المشاط: افتتاح مكتب تمثيل ستاندرد بنك في مصر يدعم التكامل الاقتصادي الأفريقي    تحصين 1840 رأس ماشية بالفيوم ضد أمراض الحمى خلال أكتوبر الماضي    دمشق.. سوريا والاتحاد الأوروبي يطلقان يوم حوار مع المجتمع المدني    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي    مقتل 5 وإصابة 8 أشخاص إثر انفجار بمصنع للألعاب النارية في باكستان    آلام العانة تهاجم مدافع ريال مدريد    السجن 5 سنوات لمتهم بقضية خلية العجوزة    بالأسماء.. مصرع وإصابة 26 طالباً في حادث انقلاب أتوبيس بالصحراوي الغربي    حسين فهمي يفتتح سوق القاهرة السينمائي بمشاركة 20 جهة عربية ودولية    صوت قرآني صاعد أبهر لجنة التحكيم في مسابقة "دولة التلاوة".. القارئ الشرقاوي خالد عطية صديق: كلمات وزير الأوقاف وسام وفخر    وزير الصحة يستقبل وفد البنك الدولي ونائب وزير سوق العمل السعودي    صحة المنيا: قافلة «حياة كريمة» تقدّم خدماتها الطبية المجانية لأكثر من 1071 مواطنًا    الموقف الطبي لرباعي الأهلي بعد إصابتهم في المنتخب    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    للأمهات، اكتشفي كيف تؤثر مشاعرك على سلوك أطفالك دون أن تشعري    المتحف المصرى بالتحرير يحتفل بمرور 123 عاما على افتتاحه    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    عروض فنية وإبداعية للأطفال في ختام مشروع أهل مصر بالإسماعيلية    قناة السويس تشهد عبور 38 سفينة بحمولات 1.7 مليون طن    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    انطلاق الأسبوع التدريبي ال 15 بقطاع التدريب وبمركز سقارة غدًا    الموسيقار هاني مهنا يتعرض لأزمة صحية    مؤتمر جماهيري حاشد ل«حماة الوطن» بالدقهلية لدعم مرشحه في النواب 2025 | فيديو    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    التعليم العالى تقرر إلغاء زيادة رسوم الخدمات لطلاب المعاهد الفنية.. تفاصيل    محافظ الجيزة يُطلق المهرجان الرياضي الأول للكيانات الشبابية    بتكوين تمحو معظم مكاسب 2025 وتهبط دون 95 ألف دولار    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    مواجهات حاسمة في جدول مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    كانافارو مدرب أوزبكستان: منع خطورة محمد صلاح مهمة مستحيلة    «الزراعة»: إصدار 429 ترخيص تشغيل لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    الأعلى للثقافة: اعتماد الحجز الإلكتروني الحصري للمتحف المصري الكبير بدءًا من 1 ديسمبر    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    أطلقت عليه وابل رصاص وضربته بظهر الطبنجة (فيديو)    حارس لايبزيج: محمد صلاح أبرز لاعبي ليفربول في تاريخه الحديث.. والجماهير تعشقه لهذا السبب    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    الصحة العالمية: «الأرض في العناية المركزة».. وخبير يحذر من التزامن مع اجتماعات كوب 30    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    درجات الحرارة على المدن والعواصم بمحافظات الجمهورية اليوم السبت    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد زويل يكتب :مصر الجديدة: لا تفقدوا الأمل
نشر في الوفد يوم 22 - 05 - 2012

منذ بضعة أيام، شاهدت مناظرة بين اثنين من أقوى الشخصيات ضمن المرشحين الثلاثة عشر لرئاسة مصر، وهما السيد عمرو موسى والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح،
وامتدت هذه المناظرة الرائعة لما يزيد على أربع ساعات، وشاهدها ملايين المصريين والعرب. وعلى عكس التصور السائد في جميع أنحاء العالم بأن مصر تغرق أكثر فأكثر داخل دوامة من الفوضى والتعصب، جاءت هذه المناظرة في كثير من جوانبها لتعكس الأمل في الوصول إلى مصر جديدة عقب ثورة 25 يناير العام الماضي.
