- إلي متي ولمصلحة من.. عدوي الانهزامية التي استشرت في كل مؤسسات الدولة حتي نالت هيبتها.. سؤال يأت ملحاً يحتاج إلي إجابة عملية وحاسمة من أولي الأمر ومن يخشي علي منصبه أو كرسيه لا يسعه مجلسنا ورحم الله الرجال الذين لا يخشون في الحق لومة لائم. تعسرت عجلة الإنتاج وطال الصدأ روافد التنمية فشاخ اقتصادنا المنهك شيخوخة وهرماً وشارف علي الانحدار وإن شئت قل الانتحار. غاب الأمن في غياب الشرطة التي حملت أوزار الماضي لأنها تتصدر في مخيلة رجل الشارع المشهد القمعوي ويد البطش عند زبانية الأنظمة الشمولية ومن الضرورة بمكان إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية لتتبدل هذه الصورة. - أراني أننا جميعاً بحاجة إلي قراءة متأنية في مفهوم الحرية، ولعلي استعير ما قاله الرئيس الأمريكي الشهير »لنكولن«: إن العالم لم يصل أبداً إلي تعريف طيب للفظ الحرية ونحن وإن كنا نستعمل هذه الكلمة إلا أننا لا نقصد المغزي في ذاته. ومن جانبه، اجتهد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في تعريف الحرية.. بأنها حق الفرد في أن يفعل كل ما لا يضر بالآخرين.. ومنذ أن تلاحقت الأحداث في الآونة الأخيرة وتداعت تداعياً مذهلاً قد أفرزت لغة غريبة ونبرة اتسمت بالسفور فما نراه علي الساحة سواء علي مستوي الإعلام المرئي أو المقروء يتجافي مع أبجديات ما تنشده الحرية التي تمثل روح الديمقراطية من احترام في آداب الحوار وعدم الخروج علي أبسط حدود اللياقة في النقد للرأي وسماع الآخر، إن الحرية لا تعني أن من بيده قسط من السلطة أن ينزع إلي إساءة استعمالها أو الاستبداد بها وهو ما يحدث الآن في الميدان. إن الحرية تضاعف الشعور بالاحترام الرقيق للآخرين وتتعاظم فيها روح الاعتدال فلا يتأتي أن يتبدل مفهوم الحرية إلي مرادف التطاول والسباب فخليق بالمرء ألا يكون شتاماً أو لعاناً هكذا يأمرنا إسلامنا!! - لا يفوتني أن أقول إلي من كانوا ضمن صناع القرار في الأمس القريب أو البعيد ومعهم الذين تحدثوا بعد صمت وإن صح التعبير بعد سقوط رأس النظام، وقد صاروا كلهم علماء في الإصلاح والتنوير وخبراء في السياسة والاقتصاد وفد تبرءوا جميعاً من النظام وكأنه رجل أجرب أو مريض بالجذام بعد أن كانوا يتغنون بسياسته الرشيدة ويسبحون بحمده. إن الشجاعة لا تتجزأ والمبادئ لا تتغير بزمان أو مكان فكان بوسعكم إما السعي إلي التغيير وإعادة المخطئ إلي جادة الصواب وإما »الانفصال« وأعني الاستقالة أو الإعفاء من المنصب والعودة إلي صفوف المعارضين، فهلا فعلتم؟! ولعلي أذكر بالمبدأ الفقهي »طالب السلطة لا يولي« فلا ينبغي السعي إلي السلطة أو طلبها. لقد رحل مبارك.. وذهب عمر سليمان واحترق شفيق في فترة حالكة وكأنه آخر صناديد قريش بعد أن استدرجه أحد الخبثاء في لقاء غير متكافيء وهو رجل شريف لا يجيد إلا لغة الشفافية والأدب الجم وها هي ذي الشرعية تأخذ مجراها في ملاحقة الفاسدين علي قدم وساق.. فماذا بعد؟! لقد أصبح استقرارنا هاجساً يؤرقنا في المضجع وعند المأكل وعند المشرب. - لا أعرف يتملكني إحساس تشاؤمي ولست من دعاة التشاؤم بأن الانتخابات القادمة سواء علي المستوي الرئاسي أو البرلماني غير مأمونة الجانب في نتائجها أشخاص وأرقام لما صاحب التعديلات الدستورية من عجلة وهو ما كان يتطلب مزيداً من التؤدة والأناءة - ولا يسع المقام إلي تفنيدها - لأن الجميع من الأسف أصبح يتصرف وعيناه شاخصتان علي طلاب التغيير في الميدان لأنهم يملكون سلاح التكفير بالخيانة والعمالة للنظام القديم ويمسكون وحدهم البوصلة لخارطة الطريق وصك القومية وإلا التلويح بالقائمة السوداء. إلي من روجوا عبثاً العبث بالمادة الثانية من الدستور أقول لهم: إن الشريعة الإسلامية راعية حقوق وذمم أهل العقائد وحقوق الإنسان عامة منذ أكثر من ألف وربعمائة عام، بينما الإعلام العالمي لحقوق الإنسان أنشودة الغرب يرجع عمره إلي العاشر من ديسمبر 1948. - من ضاق صدره بوجهة نظري في مقالي هذا وأحسبه من المتشدقين بالديمقراطية فليتذكر أن أولي آياتها الإيمان بحرية الرأي والآخر في غير تجرؤ أو تطاول والمثل الأعلي للإسلام في دعوته لحرية العقيدة بالتعددية الدينية وليس الاختلاف في الرؤي السياسية أوالحياتية يبلغ من الندية بمكان ليقارن بحرية العقيدة.. فلنتق الله جميعاً في مصر. [email protected]