احتل قرار الاخوان المسلمين ترشيح رجل الاعمال المهندس خيرت الشاطر لخوض الانتخابات الرئاسية ، احتل اهتمامات وسائل الاعلام الغربية والعالمية كما تسبب فى اثارة القلق الاسرائيلى ، فقد وصفت وكالة أسوشيتيد برس الأمريكية القرار بالقنبلة السياسية ، وانه يمثل تحولاً دراماتيكياً فى مواقف الجماعة، وتراجعا مفاجئا عن تعهداتها السابقة بعدم خوض المنافسة على منصب الرئيس. وأشارت إلى أن القرار سيوسع الفجوة الكبيرة الموجودة بين التيارات الليبرالية والعلمانية، وبين التيارات الإسلامية فى مصر، بسبب تزايد المخاوف ان تبنى الإخوان خطابا مختلفا عن ذلك الخطاب المعتدل الذى نهجوه خلال العام الماضى. وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن إسرائيل تشعر بالقلق من القرار ونقلت عن مسئول إسرائيلي قوله إن قرار الجماعة الدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية أمر مقلق. وأضاف في تصريح للصحيفة «من الواضح أن هذا ليس نبأ جيدا فالإخوان المسلمون ليسوا أصدقاء لنا ولا يتمنون لنا الخير، و السؤال الكبير هو مدى البراجماتية التي سيكونون عليها إذا ما وصلوا إلى السلطة» ، فيما اعتبرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية ترشيح الشاطر خطوة استفزازية لليبراليين، وستعمق الشك لدى العسكري للسلطة المتنامية للإسلاميين في مصر. وقالت وكالة رويترز للأنباء إن ترشيح الشاطر يمثل تحولا لموقف الاخوان السياسي ،ونقلت عن محللين قولهم ان هذه الخطوة تشير الى أن الجماعة التي أصبحت على حافة السلطة للمرة الاولى منذ انشائها قبل 84 عاما، وتشعر بالقلق من امكانية ضياع تلك السلطة منها بعد عقود من القمع بيد مبارك. ومن المتوقع أن تثير هذه الخطوة ازعاجا لليبراليين واخرين ممن يشعرون بالفعل بالقلق من النفوذ المتزايد للاسلاميين بعد أن اكتسحوا البرلمان وهيمنوا الآن على الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور الجديد للبلاد. ونقلت الوكالة عن دبلوماسي غربي، قوله «هذا الموقف ليس خرقا فحسب لوعودهم لكنه يمثل تحديا متعمدا للمجلس العسكري. تحول الجماعة عن موقفها يشير الى قلقها من أن يعرقل اخرون صعودها للسلطة». وأضافت رويترز أن السنوات التي أمضاها الشاطر في السجن قبل اسقاط مبارك يمكن أن تحول دون انتخابه لفترة من الوقت لكن الاخوان قالوا ان العقوبة لن تمنعه من الترشح. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» فى تقرير لها على موقعها باللغة الإنجليزية إن النفوذ السياسي لنائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، خيرت الشاطر زاد منذ أن أطلق سراحه فى العام الماضى، وأصبح الوجه العام لجماعة الإخوان لزيارة المسئولين الأجانب والمستثمرين. وأضاف التقرير أن ما يقلق الجماعة فى الوقت الحالى هو أن يفوز مرشحها خيرت الشاطر بالرئاسة ليخلف الرئيس السابق حسنى مبارك، رغم أنهم أعلنوا فى بداية العام الماضى عدم الدفع بمرشح للرئاسة، وعندما قرر عبد المنعم أبو الفتوح الترشح، تم فصله. وأكد التقرير أن أبو الفتوح يحظى بدعم شباب الجماعة، كما يحظى بدعم بعض المرشحين