ومنذ عهد رمسيس الثاني، الفرعون القوي الذي حكم مصر منذ آلاف السنين، وحتى العام الماضي، حينما انتهى حكم مبارك، لم يكن في مقدور المصريين مطلقا أن يشهدوا مناظرة حول من سيمسك بزمام الديمقراطية في أعلى منصب في الدولة. وهذا في حد ذاته - إلى جانب انتخاب البرلمان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الذي شارك فيه 60 في المائة من الناخبين الذين لهم حق التصويت - يمثل علامة فارقة في تاريخ البلاد، تمهد طريقا جديدا، وإن كان وعرا، نحو الديمقراطية.
وعلى عكس ما حدث في الجارة سوريا أو قبلها في ليبيا، فقد تصدى الجيش المصري للمهمة الثقيلة وقام بحماية الثورة في أيامها الأولى، كما كان الوصي على إجراء انتخابات تتسم بالنزاهة والشفافية لأول مرة.
وبالطبع، ما زالت البلاد تواجه تحديات ضخمة، ومن أخطر هذه التحديات الضائقة الاقتصادية، وسيطرة الغموض على المناخ السياسي، وتدهور الوضع الأمني، وهو وضع أصبح المجتمع المصري يواجهه من جديد. وقد ازدادت هذه المشكلات تعقيدا على مدار الأشهر الخمسة عشر الماضية، في ظل تعثر كل قوة من القوى الثلاث الرئيسية التي شاركت في الثورة، وهي المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتحمل المسؤولية في الفترة الانتقالية، والأحزاب السياسية الليبرالية وكذلك الإسلامية، والشباب الذين أشعلوا الثورة، بشكل أو بآخر. وحتى بعض من كانوا أكثر تعطشا لتغيير دولة مبارك الجامدة وتحويلها من مجتمع يفتقر إلى الديمقراطية إلى مجتمع ثري بالديمقراطية، بدأوا بفعل الإحساس باليأس يحنون إلى الاستقرار القديم.
صحيح أن هناك أعراضا فوضوية - مثل الصراعات بين الأحزاب السياسية المختلفة والصدامات التي تحدث بين الحين والآخر بين كل من المجلس العسكري والبرلمان والحكومة - إلا أن هذا هو صورة من «الفوضى الخلاقة»، على حد تعبير كوندوليزا رايس، جاءت نتيجة للتغييرات الثورية التي ستؤدي في نهاية المطاف إلى نظام ديمقراطي مستقر.
وتعطينا الانتخابات الرئاسية التي جرت في فرنسا هذا العام، والتي تغلب فيها فرنسوا هولاند على نيكولا ساركوزي، درسا في الانتقال السلمي والمتحضر للسلطة. ولكن إذا رجعنا إلى الوراء سنجد أن الثورة الفرنسية التي وقعت قبل ما يزيد على قرنين من الزمان، صاحبها الكثير من إراقة الدماء والصراعات السياسية الفظيعة التي استمرت سنوات طويلة، رغم أنها كانت حركة تحرر لا تختلف كثيرا عن حركتنا. وفي الواقع، تعتبر علامة مبشرة أن المصريين ما زالوا يزحفون قدما نحو الديمقراطية بكمّ أقل نسبيا من إراقة الدماء، وجميع المؤشرات توحي بأن مصر ليست مقبلة على ثورة مضادة، وأننا لن نعود مرة أخرى إلى نظام حكم شمولي.
ولعل الأكثر تشجيعا في الأمر هو إحساس المصريين بالثقة في مستقبلهم. فقد أخبرني محافظ البنك المركزي المصري، الدكتور فاروق العقدة، مؤخرا بأن إيرادات العملة الصعبة القادمة من تحويلات العاملين بالخارج إلى البنك المركزي هي الأعلى على الإطلاق. وحتى الإضرابات الكثيرة التي وقعت من أجل المطالبة بتحسين مستوى التعليم والرعاية الصحية وزيادة الأجور يمكن قراءتها على أنها تصرفات تعكس توقعات كبيرة بالنسبة للمستقبل.
ويعد تزايد العنف بين بعض المسلمين والمسيحيين مصدرا للقلق، غير أن الإعلام بالغ في الحديث عن أصل هذا العنف وحدّته. فتاريخ المسيحيين في مصر هو جزء من نسيج المجتمع، ولا يوجد في مصر «غيتو» للسكان من الأقليات أو فصل عنصري بين التلاميذ في المدارس، وإن كان لديها في الواقع بعض المشكلات القابلة للحل التي ينبغي معالجتها، مثل المشكلات المتعلقة بقضايا المجتمع المدني والتمثيل في الحكم.
