لم تفاجئني واقعة النائب السلفي علي ونيس - وما أريد قوله هنا إن الاسلاميين والسلفيين ليسوا بالملائكة كما حاولوا أن يصوروا انفسهم لنا - ولكن أسوأ ما في المشهد أن تنادي بمبادئ تحض الناس عليها وأنت ليس لك فيها شىء منها.. فكان من يدعيه البعض من التيار الاسلامي انما هو واجهة يقدمونها للمجتمع ويقومون بعكسها.. فكأن الدين تحول لتجارة وبضاعة يشتريها البعض عن غفلة أو غياب للوعي. وما فعله أنصار علي ونيس من تظاهرات أمام مديرية الأمن ضد اتهامه هو تطبيق لمبدأ أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً.. ولست أشك في أن هذا المبدأ سيطبقه أصحابه فيما هو قادم من الأيام.. سواء كان هذا الأخ ظالماً أو مظلوماً.. فاسداً.. أو مفعولاً به. أما الفتاة التي صاحبت النائب في سيارته لحظة ضبط الواقعة، فلأنها بنت غلبانة، كل ما أرادته هو الحصول على شنطة ملابس ولو ببعض التنازلات، فكان مصيرها الحبس والفضيحة، في حين أن بطل الواقعة لا يزال يمارس عمله في البرلمان دون أن يتعرض له أحد.. أو يحاسبه أحد وحتى وزير العدل المنوط به تحقيق العدالة، لم يطلب من النيابة العامة أن تبادر بطلب لمجلس الشعب لرفع الحصانة عن النائب للتحقيق معه، وحتى حزبه لم يقم لا بفصله، ولا حتى بالتحقيق معه باعتباره من اولياء الله الصالحين الذي لا يأتيه الباطل من أمام ومن خلف، رغم التلبس وعري الفتاة وادعاء النائب الكاذب أن الفتاة ابنة اخته وادعاؤها انها خطيبته.. وكذبها في الاسم الذي تركته لرجال الشرطة، واسم كليتها. وإذا كان البرلمان لم يفعل شيئا للنائب المحترم فقد بادرت جامعة الفتاة بالاعلان عن فصلها إذا ادانتها التحقيقات.. في حين نام المجلس نومة أهل الكهف. وما حدث من النائب على ونيس يذكرنا بواقعة البلكيمي الشهيرة، والذي لم يتم اتخاذ أي اجراء ضده حتى الآن فهل صار البلكيمي وعلي ونيس فوق أي قانون؟ وإذا ما كان الفاعل من حزب آخر غير اسلامي أو مستقل، فهل كان سيأخذ المجلس نفس الموقف ام كنا سنرى رقاباً تطير وتنفيذاً للقانون بدعوى الحفاظ على الأخلاق؟ وقبل أيام أقر المجلس قانون اللجنة التأسيسية للدستور ورغم تدخل المجلس العسكري لاقراره وإظهار العين الحمر، وبالرغم من ذلك كله نجحت مناورات الاخوان والسلفيين في انتزاع خمسين بالمائة من اعضاء اللجنة مما دعا الكثير من تيارات القوى المدنية للانسحاب من اللجنة.. وقياساً على ما حدث فلا نتوقع خيراً من اختيار أعضاء اللجنة التي ستشكل الدستور لتكون مواد الدستور القادم ذات توجه ديني تمهيداً للدولة المدنية ومن لا يعجبه فليشرب من البحر. وغداً تبدأ الانتخابات الرئاسية وما أدهشني هو قلة الدعاية لشفيق قياساً بدعاية الاخوان ومرسي على أرض الواقع، خاصة في القرى ومناطق الريف والصعيد.. وحملاتهم للهجوم على شفيق بكل الطرق الشرعية منها - وغير الشرعية - واستغلال القوى الثورية في عدائها ضد شفيق باعلاء ذلك العداء وتضخيمه حتى يبدو وكأن الوطن بأكمله ضد شفيق. وفي الواقع فإن الآلة الاعلامية للاخوان قد عملت بنشاط ضخم لهذا الهدف وبدا وكأن شفيق يواجه وحده مؤسسة ضخمة- أشبه بدولة داخل الدولة - هي دولة الاخوان.. دولة لها أذرع اخطبوطية منتشرة في كل بقاع مصر لا تتورع عن أي شىء لتحقيق أهدافها.. سواء برشوة الناخبين بالزيت والسكر أو بتشويه الخصم وبث دعايات كاذبة ضده. وقد شاهدت على اليوتيوب عرضاً بأحد المركز الثقافية، كال فيه صاحب العرض هجوماً ضد شفيق لا أصفه إلا بالهجوم القذر فلا أخلاق فيه ولا ضمير، هجوماً وصل إلى حد الأعراض، وليس من شك أن من يقفون وراء ذلك الهجوم هم أصحاب المصلحة في خسارته للانتخابات فهل هذه هي اخلاق من يريدون حكمنا؟، وأتساءل.. أليس الخوض في الاعراض - حتى وإن كان صادقاً وليس كذباً - مما نهى عنه الاسلام.. فماذا ننتظر من هؤلاء إن صارت لهم رئاسة الجمهورية، بعد مجلسي الشعب والشورى والوزارة القادمة؟ حقاً لم أتمن أن تكون الاعادة بين شفيق ومرسي ولكنه صار أمراً واقعاً ولكني مع أي حال لست على الدولة الدينية بأي شكل من الأشكال.. لست مع دولة المرشد والفقيه.. للأسف فإن دعوة مقاطعة الانتخابات تصب في صالح الاخوان، وهم يدعمونها لأنهم واثقون بأنها ستكون في صالحهم، فالمؤيدون لهم لن يقاطعوا الانتخابات والمقاطعة ستصب ضد مصلحة شفيق.. ولا يدرك من يقاطع الانتخابات انه كمن يعطي صوته لمرسي. ولذلك ادعوكم ألا تقاطعوا الانتخابات.. لا تنجروا الى ما يريدونه لكم، اذهبوا الى صندوق الانتخابات وادلوا برأيكم وأصواتكم لأن الندم بعدها لن يفيد بشىء. بقلم: مجدي صابر