فى حياة كل أمة زعماء استثنائيون يغيرون وجه التاريخ، منهم بالطبع الرئيس الراحل أنور السادات الذى نحتفل بمرور 100 عام على ميلاده، السادات بدون أي مبالغات زعيم استطاع تحقيق إنجازات عملاقة فى 11 عاماً فقط هى مدة حكمه. حقق النصر العظيم فى 6 أكتوبر، وأعاد أراضى سيناء كاملة، وما زلنا حتى الآن ننعم بإنجازات هذا الرئيس العظيم الخالد، ولا نبالغ إذا قلنا إن السادات تحول بمرور السنوات إلى ما يشبه الأسطورة وعرف الكثيرون قيمة ما حققه، وهو ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من لقاء، السادات كان بحق داهية سياسية، نستعرض فى تلك الصفحة كيف ظلمت السينما السادات باستثناء فيلم «أيام السادات» للراحل أحمد زكى، وكيف عبرت الأغنيات عن إنجازات الزعيم. تمر غداً الذكرى المئوية لميلاد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، والفن كعادته موثق مهم للتاريخ، ولكن مع حالة الرئيس السادات كان توثيقه ظالماً، لم يوثق لواحد من مليون من تاريخ ذلك البطل التراجيدى من منظور الفن، والذى تعتبر قصة حياته مدرسة سياسية واجتماعية تستحق التوثيق، تستعرض «نجوم وفنون» آراء الفنانين الذين جسدوا الشخصية. ويعتبر تقديمها كشخصية أساسية انفرد بها النجم أحمد زكى سينمائياً عام 2001، وقدم فيلماً مميزاً ركز بشكل أساسى على مشوار حياة الرئيس الراحل السادات ونظرة الإعلام له من إخراج محمد خان، وقد تمكن زكى من تجسيد الدور للدرجة الذى أحدثت خلطاً لدى الكثير بعد ذلك فى التفريق بين أصوات وأداء أحمد زكى وأنور السادات من قدرته على تقمص الشخصية، وهو العمل الوحيد الذى قدم فى مصر حتى الآن تناول الشخصية بتفاصيلها. وقدمها إذاعياً الفنان القدير محمود ياسين، حيث جسد شخصية الرئيس الراحل فى مسلسل «البحث عن الذات» المأخوذ عن كتاب يحمل نفس الاسم بقلم السادات، وأعد المسلسل درامياً شريف أباظة وإسلام فارس، أما الموسيقى التصويرية فكانت لإبراهيم حجاج، بينما كتب فؤاد حداد «موال دنشواى» وغناه سيد مكاوى وأخرجها إسلام فارس. أما تقديمها كشخصية فرعية ضمن أحداث بعض الأفلام والمسلسلات والمسرحيات فقدمت كشخصية هزلية كما فى فيلم «ناصر» للمخرج محمد فاضل والذى اكتفى بالشخصية ك «كومبارس» ضمن الأحداث دوره التصفيق فقط. أحمد عبدالعزيز: السادات لم يأخذ حقه فنياً الدور الأكبر فرعياً للفنان أحمد عبدالعزيز والذى قدمه فى فيلم «الجاسوسة حكمت فهمى» عام 1994. أحمد عبدالعزيز تذكر كواليس العمل وقال: عندما عرض على قصة الفيلم، اهتممت بتجسيد الشخصية التى تدور أحداثها عام 1943، قبل أن يظهر السادات سياسياً عام 1952 وإعلانه كواحد من الضباط الأحرار، وهنا بحثت عن شخصية السادات فى شبابه المبكر، فى العشرينيات من عمره، قرأت العديد من الكتب التى أرخت لفترة ما قبل الثورة، وحصلت على صور فوتوغرافية توضح شخصيته فى هذه الفترة، وخلال مراجعتى وجدت أنه شخص شديد الوطنية والإخلاص لمصر، فهو من قرية وأسرة فقيرة ومع ذلك طموحه كان طاغياً، ومن هنا جهزت الشخصية من الداخل والخارج لأصل لجوهر الشخصية. وعن اهتمامه بظهوره كشخصية عصبية قال: كان شديد