وقد نشأت وترعرعت في مصر، وشهدت التناغم والتآلف بين أبناء الديانتين، حيث كنا نحتفل معا بالعيدين وعيد الفصح ورأس السنة، وكنا نعيش معا في نفس البناية ونذهب معا إلى نفس المدرسة. وقد كان الراحل البابا شنودة يقول: «نحن لا نعيش في مصر، بل إن مصر هي التي تعيش فينا». كما وقّع الإمام الأكبر وشيخ الأزهر الحالي، الدكتور أحمد الطيب، على ورقة دستورية جديدة تطالب بالوحدة وحقوق الإنسان من أجل المصريين جميعا.
وفي الفترة التي أعقبت الثورة، سعت بعض العناصر السيئة، مثل من ينتمون إلى النظام القديم، إلى تأجيج العنف بين الديانتين من أجل زعزعة استقرار نظامنا الديمقراطي الوليد، وعدم ترسخ هذا لفترة طويلة هو أيضا علامة أخرى تبعث على الأمل.
وقد كان من الطبيعي أن يثور الجدل حاليا حول دور الدين في السياسة، والحقيقة أن المناظرة الأخيرة معبرة للغاية عن هذا التغيير، حيث كان الدكتور أبو الفتوح عضوا في جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسست عام 1928 وتعرضت منذ نشأتها للاضطهاد السياسي، وهو يمثل التيار الإسلامي، بالمعنى الأوسع للكلمة. وفي المقابل، فإن السيد عمرو موسى، الذي كان وزيرا للخارجية وأمينا عاما لجماعة الدول العربية في عهد مبارك، يمثل التيار الليبرالي.
وقد كان عقد مناظرة مفتوحة بين التوجهين العلماني والديني في السياسة أمرا غير وارد طيلة السنوات الستين الماضية، وهذا الانفتاح الجديد يعني أن رجل الشارع المصري قد بدأ ينضج، وأن المواطنين أصبحوا يتحملون مسؤولية مصيرهم، بالإصرار على أن تتنافس الرؤى والآيديولوجيات المختلفة في ما بينها. وفي النهاية، أصبح المصريون يدركون، لأول مرة، أنه يمكنهم اختيار مستقبلهم، وأن أحدا لن يمليه أو يفرضه عليهم.
ومن خلال معايشتي للأجواء داخل مصر، أنا على ثقة من أن المجلس العسكري سوف يسلم السلطة إلى الرئيس المنتخب، وإن كنت أعتقد أن المجلس يريد «خروجا مشرفا» وبعض الضمانات التي تتعلق بوضع الجيش في دستور مصر الجديدة.
والرسالة التي أحب أن أوجهها إلى الشعب المصري، وخصوصا إلى رجال السياسة، بسيطة للغاية، وهي: من أجل مصر، توحدوا جميعا لإكمال الانتقال من ديكتاتورية منهارة إلى ديمقراطية ناشئة، من خلال التركيز على وضع الدستور الجديد. وأيا كان من سيأتي إلى السلطة، فسوف يحمي الدستور المواطنين من إساءة استعمال السلطة سواء من الجهاز التشريعي أو التنفيذي. ولحسن الحظ، ما زالت مصر تتمتع بنظام قضائي محترم وكفء لتكمل به ثالوث الديمقراطية.
وما أخشاه هو أن يستمر الأسلوب الذي ساد في عهد مبارك وعرف باسم «حزب أعداء النجاح»، من خلال «التصارع على الأمور التافهة»، مما يؤدي إلى انجراف الأمة بعيدا عن القضايا المحورية المتعلقة بالدستور والإنتاجية الاقتصادية. فكلما زاد هذا المسار العقيم تأثيرا، طالت الفترة الانتقالية نحو الديمقراطية.
ومن المحتم أن لا نتخلى عن الأمل، ويجب على العالم أن يدعم نظاما ديمقراطيا تجاوز مرحلة الحمل ووصل حاليا إلى مرحلة المخاض، وأصبح على وشك ميلاد جديد.
* حائز جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999، ويلعب حاليا دورا فاعلا في التحول الديمقراطي داخل مصر
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.