استمرارا للحوار مع الخبير الاستراتيجي الدكتور محمود خلف يستعرض تجربته رئيسا للمجلس الأعلي للأقصر والتي بدأت بعد حادث الإرهاب الذي هز العالم كله بمقتل ما يزيد علي 25 سائحا من مختلف جنسيات العالم أثناء زيارتهم معبد حتشبسوت وهذا دعا القيادة السياسية آنذاك لتعيين الدكتور محمود خلف علي خلفية تاريخه العسكري لوضع خطة شاملة لاجتثاث الإرهاب من جذوره وبالفعل تمكن الدكتور محمود خلف من إعادة الأمن والامان إلي الشارع الأقصري واجتهد في نشره ذلك من خلال لقاءات متعددة عاشتها »الأخبار« وقتذاك وكانت »شاهد عيان« من خلال جلسات مستفيضة مع رؤساء البعثات الأجنبية والسفراء وزوار الأقصر حتي عادت صورة مصر إلي الأذهان كبلد مستقر يحقق أعلي مراتب الطمأنينة للسائح والمواطن فعادت الأقصر مرة آخر كبلد الأمن والامان ويكفي ان السائح كان يستطيع ان يتجول في أي مكان سواء من قراها أو نجوعها أو في حاضرها وريفها في أي وقت من اليوم سواء في فجر اليوم أو في ليله. قلت للدكتور خلف كيف حققت المعادلة الصعبة بعودة الحركة السياحية إلي سابق معدلاتها بعد الحادث الارهابي الذي اهتزت له أركان الكرة الأرضية؟ فأجابني بقوله: لقد تصديت للإرهاب بعد ان ذكيت فكرة المواطن المصري وانه هو جوهر الأمن القومي الفعلي وليس الشرطة أو الجيش لقد ذكيت فيه كيف يكون مواطنا حقا ولن يكون كذلك الا إذا أحس ان هناك دولة ترعاه وبتنامي هذا الشعور اعتبر المواطن نفسه جزءا من الدولة وبدأ يحافظ علي الأمن والامان فهذا الفكر معروف في دول العالم المتقدم فإذا ما اختلفوا فيما بينهم فإن هذا الخلاف والزعل يجب ان يتوقف عند حدود معينة ولا يتجاوزها من أجل الحفاظ علي الدولة التي هي كيان أصيل في نفس المواطن أما إذا لم يشعر المواطن بوجود دولة يصبح الصوت الأقوي للفلوس والكلاشينكوف أو قرن الغزال. ولكن حميمية العلاقة بين سيادتكم والنظام بدأت تتلاشي عندما تصديت لفتي مبارك المدلل أقصد حسين سالم فما هي قصة الخلاف بالتحديد؟. قال اللواء محمود خلف: عندما توليت منصبي كرئيس للمجلس الأعلي للأقصر هالني ما رأيت فيها فالأقصر إذا كانت أغني مدينة في مصر فبها أعلي نسبة بطالة وشبابها لا يعمل إلا في الوظائف الدنيا في السياحة وان سوق السياحة محكوم باسماء ويدار من القاهرة فاستولوا علي حجم ضخم من الأعمال فكانت أول نكبة انه رغم فصل الأقصر عن قنا منذ عام 9891 إلا انه لم ينقل إليها أي جهاز إداري وأصبح الصندوق في الأقصر ومفتاحه في قنا وأصبحت الأقصر نهبا لكل من تسول له نفسه النهب فالأراضي متلاعب فيها والخرائط المساحية متلاعب فيها.. ومن هنا استخدمت فكري في القوات المسلحة بان كل من يعتدي علي أراضي الدولة أو يسرقها ويستولي عليها بدون حق اعتبرته شأنه شأن العدو الإسرائيلي واتعامل معه كذلك غير انني لا أطلق عليه النيران بل استخدم ضده القانون.. وبالفعل قمت بعمل رفع مساحي لاراضي الأقصر واستحضرت لجانا من وزارة الزراعة وعملنا عمليات رفع مساحي دقيق رصدنا فيه ما يزيد عن مليار متر مربع مسروقة وأعددنا العدة لاستعادة الأرض بعد ان قمنا بإنشاء قاعدة بيانات دقيقة تمكنا فيها من تسجيل أملاك الدولة في سجلات دقيقة بالسنتي متر والمبلغ المستحق عليها والقائم علي الأرض وبدأت في ارسال طلبات للقائمين علي الأرض إما ان يشتريها أو يؤجرها. حكاية الخلاف مع حسين سالم هل هذه بداية الصدام مع حسين سالم صاحب موفنبيك الأقصر وما هي حكايته؟ بالفعل كانت تلك اللحظات هي بداية الخلاف مع حسين سالم فبعد ان قمنا بعمل حصر للملاك وجداول الاحصائيات كان من بينهم حسين سالم وأعلم صلته الوطيدة بالرئيس مبارك لانه في الأصل صديق للدكتور زكريا عزمي المسئول عن كل فساد مالي وسياسي في مصر وحكايته باختصار بانه قام بوضع يده علي قطعة أرض من أملاك الدولة أقام عليها منتجعا سياحيا هو فندق »الجولي ڤيل« واراد توسيع نطاق المنتجع بضم قطعة أرض إليه ولكني رفضت لان هذه الأرض تعتبر محمية طبيعية الا انني فوجئت بعد ذلك بان وزارة الزراعة سهلت له عملية البيع وبثمن بخس رغم انهم هم المسئولون عن أملاك الدولة فاعترضت تماما وخاطبت هيئة المساحة والشهر العقاري لوقف تسجيل عقد البيع لكون الأرض محمية طبيعية من ناحية ولان القيمة التي تم بيع الأرض بها لا تعبر عن معشار قيمتها الحقيقية حيث تم بيعها ب9 ملايين جنيه في حين أقل سعر لها 082 مليون جنيه!! بدء المناوشات كنت أعلم ان العد التنازلي لبقائي قد بدأولكنني اعتبرتها معركة وصممت علي الحفاظ علي أرض الوطن وقلت والله زمان يا سلاحي ولانني قاتلت من أجل الأرض فاعتبرت انني اخوض معركة الاستنزاف للمرة الثانية وتصرفت هذا التصرف بأن استعنت بكل الأجهزة التي عملت معي لاسترداد الأرض أخبرت يوسف والي ان حسين سالم يمارس ألاعيبه معك واستطاع ان يحصل علي توقيعك وهذا أمر مخالف فقال حسبي الله ونعم الوكيل بل أكد انهم يريدون ان يخربوا بيتي وتصورت انه سيتخذ اجراء وخاب ظني بل وقع علي خطاب ضدي بانني وراء عرقلة تنفيذ العقد وشكوت لرئيس الوزراء لان التراب المصري غال جدا جدا علينا كمصريين خاصة لمن قاتل وخاصة الحروب من أجل استرداد الأرض المنهوبة وعقد عاطف عبيد اجتماعا بمجلس الوزراء حضره حسين سالم شخصيا ويوسف بطرس غالي وممدوح البلتاجي وزير السياحة والمحافظون السياحيون وفوجئت بالبلتاجي يهاجمني علي انني جنرال من الجيش يوقف عمل السياحة فقلت السياحة لن تقف وانما يجب ان تضبط من الحرامية وأين حقوق الدولة ورديت بما فيه الكفاية رغم انني أعلم قوة حسين سالم الذي يدعمه من الخلف دوار العمدة وشيخ البلد ولكني استمررت في عملي ولم أتوان لحظة!! الدفاع عن الأرض شرف ألم تراودك لحظة بالتوقف خاصة انت تعرف قوة خصومك؟ ألم تخش علي منصبك؟ قال انا شرفت بانني كنت قائدا في القوات المسلحة وقاتلت من أجل مصر وأنا وأبناء جيلي ممن حمل السلاح وتصدي للعدو الإسرائيلي وقضي عليه وطرده يعرف حق الأرض وحق الوطن الذي قاتلنا من أجله وأنا شرفت بانني قاتلت علي أرض سيناء وانسحبت منها وعدت لاستردها وأطرد العدو وهذا المنصب لا يرقي إليه منصب في الدولة لا وزير أو رئيس وزراء أو حتي رئيس الجمهورية فالأرض عزيزة والدفاع عنها شرف وليس واجبا.. واستمررت مطالبا بحق الدولة ووجدت نفسي بين دفتي الرحي ما بين رئيس وزراء اخطر بالواقعة ولم يتخذ إجراء بينما يهدي الأمور لارضاء دوار العمدة وتبين ان رئيس الوزراء يعمل في الدوار مثلما يريد شيخ الخفر له.. نصحني البعض ب»كبر