من اكثر العوائق النفسية التي تؤثر على الأطفال بشكل سلبي، هو تعرض والديهم إلى الطلاق، مما يترك في نفسهم أثرا كبيرا يسبب لهم القلق ولا يجدون طريقا للخلاص. وفي هذا الصدد تقول أ. رانية ناصر، أخصائي التخاطب والتربية الخاصة، ان آثار الطلاق على الأطفال يمكن ان تتلخص فيما يلي: 1 ضحايا نفسيا وعاطفيا: الأطفال هم أول ضحايا الطلاق، ضحايا نفسيا وعاطفيا وحتى جسديًا أحيانا، فالطفل بعد طلاق والديه يقع في حيرة واضطراب، وقليلا ما يسيطر على توازنه، خاصة الطفل الذي تربى في أحضان والديه ونهل من حبهما وعطفهما . 2 الوحشة من الحياة: ان الطفل الذي ينفصل والداه عن بعضهما يرى البيت مكانا موحشا، وغالبا ما يبحث عن ملجأ أخر له، عماكان يجد فيه السلوى والأمن والراحة، والطلاق يجعل الطفل غير مبال بالدنيا وبالاخرين فلا تستطيع روحه الصغيرة المحدودة ان تتحمل انفصال والديه . 3 الشعور باليتم: بعد الطلاق يصبح الأطفال أيتاما حقا، خاصة إذا كانوا صغار السن فمصيبتهم أعظم، فالطفل في كل مراحل حياته، وعلى كل المستويات والإمكانات يحتاج إلى أم تحنو وتعطف عليه، والطلاق الم ثقيل بالنسبة له لايمكنه، تحمله ان يصل إلى أمه وأحيانا إلى أبيه عليه ان ينتظر الأوقات الرسمية لملاقاتهم، وأحيانا قد يستيقظ الطفل من نومه عند منتصف الليل يريد أمه. 4 التشرد والاضطراب: يتسبب الطلاق في غالبا في تشرد الأبناء، فإما يوكلون أمر أنفسهم لأنفسهم، أو يوضعون عند زوجة الأب أو زوج الأم، الذين غالبا ما يعاملوهم بطريقة سيئة، فبعد الطلاق يصبح الطفل كالتمثال المتحرك أو اللعبة، ينقل من يد إلى أخرى، فهو حينا عند الأم، وحينا عند الأب، وتارة عند العمة، وأخرى عند الخالة والخال، وأحيانا أخرى في الملجأ . ويتضح من هذا التنقل ماذا سيحدث له، فهو لكثرة التنقل سيتعرض لتربيات وثقافات مختلفة ومتفاوتة، فأي تأثير سوف تتركه على نفسيته وأي شكل من التربية سيتلقى؟ 5 الاحساس بالذنب: أحيانا يشعر الأطفال بالذنب عند انفصال الوالدين، فيظنون أنهم تسببوا في اذيتهما فانفصلا عن بعضهما، وهذه المسالة غالبا ما تتضح من خلال لسانهم وكلماتهم البريئة حين نسمعهم يقولون: " ماما تعالي سوف لن نؤذيك بعد الان"، أو يقولون: "بابا تعال نعدك ان لا نفعل ما يغضبك" فهم يظنون أنهم ارتكبوا خطأ، وهم المسؤولون عن انفصال والديهم . 6 الحيرة والشرود الذهني: بعد الطلاق يصبح الطفل حائرا فهو يفقد اهتمامه بالمدرسة ويتأخر في دراسته، وأحيانا يمرض ويحاول البحث عن ملجأ يجد فيه المحبة والعطف والحنان وهو في الحقيقة ليس مريضا بل فاقدا للثقة بنفسه، ولا يمكن علاجه بالادوية بل بالمحبة والعطف والحنان . 7 التأثير على النمو: تشير البحوث والدراسات ان الأطفال الذين انفصل أبواهما يكون نموهم الجسدي اقل من الأطفال الذين يعيشون مع والديهم، حتى وان لم يجدوا أما مربيه أو لم يجدوا تربية نفسيه صحيحة، ففقدان الأم يمنع تفتح براعم الطفل ويترك أثرا سلبيا على شخصيته العاطفية . 8 تغير نظرته لأحد والديه: بعد الطلاق تكون نظرة الطفل لأحد والدية نظرة متشائمة، سيئة، كلها كراهية، وعادة ما يميل إلى احد الطرفين، وهذا الأمر غير محمود للطفل وللوالدين فمن الأفضل للأبوين الا يسيئا الحديث عن بعضهما أو يشتكيا امام الطفل مخافة رد الفعل الذي يسببه ذلك في نفسه . 9 الحرمان العاطفي: بعد انفصال الأبوين سيحرم الطفل من عطف وحنان والديه ونجده دائما متعطشا للعاطفة، لذلك، ليس بعيدا ان يبحث عن المحبة هنا وهناك، وقد يسقط في يد أشخاص فاسدين، سيئين لا يعرفون الله فيفقد عفته وطهارته، هذا الأمر نجده يحدث في كثير من المجتمعات المختلفة . 10 اضطراب الطفل نفسيًا: وأخيرا الطفل الذي ينفصل والداه هو طفل غير سوي مضطرب نفسيا، كما تؤكد بحوث علماء النفس الالمان، كما انه يكون محروما من العاطفة، وحينما يكبر سيكون ذلك سببا في جعله فردا شريرا ومجرما . اما عن تاثير الطلاق على مستقبل الطفل، فتقول أخصائية التخاطب والتربية الخاصة: "قد يجد الطفل بعد طلاق والديه محيطا مناسبا وظروف مساعدة فلا يهمَل، فنشأته في جو غير مناسب حيث الأبوان غير منسجمين، ولا يشعر بالأمان في بيت ترتفع فيه أصوات التشاجر بين الأبوين، قد يكون تاثيرها السلبي أشد وأقوى". اما عن حدوث الطلاق بين الزوجين خلال السنوات الأولى من عمر الطفل، فتقول رانية ناصر، أن من حسن حظ الطفل في السنوات الأولى من عمره، انه لا يدرك معنى الطلاق والانفصال فلا يتأثر منه، وهذا الأمر عادة يتبع النمو العقلي والعاطفي والظروف التي تربى فيها، فقد يربى الطفل في أحضان خادمة ما وبهذه الحالة لن تكون له علاقة محبة ومودة مع أبويه كتلك العلاقة التي يتمتع بها بقية الأطفال . وعلى كل حال فكلما كان سن الطفل صغيرا فمسالة ادراك الطلاق وتحمله تكون اقل ، وعلى الوالدين مراعاة ذلك لأجل طفلهما، وفي نفس الوقت أثبتت بعض الدراسات والبحوث ان انفصال الطفل عن أمه في السنوات الخمس الأولى من حياته سببا في جعله مجرما فيما بعد. وتنصح رانية ناصر الزوجين بعد الطلاق، للوصول إلى حل ودي لرؤية طفلهما في فترات متقاربة، أو بعبارة أخرى يجب ان يسعى كل منهما من جانبه لتوفير له كل ما يحتاجه من مودة ومحبة وأمور أخرى .