فى الوقت الذى انتشرت فيه ظاهرة تعدى طلاب المدارس على المدرسين؛ نتيجة استخدام الإنترنت، واتباع الألعاب القتالية التى تؤثر على سلوكهم العنيف، ما يؤدى إلى ارتكاب الجرائم, خاصة لعبة «بلاير أنونز باتل جراوندز»، المعروفة باسم «بوبجى» أو ساحات معارك اللاعبين المجهولين، أيد حكم سابق منذ ثلاثة أعوام لمحكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، فصل أحد الطلاب فصلاً نهائياً من المدرسة المقيد بها لعدوانه اللفظى البذىء على أستاذه مدرس اللغة الفرنسية، ورفع المنضدة عليه حتى مات بالسكتة القلبية، ودون الاعتداد بقرار وزير التعليم اللائحى رقم 171 لسنة 2015 الذى حدد عقاب السلوك العدوانى العنيف وإحداث ضرر جسدى واضح سواء باستخدام اليد أو القدم أو إساءة الأدب مع أعضاء الهيئة الإدارية والتعليمية والفنية والمستخدمين بالمدرسة مجرد توقيف الطالب لمدة خمسة عشر يوماً دراسياً لتعارضه مع مبدأ تفريد العقاب. وحظر القرار الوزارى رقم 171 لسنة 2015 توقيع عقوبة الفصل على الأفعال التى تمثل انتهاكاً لكرامة المعلم والاعتداء عليه، وبالتالى فإن المحكمة لم تعتد بهذا القرار فى هذا الخصوص وتعتبره والعدم سواء. وقد عالجت المحكمة فى هذا الحكم قضية تعدى الطلاب على مدرسيهم ببيان دوافعها وأسبابها فى ذلك الوقت. أكدت المحكمة، أن نجل المدعى قام وهو داخل الفصل بالتعدى بالألفاظ البذيئة النابية التى تخدش الحياء والسباب والشتائم القبيحة على معلم اللغة الفرنسية بالمدرسة، وسبَّ له الدين وهمَّ برفع المنضدة عليه، إثر مشادة بينهما؛ بسبب عدم امتثال الطالب لتعليمات أستاذه, ومن هول المفاجأة، خرج المدرس من الفصل متجهاً لإدارة المدرسة، فتابعه الطالب وهو مستمر فى عدوانه الآثم خارج الفصل أيضاً, ولم يصدق الأستاذ نفسه بأن تلميذه يعتدى عليه بأبشع العدوان اللفظى، فلم يتمالك نفسه من قسوة تصرف تلميذه، فسقط على الأرض ومات بالسكتة القلبية فى الحال بعد نقله إلى مستوصف التأمين الصحى بجوار المدرسة، وهو ما أكده التقرير الطبى المرفق، وأكدته التحقيقات التى أجرتها جهة الإدارة, ويكون قرار فصله نهائياً متفقاً وحكم القانون ودونما الاعتداد بقرار وزير التربية والتعليم الذى جعل عقوبة اعتداء الطالب على أستاذه توقفه عن الدراسة لمدة أسبوعين وتطرحه المحكمة جنباً؛ لأنه لا يستأهل فى الحق ذكراً، ويضحى والعدم سواء لمجافاته مبدأ تفريد العقاب، وعدم تحقيق العدالة غاية كل تنظيم قانونى. وأضافت المحكمة، أن فصل الطالب يستهدف الصالح العام المتمثل فى الحفاظ على السلوك الواجب داخل المدارس، والحد من الشغب والعنف، والحفاظ على كرامة المدرس؛ ضماناً لسلامة سير العملية التعليمية، ودون أن يؤثر فى ذلك ما آل إليه التقرير الطبى من وفاة المدرس بالسكتة القلبية ودون إجراء التحقيق الجنائى لعدم إبلاغ إدارة المدرسة النيابة العامة لتتخذ إجراءتها فى هذا الشأن، ما أفلته من العقاب الجنائى والذى راح ضحيته معلم اللغة الفرنسية بالمدرسة، وهو تصرف يتنافى مع جميع القيم الحميدة التى كانت توجب على إدارة المدرسة الإبلاغ عن الجرائم، فضلاً عن أن الأصل المقرر هو اختلاف الوضع بين المجالين الإدارى والجنائى وما يستتبعه من استقلال الجريمة الإدارية عن الجريمة الجنائية لاختلاف قوام كل من الجريمتين، وتغاير الغاية من الجزاء فى كل منهما.