مخك« فقلت هذا ليس طبعي فالاكرم ان أجلس في بيتي ولم أجد إلا بابا واحدا أفضح فيه هذا الأمر بان وجهت خطابا لهيئة المساحة قلت فيه ان العقد لا يجوز تسجيله وأوقفته وارسلت إلي الشهر العقاري لوقف التسجيل لان هناك فرقا غير مبرر في السعر من 082 مليون جنيه الثمن الأصلي للأرض و9 ملايين الثمن المبيعة به الأرض. كنت أعلم انني في حرب ولكنني كنت أعلم انني سأنتصر وان هناك يوما للحساب سوف يأتي.. كنت علي يقين ان الله لن يضيع أجر من يقاتل في سبيل أرضه وبالفعل جاء يوم الحساب ليعاد فتح الملف من جديد وهو الآن أمام جهات التحقيق وأحمد الله ان العقد مسجل لصالح الدولة وان هناك جزء تم استرجاعه والباقي سيأتي وان كل اراضي الدولة أصبح لها شهادات ميلاد موثقة وكل الأراضي متروكة لجهات التحقيق وانني اذا أنتهز هذه الفرصة فانني أوجه التحية لمباحث الأموال العامة الذين توصلوا للموضوع وتحروا عنه حتي وضعوه في يد العدالة. سألت الدكتور محمود خلف ومتي بدأت العلاقة بين الرئيس المخلوع مبارك وصديقه حسين سالم؟ فأجابني بداية هذه العلاقة بدأت تحديدا عام 6991 في شرم الشيخ وكان وراءها صديقه الحميم زكريا عزمي الذي كان وثيق الصلة به وتربطهما صداقة كبيرة وأثناء التحضير لمؤتمر السلام الذي حضره 23 رئيس دولة وملكا لبحث عملية السلام في الشرق الأوسط وهنا لاح نجم حسين سالم بما قدمه من إمكانات لكسب ود الرئيس الذي شاهد اللوكاندة الخاصة به لأول مرة بعد ان قدمه شيخ البلد زكريا عزمي إلي الرئيس وبدأت قصص وحكايات شرم الشيخ منذ بداية هذا التوقيت ولن أخوض في تفاصيل أكثر من ذلك ولم تكن هذه هي المرة الأولي أو الأخيرة التي يقرب فيها زكريا عزمي أصحاب رؤوس الأموال إلي الرئيس مبارك ويكفي انه هو الذي كان وراء ارسال ممدوح اسماعيل صاحب العبارة السلام الذي تسبب باهماله وجبروته وصلته برجال الحكم في ضياع أرواح المئات من شباب مصر المخلصين. ويا ليته فهم وهل توجد ثمة علاقة بين سيادتكم والدكتور زكريا عزمي ومتي كان آخر لقاء جمعكما؟ في الحقيقة لا توجد علاقة حميمية بل هي كانت علاقة عمل ابان عملي قائدا لقوات الحرس الجمهوري بدأتها بتعريفه بنفسي بانني شخصية عسكرية وسأقوم بمهمة رسمية كلفتني بها قيادتي العسكرية وسأنفذها علي أكمل وجه وليس لي اتجاهات أخري وكان لابد ان أكون حاسما ووضعت بيني وبينه من اليوم الأول تلك المساحة التي يفهمها هو جيدا ونحرص عليها نحن العسكريين في التعامل مع الآخر.. أما آخر لقاء بيننا كان حوارا تليفونيا عندما فوجئت باتصال منه منذ عامين قائلا ان جمال مبارك يطلب مني الانضمام للجنة السياسات فرفضت واعتذرت له شاكرا.. ففوجئت به يقول: »طب بلاش لجنة السياسات« ما تيجي تنضم للحزب قلت له الحزب حزب ايه يا دكتور بضحكة ساخرة ويا ليته فهم. مصر استدعت نفسها قلت للدكتور محمود خلف ما هي قراءتك للاوضاع الحالية بعد ثورة 52 يناير في ظل حالات الانفلات الأمني والمطالب الفئوية والتخبط وما رأيك في الحكومة الحالية وهل أدت ما عليها؟ أجاب: قرأت بخيالاتي وانفعالاتي ان مصر استدعت نفسها فمنذ قيام الثورة ومن خلال خبرتي الطويلة في مشاكل الاستراتيجية والأمن القومي استطيع ان أقول وأكرر انني مطمئن فان الذي يحدث من ارتدادات فلابد ان يتم حيث يتناسب مع عظم الحدث وما أسفر عن الثورة من مناخ نفسي مثل المطالب الفئوية والصراعات وغيرها مقبول جدا إذا ما تذكرنا ان الشعب »مكبوت« ظل 03 سنة لا يتحدث ولم يجد فرصة للكلام والتنفيس عن همومه والشيء الطبيعي ان يتحدث بمجرد ان تتاح له الفرصة قد يكون هناك فوضي ولكني أثق ان مصر قادرة علي استدعاء نفسها وقت اللزوم.. وأقول ان المواطن المصري يملك في جيناته »لمبة حمرا« تضيء وقت اللزوم فالشعب طويل البال وصبور ولكن عندما ينقلب ينقلب مرة واحدة فنحن أقدم شعب وأقدم حضارة وأول دولة في العالم والتاريخ يشهد باننا لدينا »لمبة حمرا« تقب عند اللزوم وثورة 91 خير مثال علي ذلك. أما رأيي في الحكومة الانتقالية فقد نجحت إلي حد كبير في التعامل مع الأحداث ولكن لكي نقيمها تقييما علميا كنظم سياسية فلابد ان أضع قائمة الاشكاليات التي مرت بها والبعض يتصور ان الحكومة قد قصرت والواقع يقول ان الحكومة تتعرض لأزمات شديدة بصورة يومية تجعلها تتفاعل لحظيا وتتحرك بين تفاعل وآخر وإذا تم عمل خطط ورقية ستفاجأ بنقص الموارد وكذلك انهيار صناعة السياحة وتخرج من ذلك علي أحداث كنائس ومنها لقطع طرق في قنا وبني سويف وغيرها وأري اننا نطالب الحكومة بمطالب كبيرة وهي في حالة في منتهي السوء حيث لا يجوز تكليفها برؤي استراتيجية فهي حكومة تصريف أعمال لها مدة محددة. التفكر للمستقبل وما الذي يشغل بالك الآن؟ قال الدكتور محمود خلف ما يشغلني حقيقة انشغالنا بالماضي أكثر من اللازم وهذا خطأ فلابد من الموازنة بين الماضي والمستقبل فانا أريد ان نفكر للمستقبل مثلما فكر محمد علي منذ عام 5081 ليواجه الزيادة السكانية في عصره فقرر التوسع في المشروعات الضخمة ونحن نعيش حتي الآن علي ما فكر فيه محمد علي دون حدوث اضافات جديدة!! فمصر لازالت تعيش بال58 مليونا علي 5.7٪ فقط من مساحة اراضيها التي تبلغ مليونا و033 ألف كيلو متر مربع وهي للأسف نفس الأوضاع التي كانت موجودة أيام الفراعنة وزاد عليها محمد علي وبانحسارنا بين الوادي والدلتا. وإذا كنا قد حققنا تغيرا مهولا بثورة 52 يناير فأري ان مصر استدعت نفسهاوأصبح 52 يناير سلاح الوطن الحالي جيشا وشعبا، شيوخا وشبابا وإذا كانت الثورة قد ابهرت العالم فاليوم لا أريد ان أفقده واستغله في رفع الرصيد الاستراتيجي بمصر والابهار السريع سيعطيني دعما بانني سأحترم في أي مكان سيعطيني نموذجا للوطن العربي الذي يريد ان ينهض خاصة ان الشعب المصري يستطيع ان يغير ويكفيه انه سقط اعتي الانظمة في اسبوعين وهذا يعني ان الشغب قادر علي اسقاط أي نظام لا يفي بمتطلبات الشعب واستحقاقاته في أقل من 84 ساعة. وهل رصدت حجم التغيير في المجتمع بعد ثورة يناير؟ أكيد بالطبع لقد ظهرت بوادر تغيير رائعة لعل أهمها علي الاطلاق المشاركة السياسية التي ظهرت في الاستفتاء عندما حرص كل أفراد علي الذهاب إلي صناديق الاستفتاء وأنا أقسم انني لم أهتم يوما بالانتخابات وكنت عازفا عنها لما يعرفه أفراد الشعب كله ولكنني بعد يناير فوجئت بكل من حولي يسألونني رأيي لا أقول المفكرين وأصحاب الرأي فقط بل امتد ذلك إلي الخضري والفكهاني وعامل محطة البنزين وبالطبع عندما نزلت وزوجتي لنؤدي واجبنا