أصبح التطور المذهل والمدهش فى التكنولوجيا كبديهيات ومسلمات علم المنطق غير القابلة للنقاش والمجادلة أو حتى التفسير والتأويل.. ووصلت مرحلة التطور التكنولوجى هذه المرة إلى محطة السجائر وصناعة النيكوتين والتبغ، ويا لها من قضية بالغة الاهتمام والإثارة على مستوى العالم ككل، لأنها ببساطة تتعلق بالمستهلك المدخن وصحته، أسوق هذه المقدمة لأننا بصدد الكتابة وتغطية حدث يعد فريداً من نوعه وغير معتاد تناوله ومناقشته على المستويين المحلى والإقليمى وهو «المنتدى العالمى» للنيكوتين، والذى تستضيفه دولة بولندا فى دورته الخامسة وتبدأ أعماله غداً بالعاصمة وارسو، أعود وأكرر وأقول جملة جامعة مانعة للتاريخ وهى أن استقراء كافة الأطوار التكنولوجية الحادثة حالياً وتحركت الشركات العالمية الكبرى بالتعاون مع أطباء الصحة العامة وخبراء التغذية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن المستقبل هو التدخين الالكترونى بعيداً عن السيجارة العادية، وذلك باستخدام سجائر التسخين وكل الشواهد تؤكد أن التدخين التقليدى فى طريقه للانقراض والاختفاء حتماً لامحالة وإن كان سيأخذ وقتاً طويلاً إلى حد ما فى مجتمعاتنا الشرقية ولكن سيأتى اليوم الذى سيجد فيه المدهن نفسه مضطراً لاستخدام وتدخين السيجارة الالكترونية وهى أحد أهم أشكال تطور صناعة النيكوتين والتبغ وستكون السيجارة المستخدمة من الصنف الذى يعتمد على التسخين وليس بالحرق العادى لنقول وقتها وداعاً للتدخين ومرحباً بالنيكوتين تماماً مثلما قلنا وداعاً للتليفون العادى وأهلاً بالمحمول.. تماماً كما قلنا وداعاً للمكتبات الخشبية الضخمة وأهلاً ب«كارت الميمورى الذكى». اهتمام أطباء الصحة العامة وخبراء التغذية مع انطلاق المنتدى الأول لصناعة النيكوتين والتبغ عام 2014 والمنتدى يحظى عاماً بعد الآخر باهتمام منقطع النظير من جانب أطباء الصحة العامة وخبراء التغذية بجانب القائمين على الصناعة من شتى دول العالم مع الإشارة إلى نقطة بالغة الأهمية، وهى أن المنتدى لا يحصل على أى نوع من أشكال الدعم سواء من الحكومات أو الجهات الدولية المانحة أو المصنعين ويعتمد بالدرجة الأولى على رسوم اشتراك المشاركون سواء من المراكز البحثية أو الصناعة أو الأطباء وخبراء الصحة وغيرهم وعلى مدار الدورات الأربع السابقة للمنتدى كان هناك الجديد مع كل دورة، ففى الدورة الأولى كان المحور الرئيسى هو التركيز على أن العلم الخاص بالنيكوتين وطريقة فهمه تتغير بشكل سريع جداً، وأن هناك اكتشافات مذهلة نتيجة أبحاث ينفق عليها مليارات الدولارات تتعلق بوجود أنظمة وطرق جديدة للحصول على النيكوتين واستخدامها أقل خطراً عشرات المرات من التدخين العادى، وطرح المنتدى الثانى عام 2015 سؤالاً بعنوان: كيف لمنتجات توصيل النيكوتين قليلة الخطورة أن تقلل من التدخين بصورة كبيرة؟ أما المنتدى الثالث عام 2016 فقد سلط الضوء على الفرص التى تقدمها أجهزة السجائر الالكترونية وكذلك منتجات وتكنولوجيا النيكوتين الجديدة، والتى من شأنها تقليل الخسائر الفادحة فى الأنفس البشرية بسبب التدخين المستمر على مدار هذا القرن، وكان قد سبق المنتدى عرض فيلم وثائقى أمريكى بعنوان «مليار حياة» أو Abillion Lives وركز المنتدى الرابع على التفرقة بين النيكوتين فى الماضى والحاضر والمستقبل وتوصيله فى أنظمة تقليل ضرر التبغ. فيليب موريس والثورة البحثية حملت شركة فيليب موريس الأمريكية لعملاقة لواء الثورة البحثية والتكنولوجية على مستوى العالم، وكانت هى الرائدة والسباقة لإنتاج بدائل جديدة للحصول على النيكوتين بشكل أقل ضرراً من السجائر التقليدية، وهى تطبيق تسخين أو ما يسمى Tob acco heated بدلاً من حرقه وأنفقت ملايين الدولارات على الأبحاث فى هذا المجال، وبدأ التدخين الالكترونى الذى سبقت فيه فيليب موريس كافة الشركات المنتجة للتبغ بما فيها