نحتاج التحرير بعد ذلك إلا فى احتفالياتنا. محسن صلاح عبدالرحمن