ونمارس حقنا الدستوري لم نجد لجنة فارغة الشعب ملهوف والحشود في كل لجان والطوابير تصل لمسافات، تصل إلي مئات الامتار وكان ذلك قبل اغلاق مقار الانتخابات و»سرت« في نفسي قشعريرة وأنا انظر لطابور الناخبين وبه سيدات مسنات ينتظرن الادلاء بأصواتهن وتذكرت طوابير الجنود وهي تقتحم سيناء بعد اقتحامنا لها وتحطيم اسطورة الجيش الذي لا يقهر وربط بين الطابورين فإذا كان طابور العبور العظيم اعاد لمصر قوتها العسكرية ولقن العدو اللعين درسا لا ينساه فان طابور الاستفتاء يعيد لمصر قوتها السياسية والاجتماعية. الانتخابات أولا ثم الدستور قلت في هذه المرحلة الانتقالية أيهما تفضل إجراء الانتخابات البرلمانية أولا أم وضع الدستور؟ قال الخبير الاستراتيجي: من واقع خبرتي الشخصية فانني أري إجراء الانتخابات البرلمانية أولا وإذا كان لابد ان تؤجل فليس هناك مشكلة علي الإطلاق ولكن هذه هي البداية الأفضل لانه لا يمكن الانطلاق في البناء السياسي بدون القاعدة البرلمانية التي تفرزها الانتخابات ولا يهم من أين تأتي تلك القاعدة سواء كان من الاخوان أو الوفد أو أي قوي سياسية أخري فنحن نريد قوي وسيطة وهذا رأيي.. وهناك رأي آخر ينادي بوضع الدستور أولا ومن ينادي بذلك يعطي اسبابا وجيهة مفادها انه لابد من وضع الخريطة السياسية أولا وفيها الأسس التي تقوم عليها العملية الانتخابية وما يليها وهذا صحيح ولكن يبقي السؤال كيف نفعل ذلك؟! وهنا تبدو المعضلة فلكي نعمل الدستور لابد من اختيار لجنة تقوم بعمل القوي الوسيطة وهذه اللجنة اختيارها بلا شك صعب في ظل التداعيات الحالية حيث إن كل حوار يجمع اطياف المجتمع المختلفة ما ان يبدأ حتي نبدأ في عملية اقصاء للآخر ولكل من يخالفنا الرأي والاقصاء له خطورته الشديدة حيث يحول المحايد إلي عدو بدلا من تحويله إلي صديق وتحويل الصديق إلي حليف وهذا يعد أهم أساليب الإدارة السياسية التي تعتبر الديمقراطية تقوم علي أساس القيم الاخلاقية التي ترفض الاقصاء إلي أبعد حد فمن غير المعقول ان نجد الاعداء يتجالسون ويتناقشون ويتجاورون بينما أبناء الوطن الواحد بينهم اقصاء أو فرز وتجنيب ولابد ان نكف عن ذلك وهذا سيضعف من قوتك في عمل دستور لانه سيصعب عليك اختيار 001 شخصية علي الأقل لتشكيل لجنة لوضع الدستور باعتبارهم قوي وسيطة في حين يمكن ان يقوم البرلمان الذي اختاره الشعب بذلك الدور وفي النهاية لا يمكن تمريره الا بالاستفتاء الشعبي عليه وبالتالي ليس هناك داع للخوف. الصح والأصح وأيهما أفضل الانتخابات الفردية أم بالقائمة النسبية وما هي أفضل النظم السياسية للحكم في مصر البرلماني أم الرئاسي أم شبه الرئاسة؟ بالنسبة للانتخابات فانني اتفق تماما ان تكون بالقائمة النسبية المطلقة ولكن من الصعب ان ننتقل عليها مرة واحدة وأري المزج بين الفردي والنسبي لاننا لدينا معطيات لابد ان نتعامل معها ولا نقصر تفكيرنا علي حاجة واحدة فقط نصر عليها فليس القاعدة ان تقول هناك شيء صح وآخر خطأ بل هناك شيء صح وأصح وعلينا ان نختار ما يناسبنا ونفس الشيء بالنسبة للقطاع السياسي فانا أفضل المزج بين النظامين البرلماني والرئاسي خاصة ان للنظام البرلماني محاسنه لانه يعتمد علي القاعدة السياسية في الشارع ونأخذ من النظام الرئاسي أحسن ما فيه بحيث يكون الرئيس مسئولا عن السلطة التنفيذية والنظام الرئاسي فيه عيوبه ويكفي ان الرئيس في النظام الأمريكي لا يستطيع ان يصرف دولار دون الرجوع إلي مكتب الميزانية بالكونجرس.. ولذلك فانني أنادي بالنظام المختلط ننتفي منهما ما يناسبنا. الإعلام قوة استراتيجية كيف تصف الإعلام ودوره في المرحلة الراهنة؟ قال الدكتور خلف: الإعلام أصبح له قوة وقدرة في المجتمع من خلال تطور العملية الإعلامية علي ضوء التقدم في علوم الاتصالات.. فالاعلام كان في الماضي ناقلا للخبر الا انه أصبح من القدرات الاستراتيجية التي لا يتسهان بها وهي الاقتصاد والجيش والشرطة والإعلام وأري ان مسئولية الإعلام في هذه المرحلة مسئولية كبيرة ويجب ان يكون هادفا ومتجها ناحية الوفاق والخطاب فيه هادف ويجب ان يكون الإعلام المصري في حالة استنفار وان كل قناة تضع شعارها مصر أولا وهذا ما حدث بعد حرب 76 كانت الرسالة الاعلامية عامل عاملا محفزا بالنسبة لنا. واستطرد الخبير الاستراتيجي الدكتور محمود خلف بان الإعلام في الفترة الراهنة يحتاج إلي وقفة ارشادية مع النفس فيجب عليه تعظيم المسئولية الوطنية حتي لو اثر ذلك علي المهنية، واضاف: نحن في حالة حرب ويجب الا اكشف كل أسراري وأدمر تحت شعار المهنية ولا أعني بذلك إخفاء الأسرار بقدر ما أعني بتعظيم انجازاتنا قدر ما نستطيع وان يكون الخطاب »وفاق« وليس كما نشاهد في البرامج الحوارية ان المعد يحرص علي ان يأتي بناس ضد ناس هذا يتحدث وذاك يعارض مما يزيد من عملية الانقسام والتشتت والمطلوب اعطاء روشتة للمشاهدين يقف فيها الاعداد علي رأي الناس وماذا يريدون ولكن للأسف.. فإن المصلحة الشخصية لاسباب تجارية متعددة يجب ان تكون الحلقة صاخبة حتي يأتي الفاصل وتأتي خلفه الاعلانات. الجزيرة مباشر لمصلحة من؟ ويتطرق الدكتور خلف إلي قضية شائكة صارخا بصراحة انا مش عارف ماذا تعني قناة جزيرة مباشر من القاهرة ومن الذي سمح لها بالبث من أرضنا.. حتي اللوجو الذي يضعونه كئيب يحاول ان يعيدنا للخلف ولماذا تعد هذه القناة علي ان تكون خطا موازيا لانجازات الثورة والدعوة إلي الاستقرار ولا أدري لماذا تصر علي نهجها الاعلامي وانا هنا أعلن عن دهشتي لاستمرارها في عملها بنفس المنهج أتساءل من الذي أعطي لها التصريح ببث »رسالتها« من القاهرة. قلت للدكتور محمود خلف وبماذا تنصح الشباب بعد الثورة؟ في الحقيقة ثقتي في الشباب ليس لها حدود ولا أنكر دوره في انجاح الثورة ونصيحتي لهم بعدم الانشغال بالماضي رغم ايماني العميق بان الماضي مهم وانه لابد من التحقيق فيه لان أهمية الماضي تكمن في الاستفادة من الاخطاء والعمل علي عدم التكرار وبالتالي إذا كنت أنصح بعدم الاشتغال بالماضي فلابد الي النظر للمستقبل بعين وثابة من أجل النهوض بمصر فهي الأمل وهي المستقبل.. لابد من تبني مشروعات مستقبلية تنموية ولنتخذ من محمد علي مثلا طيبا في ذلك في ظل التحديات التي نعاني منها واهمها الخروج من الوادي الضيق والتنمية المستدامة.. كما أطالب الشباب بالتكاتف والاتحاد وعدم التشتت فالثورة انشأت ائتلافات كثيرة كلها تبغي الصالح العام وكلها تتحدث عن الاخطاء فقط وهذا حسن ولكن الأفضل ان