اذا أردت أن تصل إلى المقدمة على المستوى الفنى عليك أن تكون مختلفاً فى أمرين: الأول أن تكون مغامراً إلى أقصى درجة، بحيث تقدم ما يخشى الآخرون تقديمه، والأمر الثانى أن تجتهد وتعمل على نفسك ليل نهار. فريق كايرو ستيبس بقيادة المؤلف الموسيقى المصرى الألمانى باسم درويش وهو جمجمة الفريق كما يقول المعنى الدارج عندنا فى مصر أو المفكر الذى يتولى الإدارة إلى جانب المايسترو الألمانى سبستيان مولر الذى يتولى القيادة على خشبة المسرح وتوزيع أغلب الأعمال التى يقدمها الفريق. كايرو ستيبس منذ حضوره إلى مصر قبل سنوات وهو يحرص على أن يأتى بالجديد. فى المولد والميلاد أول تجربة حققت صدى واسعاً فى مصر قدم التجربة مع على الحجار والمرنم ماهر فايز ثم جاء المنشد المعروف على الهلباوى ثم الشيخ إيهاب يونس، وغيرهم، ومع هؤلاء كانت هناك استضافات مختلفة للمطرب الكبير محمد منير، ويبقى الحدث الأكثر جاذبية وهو مشاركة الدكتورة إيناس عبدالدايم فى أغلب حفلات الفرقة داخل وخارج مصر سواء عندما كانت رئيس دار الأوبرا وحتى بعد أن أصبحت وزيرة للثقافة فى حدث لا يتكرر كثيراً أن تظهر وزيرة للعزف على آلاتها المفضلة الفلوت، حتى أنها حصلت مع كايرو ستيبس على الميوزك أوورد الألمانية. ولا ننسى حفل كايرو ستيبس مع سعاد ماسى. كلها تجارب تحمل روح المغامرة وأى سقوط كان من شأنه أن يمحو اسم الفرقة على الأقل من الخريطة الفنية المصرية. ليلة الأحد الماضى كان كايرو ستيبس مع مغامرة جديدة على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، وهذه المرة يظهر الفريق لأول مرة مرة فى مصر بدون غناء بدون عوامل مساعدة فى الترويج، جاء الفريق بمجموعة مقطوعات موسيقية بعضها جديد والآخر يعزف لأول مرة. وحمل الحفل بالعديد من المفاجآت أبرزها مشاركة الدكتورة إيناس عبدالدايم فى الحفل، وشيء رائع أن تجد مسئولاً كبيراً بحجم وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم تلبى نداء الإبداع والعشق الأبدى لآلة «الفلوت» تلبى نداء دولة الفن والثقافة فتقرر أن تشارك فريق «كايرو ستيبس» العزف، مشهد قيام وزيرة بالمشاركة فى حفل موسيقى لا يتكرر كثيراً، خاصة فى منطقتنا العربية، نحن دائماً نرى الوزير بالزى الرسمى، يتواجد فى المناسبات الرسمية، ظهور الوزيرة حاملة الآلة الموسيقية مستجيبة لإشارات المايسترو تنتظر حتى يسمح لها بأداء الصولو الخاص بها أو المشاركة الجماعية أمر لا يحدث إلا فى دول تعى وتقدر قيمة الفن، والجميل أن نفس المشهد سوف يتكرر فى حفل المنيا يوم الأربعاء 19 ديسمبر، أتصور وجود الدكتورة إيناس على خشبة المسرح وهى على مقعد وزير الثقافة رسالة مهمة جداً ليس للداخل فقط ولكن للخارج أيضاً، ملخصها أن مصر تنحاز للإبداع وأن مصر لسه بخير، مشاركة الوزيرة أيضاً تعنى أن هناك ثقة فى المجموعة التى تعمل معها «كايرو ستيبس». المفاجأة الثانية هو وجود فقرة من الباليه «رقصة النيل» بمشاركة باليه أوبرا القاهرة تصميم ارمينيا كامل وأداء الباليرينا سحر حلمى، والعمل اضافى لبرنامج الفرقة واثراء له، المفاجأة الثالثة ظهور عازف الجيتار الشهير اوسو وهو معروف كما كان لظهور الموزع الموسيقى وعازف البيانو رامى عطالله بمثابة رئة جديدة للفريق، وأعطى وجود أداء مختلف خاصة مقطوعة «مقهى جروبى»، التى تشعر معها انك أمام موسيقى عمل درامى بسبب ثراء المقطوعة موسيقياً والحوار بين الآلات الموسيقية الذى تم صياغته موسيقياً بمنتهى البراعة، الوتريات، تشيللو، فيولا، فيولينه مع الاكورديون، العود، تناغم وأداء رفيع المستوى. وهنا لابد أن أتوقف كثيراً أمام أداء رغيد وليم وهو موسيقى عراقى يعيش فى ألمانيا منذ سنوات وهو يعزف على آلات النفخ العربية الناى والدودوك وهى آلة تنتمى إلى شمال العراق تشبه إلى حد ما الكولة عندنا، هذا العازف القدير يتميز بالأداء الرفيع المستوى إلى جانب الإحساس العالى عزفه بالفعل يدخل القلب وتنتظر الصلوهات الخاصة به أثناء أى مقطوعة موسيقية. الثانى هو عازف الإيقاعات «ماكس» ألمانى الجنسية ورغم صغر سنه إلا أنه يشارك مع نجوم كبار فى أوروبا، ورغم انشغالة إلا أنه حريص على الحضور لمصر. الأهم أنه هذه المرة طلب من باسم درويش أن يتعلم الإيقاعات الشرقية، وبالفعل وفر له باسم أستاذ مصر للإيقاع، والجميل أن ماكس تعلم فى خلال ساعتين العديد من الإيقاعات العربية، وعزفها خلال حفلاته فى مصر. العازف الثالث هو عازف الاكورديون وائل السيد، يعزف باحترافية، وهو متعدد التكنيك فهو تارة تشعر أنه يعزف بطريقة ذات مذاق فرنسى وتارة تشعر أنه عازف فى بارات الإسكندرية القديمة، وتارة تجده كلاسيكى،هو اضافى للفريق. ولا يمكن أن نغفل دور سبستيان مولر القائد الموسيقى للفريق ودورة فى خلق حالة تناغم بين الموسيقى العربية بكل مقاماتها وإيقاعتها وبين الموسيقى الغربية. الشئ الملفت للنظر هو وجود عدد كبير من الجمهور امتلأ به المسرح الكبير، رغم الإعلان أن الحفل موسيقى فقط، والأخطر أنها لم تقدم من قبل فى عمل الدرامى أو سينمائى بما يعنى وجود سابق معرفة بالموسيقى، لكن الجمهور جاء ثقة فى وضع الطبخة الموسيقية. وأهم ما يميز أى فنان أو فريق موسيقى هو ثقة الجمهور فيه. خلاصة الأمر «كلما تغامر تصنع وتحدث الفارق بينك وبين الجميع». برنامج الحفل تضمن مجموعة من المقطوعات الموسيقية الإسكندرية، شمس، بكره، ارابيسكان، نوبيان جروف، سلطان، رقصات خليجية، سانكتوم، قدس، الأقداس، اولييه كايرو، قهوة جروبى، زنجيبار، عنبر، سيوه.