فى الوقت الذى تتزايد فيه الانتقادات لجماعة الإخوان المسلمين لاستحواذها على الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وبينما كان الجميع يتوقع أن تقدم الجماعة على عدد من الخطوات التكتيكية بهدف امتصاص حالة السخط والغضب التى عمت الشارع واشعل نارها الليبراليون والعلمانيون ووسائل الإعلام فى الأيام الماضية. تقدم الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب وعضو الجمعية التأسيسية لرئاسة الجمعية، وتم انتخابه من جميع الحاضرين البالغ عددهم 72 عضوا باستثناء عضو واحد. والحقيقة أن ترشح "الكتاتنى" القيادى البارز فى جماعة الإخوان المسلمين يعتبر سقطة كبيرة من الجماعة وربما أنها خطوة غير محسوبة، لأنه تعتبر استفرازا لهؤلاء المنسحبين من الجمعية والرافضين لهيمنة الإخوان عليها. وكان من الأفضل ألا يكون رئيس الجمعية من الإخوان المسلمين فى ظل هذه الظروف الملتهبة، كما أن "الكتاتنى" ليس له علاقة بالقانون أو الدستور من بعيد أو من قريب، باعتباره أستاذا فى العلوم، بغض النظر عن رئاسته لمجلس الشعب، والأمر الآخر أنه من غير المحبذ شكلا ومواءمة، الجمع بين رئاسة مجلس الشعب ورئاسة الجمعية التأسيسية. وإذا كانت حسابات حزب الحرية والعدالة صاحب الأغلبية فى البرلمان، أنه لا يجوز شكلا أن يجلس رئيس مجلس الشعب فى صفوف الأعضاء، باعتباره الأعلى مقاما من حيث المنصب بين الأعضاء، فإنه كان من الأجدر والأفضل، ان يتنازل "الكتاتنى" ويترفع عن ذلك، بل إنه كان سيحسب له هذا الأمر ويحسب لجماعة الإخوان، باعتبارها بادرة على عدم رغبة الجماعة فى الاستحواذ والهيمنة . وإذا كانت الجماعة أصرت على ترشيح "الكتاتنى" لإظهار القوة وأنها لا تعبأ بالانتقادات، وانها ماضية قدما فى مخططاتها للاستحواذ على كل شىء فتلك كارثة، تنذر باستمرار المواجهات بين القوى المختلفة، وبالتالى المزيد من الأزمات، والمتضرر هو المواطن. ويعتبر ترشح "الكتاتنى"، مفاجأة للجميع، حيث اعتقد عدد كبير من المراقبين أن الرئاسة ستترك لأحد فقهاء الدستور والتشريع من خارج جماعة الإخوان المسلمين ومن خارج أعضاء البرلمان، لإحداث نوع من التوافق والتراضى وامتصاص حالة الغضب فى الشارع، إلا أن الاخوان سلكوا مسلكا مغايرا، كما حدث بالنسبة لتشكيل الجمعية، عندما عدلوا موقفهم المبدئى من 40 عضوا من البرلمان مقابل 60 من خارجه، ليصبح 50 من الداخل و50 من الخارج، أى إنهم يميلون للتصعيد كلما اشتدت الانتقادات، وهو منهج جديد للجماعة، لا يقوم على الواقعية والبراجماتية المعهودة عن الإخوان، بل إنه يذكرنا بمنهج الرئيس المخلوع "حسنى مبارك" الذى كان يعاند الرأى العام ويعمل فى الاتجاه المعاكس.. حقا إنها سقطة كبيرة للإخوان ربما يكون ثمنها غاليا فى المستقبل.