الوطنية ولذلك كان متعصباً لما يراه وهذا ما ظل عليه طوال حياته، حتى أنه اعتقل 1200 فرد فى حادثة شهيرة وهذا لا يحدث بسهولة، وهذا تعصب لما يراه "صح"، ولكن فى الفيلم لم يظهر فقط متعصباً، ولكنه كان يرتكز على الوطنية وإيمانه بالموقف الخاص به، وموقفه فى هذا الوقت هو موقفه السياسى بين الإنجليز والألمان، والجبهة التى تقول إن عدو عدوى صديقى، وموقفه فى الفيلم متعصب لمساعدة الألمان ضد الإنجليز، ويرى أن قضيته الوطنية هى التعاون مع الألمان. وعن تغييره لشكله بالكامل قال: شكل السادات معروف لكن ما توقفنا أمامه كثيراً معرفه مدى «الصلع» فى شعره فى هذه الفترة، ومن خلال الصور ضبطنا الشكل نسبياً، وأجرينا بروفات كثيرة للوصول للشكل، لأننى عندما أجسد شخصية تاريخية معروفة الشكل فلابد أن أحاول أن يتطابق مع صورة الشخصية، حتى لا أقع فى فخ الانتقادات. وأضاف: السادات كزعيم لم يأخذ حقه فنياً، فهو شخصية ثرية كثيرة المتناقضات والأبعاد لديه دهاء خاص فى التفكير، وتمنيت لو أقدمه فى مسلسل تليفزيونى حتى أستطيع تقديم الشخصية بكل تفاصيلها وغناها، وأعتقد أن تقديم شخصية السادات من المنظور التاريخى كزعيم وطنى وكإنسان لديه مواصفات فى التفكير وفى حربه وأيضاً فى اتفاقيته مع إسرائيل، وهنا التاريخ عنصر مهم فى رصد الأحداث ويعطينى فرصة أن أوضح أثر الوقت والزمن على الشخصية وتطورها، فالشخصية من بدايتها حتى نهايتها متغيرة ومتجددة فيها تفاصيل تكتسبها جديدة وقناعات وأفكار تكتسبها، وهذا عنصر مهم لأننا أمام شخصية حية وليست نمطية. جمال عبدالناصر: سعيد بتجسيد شخصية السادات فى شبابه الفنان جمال عبدالناصر جسد الشخصية فى فيلم «امرأة هزت عرش مصر» عام 1995 والذى يكشف تفاصيل كل من الضابط المستهتر مصطفى كمال والضابط المميز أنور السادات. قال جمال: إن الفترة التى قدمت فيها الشخصية كانت فى الأربعينيات وهى فترة تاريخية معاصرة لأحداث الفيلم، وهى فترة مهمة فى حياته لأنها شكلت شخصية السادات كوطنى وضابط جيش وقضية مقتل أمين عثمان، وهى فترة لم تقدم كثيراً فى السينما، إلا فى فيلم «السادات». وأضاف عندما عرضت على الشخصية قرأت كتاب «يا ولدى هذا عمك جمال» وشاهدت تصوره للموضوع وكيف كان يعانى مآسى كثيرة، وهذه الفترة شهدت تشكيلاً سياسياً خاصة فى فترة الاحتلال الإنجليزى، والتعامل مع المخابرات الألمانية وتنظيم الضباط الأحرار، فهو بدهاء شديد لم يتم القبض عليه، وهذا يؤكد أنه شخصية ذكية، لماحة، يسمع أكثر ما يتكلم، ريفية، ومشهده وهو يسير بجانب قصر عابدين ويقول «متى أدخل هذا المكان» فهذا يؤكد أنه رجل طموح، ومن هنا كانت التفاصيل التى اعتمدت عليها فى تقديم الشخصية. وأضاف أن كل كاتب له وجهة نظر وله مدخل من المداخل التى يريد أن يقول شيئاً عن السادات، ولديه زوايا كثيرة يمكن تقديمها الآن، والأعمال الكبيرة كشخصية السادات يمكن أن يقدم فى مائة عمل ولا تنتهى. محمد نصر: استعنت بماكير خاص لتجسيد الشخصية وقدم الفنان محمد نصر شخصية السادات مرتين، الأولى فى مسلسل «العندليب حكاية شعب» سنة 2006 والثانية فى مسلسل «صديق العمر» 2014 عن قصة حياة