كتب - محمد علام: اعتاد محمد، صاحب ال14 عاماً على العمل منذ صغره، واشترى له والده «توك توك» وسمح له بالعمل عليه داخل القرية أثناء وجوده بعمله لمساعدته فى مصاريف المنزل، وحتى لا يسلك طريق الانحراف مع أصدقاء السوء، فرح محمد ب«التوك توك» ووعد والده أنه لن يترك الدراسة ويتفوق فى المدرسة إلى جانب العمل على ال«توك توك» فى أوقات فراغه، مرت الأيام والشهور الأولى وكان دائماً يعود للمنزل باكراً، خاصة أن أجواء المعيشة في الريف تختلف عن المدن من حيث طبيعة العمل والسكون، فمشهود لأهل القرى ومنها قرية الزنكلون التى شهدت الجريمة البشعة النوم مبكراً للاستيقاظ مع شروق الشمس لمباشرة العمل أراضيهم. فى ذاك اليوم تأخر محمد على غير المعتاد عن العودة للمنزل، قلق الأب خاصة أنه على غير عادته وذهب إلى أصدقاء نجله للسؤال عنه ولكنه لم يجد ما يريح قلبه، بعدما أكد زملاؤه عدم رؤيته منذ ساعات طويلة، هرول الأب يرافقه أقاربه إلى موقف السيارات لسؤال السائقين والمارة ولكن دون فائدة، بل اشتد قلقه بعد أن أكد له أحد السائقين أنه رآه منذ ساعتين يتجه نحو مكان مهجور ولم يعد. عاشت الأسرة ليلة قاسية، تتمنى من الله أن يعود نجلهم سالماً دون أذى، انتظر الأب حتى صباح اليوم التالى واتجه نحو قسم الشرطة وحرر محضراً باختفائه وأعطى رجل المباحث صورة حديثة له لمساعدتهم فى سرعة البحث عنه. «محمد» جثة هامدة بعد ساعات قليلة من البلاغ عثر أهالى القرية على جثته وبها جرح ذبحى بالرقبة وأبلغت أجهزة الأمن التى هرولت لمسرح الجريمة، تم نقل الجثمان إلى المشرحة وتم استدعاء والده للتعرف عليه خاصة أن المواصفات التى سلمها لرجال الأمن تتطابق مع مواصفات القتيل، ذهب الأب وهو يتمنى ألا تكون الجثة لنجله طالب الصف الثانى الإعدادى. شعور مختلط انتاب الأب، قلبه وعقله دفعاه للذهاب مسرعاً نحو الجثة بدأ يهرول لرؤيتها وعندما لاحظ ملامحها من بعيد بدأ يسير ببطء ملحوظ بعد أن التقطت عيناه صورة لحظية لنجله فأراد الأب أن يكذب ما رأته عيناه، حتى اقترب من الجثمان وأيقن أن روحه الطاهرة صعدت للسماء. انهار الأب وسقطت دموعه التى لم يستطع التحكم فيها، وامتلأ المكان صراخاً وبكاءً من قبل الأم والأقارب، ساعات محدودة استغرقتها الأجهزة الأمنية لكشف لغز الجريمة بعد أن جمعت شهود العيان وأصدقاء القتيل وآخر من شاهده قبل موته حتى توصلوا إلى طرف خيط مهم فى القضية وهو قيام 3 أفراد بتوقيفه لتوصيلهم إلى قرية مجاورة لهم وطلبوا منه السير فى طريق مهجور بعد أن أوهموه أنهم يريدون الوصول للمكان فى أسرع وقت ممكن وأن الطريق العام مزدحم. توصلت أجهزة الأمن إلى هوية المتهمين الثلاثة وتم ضبطهم وحاولوا فى البداية إنكار ارتكابهم الجريمة ولكن بعد مواجهتهم بالأدلة وأقوال شهود الإثبات انهاروا واعترفوا بارتكاب الجريمة. جلس المتهمون يقصون تفاصيل جريمتهم: نحن مدمنو مخدرات، الكيف سيطر على عقلنا، وكان لابد من الحصول على أموال لشراء المخدرات، بحثنا كثيراً عن ضحية أو محل لسرقته وفجأة ظهر أمامنا «توك توك» يقوده طفل صغير فكان صيداً سهلاً لنا، طلبنا منه توصيلنا إلى بلدتنا رفض فى البداية وقال إنه لابد أن يعود لمذاكرة دروسه لقرب الامتحانات ولكنهم أغروه بالمال وقالوا إنه سيدفعون له ضعف ما يريد بشرط أن يسير بهم فى الطريق المهجور لازدحام الطريق العام بالسيارات والمارة ولأنهم يعرفون أن هذ الطريق هجره السائقون لخطورته وتكرار الحوادث به. بدأ محمد السير فى الطريق دون أن يشعر بالقلق من الذى ينتظره كل همه أن يعود بالمال الوفير لوالده ويعود مسرعاً لاستذكار دروسه حتى لا يغضب والده ويمنعه من العمل على ال«توك توك» ولكن قبل الوصول طلبوا منه التوقف وتساءل لماذا؟ نزلوا وطلبوا منه النزول وترك ال«توك توك» ولكنه رفض وحاول الهروب والمقاومة ولكن تكاثروا عليه وقاموا بشل حركته وباغته أحدهم بسكين بطعنة غائرة فى رقبته فسقط مدرجاً فى دمائه وبعد أن تأكدوا من وفاته أخذوا ال«توك توك» وفروا هاربين باحثين عن مشترٍ بأى ثمن حتى يستطيعوا جلب المخدرات ولكن لم يتمكنوا من بيعه وتم القبض عليهم، تسلم الأب جثة ابنه وقام بدفن ابنه وتسلم أيضاً ال«توك توك» وقرر أن يبيعه فقد قضى على حياة فلذة كبده.