نبدأ في عملية البناء التي لن تكون بالكلام وانما بالعمل الوثاب وانجاز المشروعات الوطنية أو القومية ثم انني أري ان الشباب يضيع وقته بالإعلان عبر رغبته في محاكمة فلان وعلان وهذا غير مجدي الآن لاننا في مرحلة انتقالية وكأننا في منزل قديم نحاول اصلاحه أو ترميمه فينبغي ان ننحشر في غرفة واحدة حتي نتمكن من تطويره واصلاحه اما إذا اختلفنا ودب بيننا الشجار فلا فائدة من مشروعاتنا.. وانني علي يقين طالما تم تحويل المتهمين إلي القضاء فيجب ان نطمئن لان المحاكمة العادلة مطلوبة ولو لم تتم بالمطلق سنفقد أول أساس للديمقراطية وهو العدالة. القوات المسلحة حرز الوطن وإذاتقول للشباب عن القوات المسلحة وإمكاناتها الحالية ودورها في استتباب الأمن وسياسة ضبط النفس؟ قال اللواء الدكتور محمود خلف الخبير الاستراتيجي ان حقيقة القوات المسلحة تكمن في ان معطياتها دائما ما تكون سرية لان الكشف عنها يحدث اختراقات ومن ثم عندها ثقة في كل خطواتها وفي بعض الاحيان لا تستطيع ان تفهم قرارا في وقته أو موقفا معينا ولكن التاريخ يحكي لك ان الأفضل ما تم اتخاذه من قبل القوات المسلحة حيث ان اختيار الموقف يتم بحسابات دقيقة تعتمد علي أحدث النظم المعلوماتية في الدنيا.. يكفي اننا أول دولة تخترق الحرب الاليكترونية وتفوقنا علي العدو الاسرائيلي في أكتوبر تكنولوجيا مصرية جديدة. حتي في عصر السلام أقول لمن يتحدث عن اتفاقية السلام أقرأوا التاريخ جيدا وهاتوا لي في تاريخ اليهود كله ان ينسحب اليهودي من أرض أحتلها فلن تجدوا فان عقيدة اليهود انهم لا ينسحبون من أرض الا إذا كانوا يعملون ان هناك ثمنا غاليا سيدفعونه لو لم ينسحبوا. واستطرد الدكتور خلف وانني لا أذيع سرا عندما أقول وبدقة تماما ان إسرائيل تعلم تماما ان عقابا جسيما سوف يحيق بها من القوات المصرية إذا حلمت ان تلمس الحدود المصرية ويكفي ان القوات المسلحة المصرية تعد أقوي عاشر قوة مسلحة في العالم فلم يكن هذا من فراغ.. فالقوات المسلحة هم أبناء ذلك الشعب الطيب الذين ارتووا من النيل العظيم وهم أصل النبت الطيب أصله ثابت وفرعه في السماء وان المجلس الأعلي للقوات المسلحة ليسوا منعزلين عن الشعب بل انهم ابناء هذا الشعب ووفاؤهم له ولأرضه وبايعوا أنفسهم ان تكون أرواحهم فداء للوطن. أرشح برامج وليس أشخاصا سألت الدكتور محمود خلف ومن ترشح رئيسا للجمهورية من بين المرشحين؟ فاجابني بقوله انه من السابق لأوانه الترشيح لرئاسة الجمهورية فانا كل ما أتمناه ان يخرج علينا حد يخبرني ماذا يريد لمصر في ال05 عاما القادمة فمع احترامي لكل متقدم بالترشيح ما هو برنامجك.. أنا لا أبغي حديثا عن الذات وانما عن برنامج عن التخطيط المستقبلي لمصر.. مصر التعليم والتكنولوجيا ومصر حوض النيل ومصر في المحافل الدولية.. مصر ودورها المحوري في الشرق الأوسط وافريقيا ومصر التصنيع. وبالطبع هذه المشروعات الحيوية يجب ان تكون برامج علي ضوئها نعطي صوتنا لمن يريد لمصر الخير والنماء بعد الثورة ولنأخذ من ثورة يوليو المثل والعبرة فبعد ان ودع الضباط الاحرار الملك عادوا ليتكلموا باسم مصر من خلال مشاريع عملاقة.. السد العالي ومديرية التحرير، الصناعات القومية المتميزة وغيرها من المشروعات.