عبدالحكيم عامر، قال: عندما عرضت علىّ الشخصية أول مرة كانت المرجعية الأولى لى هو فيلم السادات للفنان أحمد زكى، وقابلت الفنان جمال عبدالحميد وعقدنا بروفات كثيرة، ولم يكن مقتنع بى فى المشهد، ولكنى حصلت على صور للسادات وذهبت لصديق ماكير لى وصلت لشكل السادات بالضبط، وصورتها، وعندما شاهدها وافق على تجسيدى الشخصية، وبالفعل اعتبرتها حمل ثقيل ومغامرة لأننى فى كل الأحوال لن يتقبلنى الجمهور بعد فيلم الفنان أحمد زكى، فعندما قدمها لم يجسد الشخصية، لكنه تقمصها وعاشها وهذا ما تعلمته منه وحاولت استخدام نفس المنهج فى مسلسل «صديق العمر». محمود عبدالمغنى: السادات شخصية ثرية الفنان محمود عبدالمغنى جسد الشخصية فى مسلسل «أوراق مصرية» وقال: تمنيت لو أقدم الشخصية فى عمل أكبر لأن الشخصية ثرية للغاية.. وأضاف كنت متحمساً لأداء الدور، خاصة لأننى قدمت الشخصية فى أهم مراحل حياته، وهى مرحلة ما قبل الرئاسة. وأوضح «عبدالمغنى» تلقيت عرضاً لتجسيد دور أكبر فى المسلسل نفسه، ولكنى صممت أن أؤدى دور «السادات» لعشقى للشخصية وأهمية الدور. على جانب آخر قدمت شخصية السادات فى 12 عملاً فنياً كشخصيات ثانوية كان أبرزها فى مسلسل «الثعلب» الذى تم إنتاجه عام 1993 وجسدها الفنان عبدالله غيث، وقدمها مفيد عاشور فى مسلسل «إمام الدعاة» 2003، وعاصم نجاتى فى مسلسل «ناصر»، ومحمد رمضان شخصية السادات فى مسلسل «كاريوكا» سنة 2012، وفى فيلم «ناصر 56» قدمها محمود البزاوى وفى فيلم جمال عبدالناصر جسها الفنان الراحل طلعت زين. وعلى جانب آخر الرئيس السادات كان الوحيد بين كل الرؤساء الذين تولوا منصب رئاسة مصر، وكان يتمنى التمثيل، ومثل بالفعل، معتبراً أنها الوظيفة الأقرب إلى شخصيته وذكر فى مجلة «فصول» مطلع مايو 1935 أنه لم يتردد فى إرسال خطاب إلى المخرجة والمنتجة عزيزة أمير يسألها عن فرصة للعمل كوجه جديد كتب فيه «قوامى نحيل، وجسمى ممشوق وتقاطيعى متناسقة.. إننى لست أبيض اللون ولكنى أيضاً لست أسود، إن وجهى أسمر، ولكنها سمرة مشربة بحمرة» وهى الرواية التى كثيراً ما كان يرويها الرئيس السادات فى جلساته كطرفة لم ينسها وحلم كان يرغب لو تحقق، وفى سيرته الذاتية يذكر أيضاً أن أصدقاءه كانوا مغرمين بموهبته التمثيلية، لذلك كثيراً ما كان يطلب منه أصدقاؤه أن يقلد لهم صوت قادة الجيش، ومشاهير الممثلين فى جلساتهم، وروى السادات أيضاً أنه فى يوم ما، قرأ إعلاناً تطلب فيه الفنانة أمينة محمد وجوهاً جديدة لفيلمها «تيتا وونج»، وعندما توجه إلى مقر الشركة فى عمارة بشارع إبراهيم باشا، جاءت الفنانة أمينة محمد وشاهدت ال 20 شابًا المتقدمين، إلا أنها اختارت اثنين فقط، ورفضت الباقى، وروى فى كتابه «30 شهراً فى السجن» أنه أصدر مع بعض رفاق السجن صحيفة «الهنكرة والمنكرة»، وعندما وجد السادات أنه لم يشبع موهبته وعلاقته بفن التمثيل، قام مع بعض المساجين بعمل إذاعة داخل السجن، وقدم بنفسه فقرتين، وكان يكتب فى لوحة إعلانات السجن برنامج اليوم، ومنه: الساعة 6.00 حديث للأطفال للمربى الفاضل بابا أنور، والساعة 11.00 أغنية حديثة «للمجعراتى المتسول» أنور السادات.