الإسلاميين الآخرين، وشكل ذلك تحديا لسلطة الإخوان المسلمين وإمكانياتهم التنظيمية الشهيرة، وصب عليهم انتقادات المعلقين. واختتمت بي بي سي بقولها «تبدو الأوضاع السياسية فى مصر الآن على حافة فترة اضطراب أخرى». من ناحية أخرى، حذرت مؤسسة كارنيجى الأمريكية للسلام الدولى من أن مصر تخاطر بتحولها إلى نموذج تركى يتصرف فيه الجيش بدعم من مؤسسات رئيسية أخرى والأحزاب العلمانية ضد الإسلاميين. وأضافت في تقرير اعدته مارينا أوتاوى وناثان براون حول الأزمة المتعلقة باللجنة التأسيسية للدستور، والتى تسببت فيها سيطرة الإسلاميين على اللجنة المكونة من 100 عضو ، وأوضح تقرير كارنيجى أنه في ظل الهزيمة السياسية التي لحقت بالأحزاب السياسية غير الإسلامية في انتخابات البرلمان وفي معركة تشكيل الجمعية التأسيسية، فإنها تتجه إلى المحاكم فى محاولة للتحدى نتائج الانتخابات. واضاف أن كلا من الدعوة القضائية الخاصة بقانون الانتخابات الذى تمت على أساسه الانتخابات البرلمانية، والدعوة الخاصة بالجمعية التأسيسية المنتخبة من قبل البرلمان من المرجح أن ينتهيا أمام الدستورية العليا، يمثلان مناورة لوقف سيطرة الأحزاب الإسلامية على المشهد السياسى. وأضاف التقرير أنه فى حال قضت المحكمة بعدم دستورية قانون الانتخابات وإبطال نتائج الانتخابات البرلمانية فإن البلاد ستدخل فى أزمة كبيرة، قد يبقى على أثرها المجلس العسكرى فى السلطة لعدة شهور مقبلة، أما إذا قضت بعدم دستورية الطريقة التى شكل بها البرلمان الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، فإن البلاد ستتجه سريعا نحو الانتخابات الرئاسية المقررة فى 23 و24 مايو وسط عملية انتقالية من الفوضى. وتساءل التقرير عما إذا كان المجلس سيستغل فرصة هذه الأزمة المفتعلة للتدخل وفرض عملية جديدة، كحل البرلمان وتشكيل نص دستورى خاص به أو على الأقل إضافة بعض البنود، وهو التهديد الذى ظهر فى الحرب الكلامية بين الإخوان والعسكرى. وأوضح أنه رغم أن الجنرالات لم يذهبوا حتى الآن لأكثر من التلميح بهذا، فإن احتمالات الانقلاب الدستورى قائمة ، واعتبر التقرير أن قرار المحكمة بخصوص القضيتين سيكون سياسيا للغاية بشكل مؤكد لأن مصر فى مأزق دستورى، خاصة بعد إلغاء دستور 1971. وأوضح أنه سيكون من المستحيل ما لم يكن من الصعب أن تقوم أكثر المحاكم استقلالا وحيادية بالبت فى دستورية أى قانون أو قرار لأنه من غير الواضح طبيعة الدستور الفاعل فى تلك المرحلة. وأضاف أن الرغبة في تجنب المواجهة ستدفع بمصر فى اتجاه مفاهيم النموذج التركى، أى جيش يبقى على تدخله فى الشأن السياسى بشكل مدمر وغير ديمقراطى وإن كان من الممكن التحكم فيه فى كثير من الأحيان مع وجود حزب إسلامى يستخدم شعبيته لتحريك المجتمع ببطء فى اتجاهه، ويستغل عجز المعارضة في الاختراق البطىء لجيوب الدولة والمجتمع التى تم منعه منها من قبل. وأوضح أن النتيجة لن تكون مثالية، لكنها أفضل من معركة تدور بين الدولة العميقة ضد حركة اجتماعية عميقة الجذور فى صراع حتى الموت. وأشار إلى أن أى سيناريو سيجعل الأحزاب العلمانية بين الخاسرين.