الشركة الصينية لصناعة السجائر التى تعد أكبر منتج للسجائر فى العالم، وكان أول منتج تطرحه فيليب موريس هو منتج Iqos والذى تم توزيعه لأول مرة باليابان وبدأ فى الانتشار بسرعة الصاروخ، لدرجة أن مبيعاته سجلت نسبة 3.5٪ مع نهايات عام 2016 وانتشر منها إلى العديد من الأسواق بكل أنحاء العالم، وكانت فيليب موريس الأمريكية قد أعلنت فى وقت سابق عن افتتاح مصنع لها فى أيطاليا تخطت استثماراته الضخمة رقم ال500 مليون يورو ويستهدف إنتاج ما يقرب من 30 مليار وحدة من هذه المنتجات. خلاصة القول فى هذه النقطة إن هناك إصراراً كبيراً من جانب الشركات العالمية وفى مقدمتها فيليب موريس وشركات صينية أو شركت Tianxe بدولة زيمبابوى أو شركات BAT أو J.J.I اليابانية خاصة بعد قيامها بشراء شركة Zandera أو شركة Reynolds Altria أو شركة Imperial وهى التى قامت باستقطاب بعض أصحاب الخبرة فى هذا المجال للعمل لديها لتضمن لنفسها البقاء فى هذا المجال الرابح، الأمر الآخر أن هناك سباقاً محموماً بين المراكز البحثية على مستوى العالم لإعادة التفكير بشأن النيكوتين واستبدال التبغ بمنتجات أقل ضرراً يساعد الناس على تجنيب مخاطر التدخين ويجعلهم يتحولون إلى هذه المنتجات الجديدة وهناك استجابة مدهشة فى هذا الشأن لاتجاهات التدخين الجديدة القائمة على «التسخين» وليس الحرق بدليل أن الإحصائيات العالمية تؤكد أن مدخنى السجائر الالكترونية فى الولاياتالمتحدةالأمريكية وصل عددهم إلى قرابة ال20 مليون مدخن طبقاً لإحصائيات عام 2014، ووصلت نسبة مدخنى السجائر الالكترونية فى بريطانيا إلى 95٪ مع الإشارة إلى أن هذه النسبة الضخمة كانت فى الأصل مدخنة للسجائر التقليدية بالدرجة الأولى ولكنهم تحولوا إلى التدخين الالكترونى القائم على التسخين وليس الحرق. اهتمام عالمى واسع النطاق يشهد منتدى العام الحالى اهتماماً بالغاً من جانب المسئولين الحكوميين فى الدول المنتجة التبغ والصناع وخبراء الصحة العامة وأكاديميين وباحثين وبرلمانيين، ونظراً لأهمية الموضوع تحتوى أجندة المنتدى على أكثر من 60 متحدثاً رئيسياً على مدار أربعة أيام هى مدة انعقاد المنتدى، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر كريستينا أبيترى من فيليب موريس، وكريس بروكتور من شركة بريتش توباكو، وأيان جونز من جابان توباكو، ومحمدى ساركا من مجموعة ألتريا، وجيمس فيجلار من شركة راينولدز. كما يتحدث فى المنتدى الدكتور جوكو سينجو ومحاضرته عنوانها «إعادة التفكير فى النيكوتين ومنتجات النيكوتين الجديدة والإعلام ومهنة الطب»، والدكتور جو طبيب ومستشار فى مجال الصحة العامة، وتتحدث كارولين أدريانز وهى حاصلة على دكتوراة فى علم النفس وقامت بإدارة واحدة من أولى التجارب العشوائية بشأن السجائر الالكترونية، أما كلايف بيتس وكان يعمل كمخطط استراتيجى فى حكومة تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق فيتحدث عن أهمية الحد من مخاطر التبغ وإيجاد بدلائل الكترونية للمدخنين، أما بيتر بيكيت العضو المنتدب لشركة بيكيت اسوشيتس للاستشارات الإدارية فيتحدث عن فرص النمو للنيكوتين والتدخين بالسوائل الالكترونية. كما يتحدث رئيس المنتدى مارتن جارفز وهو طبيب يشغل منصب أستاذ بجامعة لندن توليدج، وله أبحاث شهرية على مدار 35 عاماً فى مجال التبغ والتدخين، وكان «جارفز» يعمل فى وقت سابق كنائب لرئيس لجنة العلماء فى الحكومة البريطانية الخاصة بالتبغ والصحة، ومستشار لجنة الصحة فى مجلس العموم البريطانى، ويتم خلال أعمال المنتدى فى سابقة هى الأولى من نوعها، تنظيم ورشة عمل عن طريق القمر الصناعى لإتاحة الفرصة لعدد من المستهلكين والمدخنين ومقدمى الرعاية الصحية والباحثين وصانعى السياسات للاجتماع معاً لتبادل الأفكار والرؤى والتعرف على الجهود وقصص النجاح المتعلقة بالتدخين الالكترونى واستهلاك التبغ المحروق.