"جميع الثورات, ليست فى أوربا وحدها بل فى جميع قارات العالم تجرة على أسلوب لا يتغير, هو اضطهاد سابق يجمد وتعنت ولا يقبل المفاوضة, ثم انفجار, ثم تغيير يؤدى الى محو هذا الاضطهاد" هذة العبارة وردت على لسان الكاتب الكبير سلامة موسى فى مقدمة كتابه الرائع "كتاب الثورات". وأكد سلامة في كتابه أنه بالنظر في الثورات تجد أن الشعب كله ينهض بها، لكن عند التأمل نجد أن طبقة واحدة تحس بالاضطهاد أو الضغط أكثر من غيرها، وهي التي تضطلع عندئذ بالدعوة إلي الثورة وتوضح فلسفتها وتهيئ محركاتها حتي ينضم الشعب كله إليها بعد أن يعرف عدالة موقفها وشرف غايتها. وأوضح سلامة أن هناك ثلاثة طرز للثورات اختلفت الطبقات التي قامت بها، ففي عام 1215 ثارت طبقة النبلاء في إنجلترا على الملك جون لأن الضرائب كانت باهظة في عهده، وبعد ثورتهم تلك أجبر الملك على ألا يفرض ضريبة إلا بعد استشاره هؤلاء النبلاء في مجلسهم الذي أصبح بعد ذلك بذرة البرلمان وبذلك استفاد من ثورتهم الشعب كله، وفي سنة 1848 ثارت الطبقة العاملة في أوربا كلها وحصلت على حقوق جديدة لم يكن يعرفها العمال فيما قبل. وعام 1789 ثارت الطبقة المتوسطة بفرنسا على الملك والنبلاء وبالفعل حصلت على عدد من الحقوق لها وللشعب كله، وتتمثل تلك الحقوق في إلغاء الإقطاع، وعلى الرغم من تعدد الثورات في أوربا إلا أن الثورة الفرنسية تعد هى الطراز الأعلى الذي يستحق أن تدرس سماته وأفكاره.